لأن الحديث كثر مؤخرا في أروقة مجلس النواب ورئاسة الوزراء والصالونات عن اقتراب حل المجلس ، فإنه لا بد لي من إعادة الكرة والكتابة مجددا عن هذه القضية الساخنة .
فقد انتشرت الشائعات حتى بين النواب عن أسماء بعينها قد تتسنم دفة المسؤولية عقب الدكتور النسور في حال حل المجلس ، منها رئيس سلطة العقبة السيد هاني الملقي ، ورئيس مجلس النواب الأسبق المهندس سعد هايل السرور ، وغيرهما من أسماء لا زالت تظهر وترتفع وأحيانا تنخفض وفق بورصة الأسماء ومزاجية الأردنيين .
كثيرون لا يعلمون أن الدستور منح الملك صلاحية تمديد المجلس لمدة لا تقل عن عام ولا تزيد عن عامين ، ولكن في حال حل المجلس ، فإنه يتوجب إجراء الإنتخابات في غضون أربعة أشهر من تاريخ الحل ، وبموجب الفقرة الثانية من المادة 74 من الدستور فإن الحكومة التي يحل المجلس في عهدها يجب أن تستقيل في غضون أسبوع من تاريخ الحل ، والمهم هنا : أنه لا يجوز إعادة تكليف الرئيس الذي حل المجلس في عهده بإعادة تشكيل الحكومة التي تلي الحل ، أي أن الزواج بين الحكومة الحالية والمجلس السابع عشر هو زواج دائم لا فكاك منه بمبادرة من أي من الطرفين ، إذ إن التعديلات الدستورية ضمنت أن لا يبغي أحدهما على الآخر ، لأن مصيرهما واحد ، ومن أجل ذلك ، فإن الحكومة غير راغبة في حل المجلس ، لأنها ستحل بذلك نفسها ، وكذلك فإن المجلس لن يطرح الثقة بالحكومة حتى لو توفرت الأكثرية المطلقة من مجموع عدد أعضائه ،لأنها في النهاية حكومة الملك، وإن فعلها المجلس فسوف يذهب النواب جميعا إلى بيوتهم زرافات ووحدانا وفق ما يرى كثيرون ، وبمثل هذه المعادلة ، فإن جلالته هو الذي يوازن ويقرر ، أما الأسماء التي يتم تداولها فهي ” عادة ” درج الأردنيون عليها منذ سنوات ، ولكن وتيرتها بدأت تخف في الآونة الأخيرة، لأن تسلم رئاسة الحكومة في ظل المديونية واستحقاقات تحمل المسؤولية باتت غير مشجعة لكثيرين ، وهذا هو واقع الحال في الأردن الآن ، أما السيدان المذكوران ، وفي حال صدقت الشائعات ، فليس لي علم بسرائرهما .
ووفقا للفقرة الثانية من المادة 68 من الدستور فإنه : ” يجب إجراء الإنتخاب خلال الشهور الأربعة التي تسبق انتهاء مدة المجلس ، فإذا لم يكن الإنتخاب قد تم عند انتهاء مدة المجلس ـ أو تأخر بسبب من الأسباب فإن المجلس يبقى قائما حتى يتم انتخاب المجلس الجديد ” .
وهذه الفقرة تحدد أن الدستور لم يغيب مجلس النواب لأي سبب من الأسباب على اعتبار أن سلطات الدولة ثلاث : التنفيذية ، والتشريعية ، والقضائية ، أما ما كان يجري في السابق من فراغ دستوري درجت عليه الحكومات ، فليس سوى بوحي من العادة والعرف ، بعيدا عن النص كما رأينا .
وكما قلنا : فإن كثيرين يرتؤون أن المجلس سيستمر حتى انتهاء ولايته ، ولكني أقول : إن هذا الأمر يحدده الدستور الذي يحتكمون إليه ، وهو ذات الدستور الذي منح الملك صلاحية حل المجلس في الفقرة الثالثة من المادة 34 وفق عبارة صريحة ومباشرة ومفتوحة تقول نصا : ” للملك أن يحل مجلس النواب ” .
هكذا قلنا ذات مقال ، وهكذا أوضحنا ما قلناه سابقا في هذا المقال ، بعد مراجعات تلقيناها من كثير من الأصدقاء، وعليه : فإن العلاقة بين المجلس والحكومة هي زواج دائم ومصير مشترك .