عروبة الإخباري- عاد زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر الى الواجهة السياسية بقوة بعد تصاعد الاحتجاجات الشعبية التي بلغت ذروتها باعتصام انصاره امام مداخل المنطقة الخضراء المحصنة وسط بغداد.
ويتحدر الصدر من عائلة دينية بارزة من مدينة النجف المقدسة، وبرز وهو في الثلاثينات كقائد مناهض للوجود الاميركي في العراق.
وانحسر تأثير الصدر نسبيا بعد انسحاب القوات الاميركية في العام 2011، لكنه احتفظ بنفوذ كبير في صفوف الطبقة الكادحة، وهو الان يضع نفسه في طليعة مقارعي الفساد المستشري في البلاد.
وقال الصدر الذي دعا انصاره الى التظاهر ومن ثم الى الاعتصام امام بوابات المنطقة الخضراء المحصنة التي تضم مقرات الحكومة مطلع الشهر الجاري “هذا هو يومكم لقلع الفساد والمفسدين”.
ورغم الرفض الحكومي والاجراءات الامنية المشددة، توجه الالاف من انصار التيار الصدري للتظاهر والبدء باعتصام مفتوح عند المداخل الرئيسية للمنطقة الخضراء، حيث مقر الحكومة ومجلس النواب وسفارات اجنبية بينها الاميركية والبريطانية.
واكد الصدر عبر بيانات متكررة، ان الهدف من الاحتجاجات والاعتصام، تشكيل حكومة تكنوقراط بدلا من الحكومة الحالية التي يقودها سياسيون على شكل محاصصة طائفية، ويعملون من اجل مصالح الاحزاب السياسية التي تسيطر على البلاد.
وقامت الرئاسات الثلاث في البلاد، الجمهورية والوزراء والبرلمان، باجراء مباحثات بهدف التوصل الى اتفاق سياسي يرضي جميع الاطراف.
وترفض الاحزاب السياسية خلف الكواليس التخلي عن نفوذها وصلاحياتها ومناقشة اقتراح رئيس الوزراء حيدر العبادي لبحث تغييرات حكومية، لكنها تؤكد علنا دعمها للاصلاحات.
وامهل الصدر رئيس الحكومة في 13 شباط (فبراير) الماضي 45 يوما للقيام باصلاحات حكومية. ويفترض ان تنتهي هذه المهلة في غضون اسبوع.
وادى الاعتصام الذي انطلق الجمعة، ورافقته اجراءات امنية مشددة الى شل الحركة في عموم بغداد. ووصف احمد علي من معهد الدراسات الدولية في الجامعة الاميركية في العراق، الامر ب”التصعيد الخطير”.
بدوره، راى عصام الفيلي استاذ العلوم السياسية في جامعة بغداد، ان “الصدر بدأ بهذا الامر ولن يقف صامتا بعد الان ، ويريد ان يمضي قدما”.
منذ تولي العبادي رئاسة الحكومة عام 2014، ورغم التأييد الذي حظي به من المرجع الشيعي الاعلى اية الله علي السيستاني، لم يتخذ اجراءات حازمة تدفع البلاد نحو اصلاح فعلي.
وفي حال تحققت اصلاحات الان، ستبدو انتصارا للصدر. ويقول احمد علي ان “التيار الصدري يريد ان يعود بقوة الى الساحة السياسية في العراق”.
واغلب التيارات الشيعية في العراق موالية لايران، فيما يسعى التيار الصدري الى لعب دور وطني على مستوى البلاد.
ورغم الاوضاع السياسية المتقلبة في العراق، يحتفظ الصدر (42 عاما) بقاعدة شعبية واسعة اكثر من تلك التي يمتلكها اخرون في البلاد.
ويقول كيرك سويل الذي يصدر نشرة متخصصة حول العراق ان “الصدر بدأ هذا (الاعتصام) في محاولة لقيادة التحركات الاحتجاجية المطالبة بمكافحة الفساد”.
واعلن الصدر براءته من وزراء يمثلون التيار الصدري مازلوا يشاركون في الحكومة العراقية التي تتهم بانعدام الكفاءة وتعاني من الفساد بشكل واسع.
ويرى الفيلي ان “الحل يجب ان ياتي من جميع الاطراف السياسيين، الذين عندما سيدركون ان لديهم ما يكفيهم من نفود في البرلمان، قد يوافقون على تشكيل حكومة تكنوقراط”.
واهم ما يتميز به الصدر هو عدم القدرة على التكهن بما يمكن ان
يقوم به.
ويقول سويل “مستحيل ان نعرف الى اين تسير الامور (…) لكن ما يحصل قد يساعده لكي يكون القائد الشعبي الذي يريده ان يكون”.
وانتقد الصدر في بيان السبت “ضعف التغطية الإعلامية من قبل الاعلامين العربي والدولي، لأهم حدث في العراق، وهو الاعتصام الوطني السلمي”.-(ا ف ب)