تتصدى أمانة عمان لتنفيذ سلسلة من المشاريع للتخفيف من الأزمات المرورية الخانقة، وتحسين مستوى النقل العام في العاصمة. قريبا، سينتهي العمل بمشروع تقاطع وادي السير الذي يساهم إلى حد كبير في تخفيف الاختناقات المرورية عند واحد من أكثر التقاطعات المرورية ازدحاما.
وفي مناطق أخرى من العاصمة، يجري العمل على تنفيذ مشاريع مماثلة. وفي الأثناء، تستعد “الأمانة” لبدء العمل في مشروع الباص السريع الذي توقف لسنوات من دون مبرر.
هذه المشاريع، على أهميتها وضرورتها، لا تكفي إذا لم يواكبها عمل مستمر لتحسين شبكة الطرق القائمة في العاصمة. بصراحة؛ حال شوارع عمان تصعب على الكافر!
انسوا الشوارع العريضة في المناطق التي تضم مؤسسات مهمة للدولة، أو منازل مسؤولين رفيعي المستوى؛ فهي في أحسن حال دائما، وتنال عناية “خمس نجوم”.
خذ يمينك عند مجمع جبر التجاري، وتجول في الشوارع الفرعية وسط مربع تجاري يضم عدة مجمعات، ستحمد ربك إذا ما خرجت سيارة سالمة؛ حفر بحجم سيارة صالون صغيرة، تشققات وكأن زلزالا ضرب المنطقة. الإضاءة تكاد تكون معدومة تماما، ناهيك عن أكوام القمامة.
هذا المربع التجاري ليس استثناء؛ اقصد أي شارع خلفي من شوارع عمان الغربية وسترى العجب العجاب. أتحدى أن يكون في عمان شارع واحد من دون حفر وتشققات، وبعضها لم يمض على تعبيده أكثر من سنة.
والسياسة المعتمدة من فرق أمانة عمان لإصلاح الشوارع هي الترقيع. لكنها سياسة كارثية بحق؛ فقبل أن يمضي شهر واحد على ترقيع شارع، يعود إلى وضع أسوأ مما كان عليه من قبل. حتى الآن، لم أشاهد منطقة جرى ترقيعها عادت إلى نفس مستوى الشارع. ومع تعدد الترقيعات وتكرارها، يصبح لدينا شارع بتضاريس متنوعة، تصعد وتهوي فيه المركبات وكأنها في ماراثون على طريق صحراوي.
وثمة مشكلة تعجز عقول “الأمانة” المتخصصة في هندسة الطرق عن حلها، وهي أن تكون المناهل بمستوى الشوارع؛ فباستثناء عدد قليل من الشوارع المحظوظة في عمان، يندر أن تجد شارعا تستوي فيه المناهل مع الخلطة الإسفلتية، فتتحول هذه الفتحات إلى مطبات وحفر تدفع بسائقي المركبات إلى التنقل من مسرب لمسرب تفاديا للسقوط فيها.
الأمر هنا لا يتعلق بشح الموارد وعجز الميزانيات، بل بالكفاءة في إدارتها، وحسن التنفيذ، ونوعية الأعمال ومدى مطابقتها للمواصفات. لم نعد نولي هذه الأمور الأهمية اللازمة؛ صار همنا التنفيذ بسرعة والسلام. مع أن هذه الطريقة في العمل تستنزف الموارد الشحيحة أصلا.
الحياة في عمان لم تعد سهلة؛ المدينة تنمو بشكل متسارع، وشوارعها تضيق بسيل المركبات المتدفق كل يوم، ولا نملك الموارد الكافية لمواجهة التحولات الديموغرافية، وليس لدينا بعد سياسة مجرّبة في مجال النقل العام؛ إذ ما نزال نتلمس طريقنا.
يتعين على المسؤولين إزاء هذه الحال التخفيف من مصاعب الحياة التي تواجه الناس، وليس أقلها توفير شبكة طرق آمنة ومريحة. فذلك، من وجهة نظري، أهم من المشاريع العملاقة؛ جسورا وأنفاقا. باختصار؛ نريد “زفتة” مقبولة لشوارع الأحياء السكنية والتجارية. هل “الزفتة” باتت مطلبا صعب المنال؟