أكثر ما أثار القلق من نتائج مؤتمر لندن للمانحين، هو خوف البعض من منافسة السوريين العمال الأردنيين على فرص العمل المتاحة والشحيحة أصلا. لكن تفاصيل ما التزم به الأردن من تعهدات للمانحين في لندن لا تدعم وجهة نظر المتخوفين.
وأخذ النقاش حول هذا الملف، أمس، حيزا واسعا من لقاء رئيس الوزراء د. عبدالله النسور ولفيف من وزرائه المعنيين، مع رؤساء تحرير صحف يومية وكتاب.
في الواقع، هناك ما يزيد على 150 ألف سوري يعملون بشكل غير قانوني في السوق الأردنية، وفي مهن لا يُقبل الأردنيون على معظمها. الجهات المسؤولة لم تكن تعترف بهؤلاء رسميا، وبعد مؤتمر لندن ستعمل على قوننة عملهم، شرط أن يتوافق مع السياسة المتبعة حيال العمالة الوافدة؛ أي معاملتهم معاملة العمال المصريين مثلا.
وهذا الأمر سيمكّنها من تحصيل مبالغ مالية بعشرات الملايين مقابل تصاريح العمل، وسواها من الرسوم والضرائب.
أما بشأن توفير فرص عمل جديدة لعمال سوريين، فإن الاتفاق مع المانحين ينص على اقتصارها في خمس مناطق تنموية، وبنفس النسب المتفق عليها مع القطاع الخاص عند تشغيل العمالة الوافدة؛ بمعنى أن المجال متاح أمام السوريين لمنافسة العمال الوافدين من جنسيات أخرى على الوظائف المتاحة، وليس منافسة الأردنيين. كما أن المهن المغلقة للأردنيين حسب القانون، ستبقى مغلقة على السوريين أسوة بجميع الوافدين.
وفي اعتقادي أن المناطق التنموية الخمس التي سيتاح للسوريين منافسة الوافدين على العمل فيها، لم تعد قادرة على توفير فرص عمل من أساسه، لا بل إن عددا منها تبدو مناطق مهجورة وليست تنموية.
في مجال التعليم، تعهد المانحون بتقديم مليار دولار على مدار ثلاث سنوات لبناء مدارس جديدة لمواكبة الزيادة الكبيرة في أعداد الطلبة، وجلهم من السوريين. لكن رئيس الوزراء أكد أن المدارس المنوي إقامتها سيتم توزيعها بشكل عادل على جميع مناطق المملكة.
وفي كل الأحوال، مثل هذه المشاريع مكسب للأردن؛ فأغلب اللاجئين السوريين إن لم يكن جميعهم سيعودون إلى بلادهم عاجلا أم آجلا، ولن يأخذوا المباني المدرسية معهم بكل تأكيد.
والأمر ذاته ينطبق على المشاريع المقررة في القطاع الصحي، إضافة إلى المنح والتسهيلات المقدمة للأردن، والتي ستسهم في تحسين أوضاع المالية العامة للدولة، وتحد من فجوتها التمويلية.
ويوفر الاتفاق مع الاتحاد الأوروبي حول قواعد المنشأ، فرصة نادرة للصادرات الأردنية لدخول الأسواق الأوروبية، ورفع حجم الصادرات الأردنية التي لا تتجاوز الربع مليار دينار حاليا.
كان وصف د. النسور للمؤتمر دقيقا عندما قال إنه تحول إلى مؤتمر لدعم المستضيفين وليس اللاجئين كما كان مخططا له في البداية.
السؤال الذي حظي بنقاش في لقاء الرئيس، هو المتعلق بمدى التزام الدول المانحة الوفاء بالتزاماتها.
رغم حرص د. النسور والوزراء المشاركين في اللقاء على عدم رفع سقف التوقعات، إلا أن رئيس الوزراء أكد وجود ضمانات بريطانية بتحقيق وعود لندن. وفي كل الأحوال، تنفيذ ما التزم به الأردن مرهون بترجمة بيان المؤتمر إلى حقائق ملموسة.