لا يدلل على مدى تعقّد الوضع المالي للخزينة العامة، أكثر من معلومات تؤكد أن ديناً، لأكثر من جهة تمويلية، تقترب قيمته من 6 مليارات دولار يستحق السداد خلال العام الحالي. وعلى الحكومة إيجاد طريقة للقيام بذلك، ستكون على الأغلب بإعادة جدولة جزء من المبلغ.
الحراك الدبلوماسي السياسي المكثف في مؤتمر لندن للمانحين، ركز في جوانبه على ضرورة تأمين تمويل ميسر لمساعدة الأردن على سد الفجوة التمويلية التي واجهها في ضوء موازنات الأعوام 2016-2018.
والدين المستحق للعام الحالي سيتم، غالباً، سداد جزء منه من خلال القروض الميسرة التي سيقدمها الاتحاد الأوروبي للمملكة خلال السنوات المقبلة بعد مؤتمر لندن، والتي تقدر قيمتها بحوالي 5.7 مليار دولار، تتوزع على ثلاث سنوات. أو ربما تبحث الحكومة عن جهات أخرى لحل هذه المشكلة التي تشغلها كثيرا.
المعلومات بالتفصيل تتمثل في أن الأردن تمكن في لندن من الحصول على تمويل لمساعدة المملكة في سد فجوة التمويل، من خلال تمويل ميسر بشكل كبير بحوالي 1.9 مليار دولار للعام 2016، يتم تكراره للعامين 2017 و2018؛ بمعنى 5.7 مليار دولار تمويلا ميسرا إجماليا للفترة 2016-2018، بدل الاقتراض المكلف.
لكن ذلك سيعني بالتأكيد أن المديونية العامة، بحملها الثقيل وهي تقترب من 25 مليار دينار، ستنمو بالمقدار ذاته خلال السنوات الثلاث المقبلة؛ إن كان التمويل ميسرا أو حتى من دون فوائد. الأمر الذي يعني أن الأردن سيبقى يتحمل من أمواله جزءا كبيرا من كلف اللاجئين السوريين الذين تنفق عليهم الموازنة ربع قيمتها.
أيضا، تتلخص بعض نتائج مؤتمر لندن بالنسبة للأردن، كما ذكر وزير التخطيط والتعاون الدولي، في إمكانية الحصول على منح إضافية بقيمة 700 مليون دولار سنويا، ولمدة ثلاث سنوات، أي بإجمالي يصل مليارين و100 مليون دولار (مليار ونصف المليار كحد أدنى) ستخصص للاستثمار في مجتمعاتنا المستضيفة للاجئين، وفق متطلبات خطة الاستجابة الأردنية 2016-2018.
الوزير أشار إلى أن ثمة منحاً أخرى قيمتها 300 مليون دولار سنوياً على امتداد الفترة 2016-2018، لدعم الفجوة التمويلية، أي بإجمالي 900 مليون دولار للسنوات الثلاث. لكنه لم يوضح ما إذا كان هذا الرقم ضمن الـ700 مليون دولار أم لا. هذا إلى جانب الالتزام بتمويل يقارب مليار دولار إضافي كنفقات إضافية في قطاع تقديم الخدمات التعليمية للأشقاء السوريين الموجودين على أرض المملكة، لتعويض الخزينة عن تلك الأعباء. وهذا الرقم أيضا لم يؤشر إن كان هذا القرض من ضمن الرقم الإجمالي أم لا.
من ناحية أخرى، لا تبدو الفرصة كبيرة لتحقيق قفزة سريعة وكبيرة في حجم الصادرات الأردنية إلى السوق الأوروبية، رغم أن الاتحاد الأوروبي أعلن، من حيث المبدأ، أنه سيخفف قواعد المنشأ، وسيبدأ التفاوض مع المملكة في الأشهر المقبلة لإعطاء فترة انتقالية مدتها عشر سنوات.
لكن المنجز الحقيقي لتحقيق النوايا سيظهر من خلال حجم الاستثمارات الأوروبية الجديدة، لتوفير مئات الآلاف من فرص العمل في السنوات المقبلة للأردنيين والسوريين.
وبما أن الأوروبيين مرعوبون من لجوء السوريين لبلادهم، فإن من واجبهم إنشاء الاستثمارات، أقله حتى يتمكنوا من ضمان قوننة عمل السوريين وتنظيمه، رغم أن النتائج الأولية تشير إلى أن غالبية المساعدة هي قروض سيتحملها آخرا الأردنيون وأجيالهم المقبلة.
الفجوة التمويلية بحسب التقديرات الأردنية لمساعدة اللاجئين، تبلغ 2.7 مليار دولار. وهذه يبدو أن اجتماع لندن وفرها، لكن ليس بتخليص الأردن منها تماما عبر تقديم منح مالية تساوي هذا الرقم بالكامل؛ بل من خلال تقديم جزء يسير منه كمنح (700 مليون دولار سنوياً)، فيما ما تبقى قروض سيتحملها الأردن (1.9 مليار دولار سنويا).
كبر حجم القروض مقارنة بالمنح، يُظهر أن العالم لم يشعر بعد بمسؤوليته الحقيقية تجاه اللاجئين، وحجم معاناتهم ومن يستضيفهم. وعلى الأوروبيين توقع مزيد من حركة اللجوء نحوهم، لأن ما قدموه لا يكفي.