*أمثل شعبي الأردني وأمنه ورفاهه قمة أولوياتي
* واحد من كل 5 يعيشون بالأردن هو لاجئ سوري وهذا يوازي استيعاب المملكة المتحدة لسكان بلجيكا
* سيواصل بلدنا فعل ما بوسعه لمساعدة المحتاجين لكن ذلك لن يكون على حساب قوت شعبنا ورخائه
* استضافة اللاجئين تستنزف أكثر من ربع موازنتنا.. وأرى القلق والإنهاك بعيون أبناء شعبي من تحمل تبعات الأزمات
* بدخول المجتمع الدولي للشراكة مع الأردن ودعمه مساعدة لبلدي على الاستمرار بتحمل مسؤولية مهمة نيابة عن العالم
عروبة الإخباري – أكد جلالة الملك عبدالله الثاني إن استضافة اللاجئين السوريين “تستنزف أكثر من ربع موازنة الأردن” باستقباله 1.3 مليون لاجئ، مشددا جلالته، مخاطبا المجتمع الدولي، أنه “جاء الوقت المناسب والحاسم لكي يتخذ العالم موقفا جادا ومنصفاً تجاه الأردن”، و”يتجاوز مجرد تقديم العون الذي لا يكاد يفي باحتياجاتنا الأساسية، وبالكاد يمكننا من الاستمرار”.
ودعا جلالته، في كلمة القاها الخميس، بحضور جلالة الملكة رانيا العبدالله، في الجلسة الافتتاحية لأعمال مؤتمر لندن للمانحين: “دعم سورية والمنطقة” بمشاركة عدد من قادة العالم، وممثلي المنظمات الإنسانية والإغاثية الدولية، إلى تجاوز “الأساليب التقليدية لمعالجة الأزمات”، التي “لم تعد ناجعة في مواجهة التحديات الخطيرة التي نواجهها”، مشددا جلالته على اننا “بحاجة إلى عمل أوسع نطاقا وأكثر جرأة”.
ولفت جلالته الى ان الاردن وشركاؤه يتقدمون اليوم باقتراح “نهج جديد يستجيب لأزمة طال أمدها (الأزمة السورية)، عبر اجتراح حلول مستدامة. وقال ان “هذا النهج الشمولي، الذي نقترحه، يرتكز على الاستثمار وتحفيز النمو، وليس الاتكاء فقط على المساعدات والإغاثة.
وأشار جلالته في كلمته إلى حجم المعاناة التي يتحملها الاردنيون واقتصادهم جراء تواصل أزمة اللجوء السوري، وقال “وفي هذه الأيام الصعبة، وحين أنظر في وجوه أبناء وبنات شعبي، فإنني أرى القلق في عيونهم، والإنهاك من تحمل تبعات الأزمات”. وشدد جلالته “لقد وصلنا إلى حدود طاقتنا القصوى على التحمل. وبحديثي إليكم اليوم، فإنني أمثل شعبي الأردني، وأمنهم ورفاههم قمة أولوياتي”.
واستدرك الملك بالقول “ولسوف يستمر بلدنا بفعل ما بوسعه لمساعدة المحتاجين، لكن ذلك لن يكون على حساب قوت شعبنا ورخائه”.
وأكد جلالته أن دخول المجتمع الدولي والدول المانحة بهذه الشراكة مع الأردن، وبدعم جهود الاستجابة الأردنية لأزمة اللاجئين، فأنه يساعد الأردن ليس فقط على تأمين المساعدة الضرورية للملايين، بل يساعد الأردن على “تحمل مسؤولية مهمة على مستوى الإقليم، نيابة عن العالم أجمع”.
ولفت جلالته الى المساهمة الاردنية الكبيرة في حفظ الامن العالمي، وبما يفوق ما قدمته دول نامية اخرى، وقال” إن مساهمتنا وتمسكنا بمبادئ السلام والاعتدال هي أمور ثابتة لا تتزعزع، وكذلك هو تصميمنا على الاستمرار في الإصلاحات الاقتصادية والسياسية، فهو راسخ وعميق أيضاً”.
وفيما يلي النص الكامل لكلمة جلالة الملك:
بسم الله الرحمن الرحيم، السيد رئيس الوزراء ديفيد كاميرون، سمو الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح، المستشارة أنجيلا ميريكل، رئيسة الوزراء إرنا سولبيرغ، الأمين العام بان كي مون، أتقدم بداية بجزيل الشكر للمملكة المتحدة ولشركائكم على استضافة هذا المؤتمر، الكويت وألمانيا والنرويج والأمم المتحدة بالطبع، وعلى قيادة هذا الجهد المهم.
رغم أننا نلتقي اليوم في هذا المؤتمر للمانحين تحت شعار “دعم سورية والمنطقة”، إلا أنني على قناعة أن اجتماعنا يتجاوز في أهدافه قياس مستوى استعدادنا لتقديم المساعدة والدعم فقط.
ففي هذه المرحلة التاريخية المهمة، ونحن نواجه أشد الأزمات الإنسانية مأساوية، يأتي لقاؤنا الذي يعد اختبارا لعزيمتنا وقدرتنا على القيام بالعمل الصحيح.
تدخل الأزمة السورية عاما سادسا قاسيا، ويتواصل سفك الدماء والمعاناة الإنسانية بلا توقف. لقد اتخذت تداعيات الأزمة طابعا دوليا، لتشكل تحديا أمام التحالفات الاقتصادية والسياسية، ولتثير أسئلة حول أسس التعاون القائمة، ولتولد ضغوطا على القيم الاجتماعية التي تربط مجتمعنا الإنساني بأسره.
أصدقائي، إن الأساليب التقليدية لمعالجة الأزمات ما عادت، وبكل وضوح، ناجعة في مواجهة التحديات الخطيرة التي نواجهها. وعليه، فنحن بحاجة إلى عمل أوسع نطاقا وأكثر جرأة.
يتقدم الأردن وشركاؤه في العالم، اليوم، باقتراح نهج جديد يستجيب لأزمة طال أمدها، عبر اجتراح حلول مستدامة. وهذا النهج الشمولي، الذي نقترحه، يرتكز على الاستثمار وتحفيز النمو، وليس الاتكاء فقط على المساعدات والإغاثة. إنه نهج يعطي الأولوية لتمكين اللاجئين واعتمادهم على الذات، بدلا من الاتكال على المساعدات؛ نهج يجمعنا كشركاء: دولا وأقاليم وقطاعا خاصا ومؤسسات مالية دولية لبناء نموذج عمل فعال ومستدام.
وهنا، علينا أن نجيب على السؤال التالي: لماذا يجدر منح الأردن أهمية خاصة دون دول العالم الأخرى المحتاجة للدعم؟ الأردن ليس بلدا فقيرا يطلب الدعم، بل هو بلد معطاء، وكريم بسخاء. لكن لكم أن تتخيلوا لو أن الأردن تصرف بطريقة مغايرة، ولم يسمح للاجئين بدخول بلدنا على مدار العقود الماضية. ماذا سيكون أثر ذلك على المنطقة الآن، وعلى السلم والأمن العالميين؟ نعيش اليوم واقعا مفاده أن واحدا من كل خمسة أشخاص يعيشون في الأردن هو لاجئ سوري، وهو ما يوازي استيعاب المملكة المتحدة لسكان بلجيكا جميعا.
إن استضافة اللاجئين السوريين تستنزف أكثر من ربع موازنة الأردن. وفي حين نجد أن الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، اللذين يفوق حجم اقتصاديهما مجتمعين اقتصاد الأردن ألف ضعف تقريبا، يكافحان للتعامل مع قرابة مليون لاجئ، نجد بلدنا الصغير قد استوعب، ولوحده، 3ر1 مليون لاجئ تقريبا، ناهيك عن غيرهم ممّن لجأوا للمملكة هرباً من حروب الخليج، والصراع الفلسطيني – الإسرائيلي، والنزاع في ليبيا واليمن وأزمات أخرى. ولنضيف إلى كل ذلك الأقليات المسيحية ممن لجأوا إلى الأردن هرباً من الاضطهاد.
لقد ضربت الموجة الأولى من اللاجئين السوريين الأردن في أعقاب الآثار السلبية للأزمة الاقتصادية العالمية، والاضطرابات التي صاحبت الربيع العربي في المنطقة. وفي مواجهة كل هذه التحديات، قام الأردن، وكعهده دائما، بما هو صحيح.
إن ما نبديه من كرم تجاه ضيوفنا هو ترجمة لقيمنا الأردنية الأصيلة، فيما تعزى قدرتنا على الصمود إلى ما نتمتع به من منعة وقوة لتدارك الصعاب، وهو ما مكننا من حفظ بلادنا آمنة ومستقرة. وهذه القيم هي نفسها التي مكنت الأردن من الاستجابة لنداء الاستغاثة من جيراننا في محنتهم، وتلبية نداء المجتمع الدولي كذلك. وعليه، فقد انضم الأردن لدول أكبر وأكثر قدرة منا بكثير في جهود حفظ السلام وغيرها من المهمات الإنسانية.
وأكاد أجزم هنا أنه لا توجد دولة نامية أخرى ساهمت أكثر من الأردن في حفظ الأمن العالمي. فقد بدأت معركتنا ضد الإرهاب قبل أحداث الحادي عشر من ايلول (سبتمبر) بفترة طويلة، وهي مستمرة اليوم وبعزيمة لا تلين. إن مساهمتنا وتمسكنا بمبادئ السلام والاعتدال هي أمور ثابتة لا تتزعزع، وكذلك هو تصميمنا على الاستمرار في الإصلاحات الاقتصادية والسياسية، فهو راسخ وعميق أيضاً. ونحن نؤمن بأهمية تمكين القطاع الخاص وتوسيع دوره. فمن خلال دعم الأعمال الريادية والاستثمارات، سنتمكن من إطلاق الفرص لمستقبل أفضل للأردنيين والأردنيات. إننا لا ندعي الكمال، ولكننا نبذل قصارى جهدنا لمواجهة ظروف في غاية التعقيد.
وفي هذه الأيام الصعبة، وحين أنظر في وجوه أبناء وبنات شعبي، فإنني أرى القلق في عيونهم والإنهاك من تحمل تبعات الأزمات. وعليه، أقول لكم جميعا: لقد وصلنا إلى حدود طاقتنا القصوى على التحمل. وبحديثي إليكم اليوم، فإنني أمثل شعبي الأردني، وأمنهم ورفاههم قمة أولوياتي. ولسوف يستمر بلدنا بفعل ما بوسعه لمساعدة المحتاجين، لكن ذلك لن يكون على حساب قوت شعبنا ورخائه.
وكما سبق، وقال صديقي الرئيس (الأميركي السابق بيل كلينتون): “فإنه لا ينبغي أن يُعاقب الأردن لقيامه بما هو صحيح”. والآن جاء الوقت المناسب والحاسم لكي يتخذ العالم موقفا جادا ومنصفاً تجاه الأردن، موقفا يتجاوز مجرد تقديم العون الذي لا يكاد يفي باحتياجاتنا الأساسية، وبالكاد يمكننا من الاستمرار.
إنكم، وبدخولكم في هذه الشراكة مع الأردن وبدعمكم لجهود استجابتنا لأزمة اللاجئين، فأنتم لا تقومون فقط بتأمين المساعدة الضرورية للملايين، بل إنكم تساعدون بلدي على الاستمرار في القيام بما هو صحيح: وهو تحمل مسؤولية مهمة على مستوى الإقليم، نيابة عن العالم أجمع.
إن هذا الجهد يمثل استثمار البناء والأمل في منطقة بات الشعور فيها بالأمل أمرا نادرا. وعليه، يمكننا اليوم، ومن هذا المكان تحديداً، اتخاذ موقف سياسي يدعم الاستقرار في المنطقة، ويثبت إصرارنا وعزيمتنا على العمل معا.
أشكركم.
وكانت الكويت وبريطانيا وألمانيا والنرويج أعلنت عن انعقاد المؤتمر اثر ارتفاع حدة معاناة الشعب السوري، والقلق من تدني مستوى تقديم الدعم رغم نداءات الأمم المتحدة الإنسانية.
وهدف المؤتمر إلى زيادة الدعم المقدم للدول المستضيفة للاجئين السوريين لتمكينها من تحمل أعباء أزمة اللجوء، فضلا عن سعي المؤتمر لإيجاد حلول تمويلية ميسرة طويلة الأمد من شأنها تلبية احتياجات هذه الدول، وفي مقدمتها الأردن، على المدى البعيد.
وكان جلالة الملك أجرى لقاءات قصيرة قبيل الجلسة الافتتاحية للمؤتمر مع الرئيس الأذربيجاني إلهام علييف، ورئيس وزراء التشيك بوهيسلاف سوبوتكا، ووزير الخارجية الأمريكي جون كيري، ووزير الخارجية العراقي إبراهيم الجعفري. -(بترا)
http://www.youtube.com/watch?v=xYPZAR7Yk5c