عروبة الإخباري – بقلم النائب ردينه العطي
جلالة الملك المفدى ، خطوتان إلى الأمام
الحكومة ،خطوتان إلى الوراء
منذ زمن وجلالته يؤكد على بعدين أساسيين ؛ الأول خارجي ينبع من أهمية مؤتمر لندن للمانحين واستحقاقاته الاستثنائية وأنه لن يكون مؤتمرا تقليديا أو مكررا من حيث الشكل والنتائج .
ومن هنا قام جلالته بجهد هائل من أجل شرح رؤيا الأردن داخليا وخارجيا حول أنجح الطرق لمعالجة أزمة اللاجئين وتداعياتها الإقليمية والدولية ،وأن هذه التداعيات أخذت تتسع لتطال الأمن والسلم الدوليين ولم تعد تداعياتها الاجتماعية و السياسية وخاصة الاقتصادية تمس دول الجوار بل ما بعد الجوار وستتسع دائرة تأثيرها حتى تصل العالم بأسره. مما يعني أن هذا المؤتمر مؤتمرا سياسيا في امتياز و تحدد ملامحه جدلية الترابط بين الاقتصاد والسياسة وتجلياتها، ولذلك نريد قرارا سياسيا من المؤتمرين في مساعدة دول الجوار المحتضنة للاجئين.
إذا ؛ الخطوة الأولى إلى الأمام و هي (العمل على تعميق الطابع السياسي لمؤتمر المانحين) ،
وترجمة تلك الخطوة لللاجئين وذلك يأتي من خلال تبني وتطبيق المبادرة الأردنية الشاملة للمؤتمر والقائمة على إحلال الاستثمارات الإنمائية والاقتصادية بدل المنح ، والهبات من أجل استثمار مستدام لا يرتهن مع التحولات السياسية الداخلية أو الخارجية أو الاقتصادية للدول المانحة ، ويعطي أملا في العيش الكريم لللاجئين من خلال توسيع دائرة العاملين في هذه المشاريع من اللاجئين ويساعد هذه الدول على تحمل أي امتدادات زمنية لحل الأزمة.
وهذه الخطوة الثانية إلى الأمام وهي ( التخلص من المحاصرة المالية آنية النتائج إلى التنمية المستدامة بعيدة المدى )
أما البعد الثاني وهو داخلي ؛ فقد أكد جلالته وكرر في كثير من خطاباته ولقاءاته على ضرورة إسناد حكومي من خلال المباشرة في بناء قاعدة مصرفية ومالية توظف هذه الرسائل الإنمائية في صندوق أردني الفكرة و المنشأ، دولي التمويل وهو “صندوق الاستثمار”
من أجل زيادة الضغط لإنجاز تحول دولي نوعي في طريقة التعامل مع مشكلة اللاجئين ليس في منطقتنا فحسب وإنما في كل مكان في العالم تحدث فيه أحداثا سياسية أو اقتصادية أو طبيعية تؤدي إلى كوارث اللجوء الإنساني. ولم تستوعب الحكومة المطلوب ليس ذلك فحسب فكثير من وسائل الإعلام عندما كانت تتطرق لخطاب العرش تغاضت عن موضوع الصندوق مع أن اللغة واضحة والاستعجال بين.
فقد قال جلالته في افتتاح الدورة الماضية الثالثة لمجلس الأمة السابع عشر في لغة واضحة وبينة تقرأ مضامينها بكل وضوح فقد قال ما يلي :
“ونؤكد هنا بأن الوقت قد حان للحكومة لتقديم مشروع قانون لمجلسكم الكريم، لإنشاء صندوق استثماري أردني، يستقطب استثمارات البنوك والصناديق السيادية العربية ومؤسسات القطاع الخاص والأفراد، في مشاريع وطنية تنموية وريادية، تعود بالنفع على الاقتصاد الوطني وعلى المساهمين في هذا الصندوق. انتهى الإقتباس
هذه هي خطوة الحكومة الأولى إلى الوراء (( عدم القدرة على فهم أولويات جلالته ))
ولم تتطرق من قريب أو بعيد لهذا الصندوق وحتى أن الأغلبية العظمى من الشعب الأردني فوجئ في المؤتمر الصحفي لناطق الإعلامي يوم امس حول مؤتمر لندن للدول المانحة وفوجئ أكثر بأن المؤتمر سيعقد غدا.مع أنني وبعد الخطاب مباشرة وفي مقالتي حول ما جاء في خطاب العرش تطرقت إلى صندوق الاستثمار وأهمية إنجازه ولو ورقة أولية تطرح للنقاش وذلك بحكم موقعي كمقررة للجنة المالية وتكون ورقة في يد صاحب الجلالة بأننا سباقون في طرح هذه المبادرة ونحن على وشك إنجاز قانون هذا الصندوق ولكن لا حياة لمن تنادي.
الجانب الآخر هو مواصلة الحكومة سياسة رفع الأسعار ، وخلق بلبلة
حول ما تبقى من رغيف الخبز ، مما يوحي بعدم ثقة الحكومة في مخرجات مؤتمر لندن وهذه الخطوة الثانية إلى الوراء .
إن جلالة الملك وانطلاقا من حرصه وحنكته السياسية جعل السياسة الخارجية والعلاقات الدولية أولى أولوياته ، في هذه المرحلة الحرجة التي يمر بها الإقليم من تشابك المصالح الدولي والإقليمي وتعقيدات التناغم والتنافر بين الأقطاب السياسية الدولية والإقليمية والتحولات الكبرى التي تشهدها المنطقة وسياسة التفتيت والتمزيق الديني والطائفي والإثني وتوغل الفكر المتطرف و لإرهابي و العدمي .
كل ذلك فرض على جلالته إدارة الدبلوماسية الأردنية بشكل مباشر وفي أدق التفاصيل ، حتى يستطيع أن يجنب المملكة الأردنية الهاشمية ، والشعب الأردني الصابر والصامد أي ارتدادات سياسية أو أمنية أو اقتصادية مفاجئة لا قدر الله تحدث نتاج التغيرات المتسارعة على كل الأصعدة والتي سمتها الأبرز عمليات الفك والتركيب المتسارع والفوضوي في موازين القوى لم يشهد لها التاريخ المعاصر مثيلا .
إن القوة الحقيقية التي يتميز بها جلالته حفظه الله عن كل الفرقاء الدوليين واللاعبين السياسيين هو الالتفاف غير المسبوق من قبل الشعب الأردني بكل مكوناته وفئاته حول جلالته وقناعته المطلقة في النموذج الأردني في عملية الإصلاح السياسي و الاقتصادي والاجتماعي وضخامة الإنجاز في برنامج التحول الديمقراطي الناجح، فكل دول العالم عندما تكون في وضع سياسي مضطرب تتجمد الحركة الداخلية ويصبح الأمن أولوية على حساب كل الحقوق المدنية ، لأن القيادات السياسية لهذه الدول لا تثق في مستوى التأييد لها ، إلا النموذج الأردني فقد أنجز أضخم مشاريع الإصلاح السياسي في هذه الفترة والتي سمتها الأبرز الفوضى وانعدام الأمن ، فكلنا يعلم أن التقسيم والتفتيت هو عنوان المرحلة ، فجاء رد الشعب الأردني بقيادته الهاشمية بتبني مشروع يتناقض كليا مع الشرذمة والتقسيم إلا وهو تطوير الاحتفالية التقليدية للثورة العربية الكبرى إلى برنامج ثقافي وسياسي لأنها كانت ثورة تحررية في التقييم الدولي وكانت بالنسية للهاشميين مشرع تحرر تعددي توحيدي
عاموده الفقري الإسلام وهدفه الأسمى قومي و مرجعيته وشرعيته هاشمية تمتد بجذورها إلى أطهر الخلق سيدنا ونبينا محمد صل الله عليه وسلم