بسيط للغاية هو السؤال الذي طرحه رئيس الجمهورية التركي، رجب طيب أردوغان، ورئيس الوزراء، أحمد داود أوغلو:”لو أن تنظيمًا إرهابيًّا مسلحًا احتل أحد الأحياء في مدينة ببلادكم، وأحرق المدارس ودور العبادة، وقتل المدنيين، ماذا تفعلون؟”.
وجه رئيس الوزراء داود أوغلو هذا السؤال إلى نظيره البريطاني، وإلى المستشارة الألمانية خلال مباحثاته في أوروبا، كما طرح أردوغان السؤال ذاته على نائب الرئيس الأمريكي، جو بايدن، خلال زيارة الأخير لتركيا.
بطبيعة الحال كانت الإجابة “هذا غير مقبول”.
زيارة حافلة بالإشكاليات لنائب الرئيس الأمريكي
لنواصل إذًا طرح الأسئلة: إذا كان الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأمريكية يعتبران “بي كا كا” تنظيمًا إرهابيًّا، وكان التنظيم يحتل أحياء في بعض المدن التركية حاليًّا، لماذا لا تقدم الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي الدعم الكافي لتركيا؟
أعرب نائب الرئيس الأمريكي بايدن، خلال زيارته الأخيرة لتركيا، عن تضامنه مع أكاديميين قدموا الدعم لبي كا كا، واتهموا الدولة التركية بارتكاب مجازر بحق الأكراد. وبعث بتحياته إلى صحفيين أفشوا أسرارًا للدولة، وزعموا، في أخبار كاذبة، أن تركيا تقدم الدعم لتنظيم “داعش”. فعل بايدن في تركيا كل ما هو ضد حكومتها.
أبدى أردوغان، خلال لقائه ببايدن، امتعاضه من هذه الرسائل، بينما عاتب داود أوغلو الولايات المتحدة والسياسيين في الاتحاد الأوروبي.
لكن لماذا أقرب حلفاء تركيا يتركونها وحيدة سواء في قضية إرهاب تنظيم بي كا كا، أم في الأزمة السورية؟ وكأن ذلك لا يكفي، فهم لا يتورعون عن تقديم الدعم للجبهة المناهضة للحكومة وأردوغان.
تدافع تركيا، كما تفعل سائر الدول، عن أمنها القومي، وحقها في السيادة، وحق شعبها في الحياة. احتل إرهابيو بي كا كا المسلحين “سور” و”جيزرة” و”سيلوبي”، وهي مناطق سكنية في تركيا، وأطلقت الدولة عملية عسكرية من أجل تحريرها. تم القضاء على 711 إرهابيًّا حتى اليوم في هذه المناطق، كما سقط عدد كبير من رجال الأمن والمدنيين.
الشعب الكردي لم يعد يدعم بي كا كا
وبينما تعتبر هذه الحقوق من أول حقوق تركيا، تزعم بي كا كا وإعلام الدول الداعمة لها، وفي طليعتها روسيا، أن تركيا ترتكب مجازر بحق الأكراد.
ورغم توجيه بي كا كا نداءات عديدة للشعب من أجل العصيان إلا أن المواطنين الأكراد رفضوا النداءات، ورفضوا الدعوة لمقاطعة المدارس الحكومية، وهذه هي المرة الأولى التي تتلقى فيها بي كا كا جوابًا رافضًا بهذا القدر من الوضوح.
لو أن مجازر ارتُكبت حقًّا ضد الأكراد في تركيا، لشهدت جميع المدن في البلاد احتجاجات، ومظاهرات للإرهاب.
حقيقة الأمر هي أن بي كا كا تحتل بعض الأحياء في المدن بواسطة مسلحيها، وتهجّر المدنيين منها. علينا ألا ننسى أن 200 ألف شخص اضطروا إلى النزوح من ديارهم حتى اليوم بسبب إرهاب بي كا كا.
ما يريده التنظيم هو الاعتراف بدولة بي كا كا/ حزب الاتحاد الديمقراطي (PYD)، التي ستُقام في شمال سوريا، ما يعني تقسيم سوريا، وقطع كافة الروابط بين تركيا والعالم العربي. وهذا ما تدعمه الولايات المتحدة وروسيا، اللتان تريدان تمرير النفط المستخرج من شمال العراق عبر دولة كردية تسيطران عليها. هذه هي القضية برمتها.