من دون أن يشعر الرأي العام الأردني بأن حالة “الستاتيكو” على المستوى الداخلي مرشحة للتغيير، فإنه لا يمكن كبح جماح المزاج السلبي المتنامي تحت ضغط الظروف الاقتصادية، واستعصاء الوضع الإقليمي من حولنا.
ينبغي أن ينشغل الأردنيون بالتغيير، وفي هذا العام تحديدا؛ لا لشراء الوقت الصعب هذه السنة فقط، بل لاختبار فرص جديدة في السنوات الأربع المقبلة، وتجديد النخبة السياسية، ومنح الثقة بالمستقبل.
السلبية المسيطرة على المزاج العام، مردها الشعور بأننا داخل صندوق محكم، ومن دون أي هامش للحركة؛ نضمر داخليا، ونكافح كي لا ننضم لدول الفوضى.
المحافظة على الاستقرار الداخلي لا تكفي للقول إننا في وضع مريح. مع مرور الوقت، يتحول الاستقرار، وهو كذلك الآن، إلى جمود قاتل، في غياب التغيير.
الخيارات في العام 2016 محدودة جدا؛ فرغم انخفاض أسعار النفط، ما تزال عجلة الاقتصاد تتحرك ببطء شديد، وأحيانا تدور للخلف. ومحاولات الحكومة لبث الثقة تصطدم بأرقام المديونية المتصاعدة، وفجوة الثقة المتنامية، وعجز المنظومة البيروقراطية عن الاستجابة للتحديات بالسرعة اللازمة.
صحيح أن النخب خارج الحكم ليست أفضل حالا من النخب الممسكة بصناعة القرار حاليا. التنظير من خارج المنظومة الرسمية لا يعني امتلاك برامج بديلة؛ واقعية وقابلة للتطبيق. قد لا يحصل تغيير جوهري في السياسات الكلية، لكن البلاد بحاجة إلى ديناميكة جديدة. هذا هو الفرق الذي سيحدثه التغيير.
والمدخل لمثل هذه الانعطافة هو التفكير جديا بإجراء الانتخابات النيابية قبل نهاية العام الحالي.
ماذا يعني إجراء الانتخابات؟
ورشة مفتوحة للنقاش الوطني على امتداد الوطن، تنخرط فيها القوى السياسية والاجتماعية؛ وحراك عام موجه نحو هدف واحد، يستحوذ على اهتمام الأغلبية مع تصاعد الحملات الانتخابية، وسباق القوى والشخصيات للفوز بمقاعد البرلمان.
يرافق ذلك بالطبع تغيير حكومي، وترقب لسياسات الوزارة الجديدة، ومراجعات يمكن أن تسهم في تصويب بعض الاختلالات في أكثر من ميدان.
بمعنى آخر؛ انشغال النخب ومن خلفهم قطاعات شعبية واسعة بالمستقبل، عوضا عن الانكفاء على الوضع القائم؛ الكئيب والمقلق.
وإذا ما تسنى لمختلف التشكيلات الحزبية والتلاوين السياسية أن تشارك في الانتخابات، وهذا أمر حيوي للغاية، فإن الحملات الانتخابية وما يرافقها من سجالات، ستُطلق روحا جديدة في البلاد؛ إيجابية وأكثر تطلعا للمستقبل، بدلا من حالة “الستاتيكو” التي تُغرق الأغلبية بالسلبية وفقدان الأمل.
الانتخابات النزيهة والحرة، تمتص الفائض من المزاج الراديكالي، وتعيد توجيهه في قنوات مؤسسية، ليتحول إلى طاقة إيجابية؛ مبدعة ومثمرة، كما الحال في الديمقراطيات المتقدمة.
نحن اليوم بحاجة ماسة إلى تفريغ الاحتقان والسلبية، وإعادة تدويرهما لولوج مرحلة جديدة، يستطيع معها المواطن الأردني أن ينهض من مكانه وينظر من نافذة منزله.
لقد أظهرت الدولة الأردنية قدرة فائقة على التكيف مع الأجواء العاصفة من حولها، وإدارة المخاطر بحنكة كسبت معها احترام دول العالم، وبالنتيجة جنبت شعبها الكوارث التي ضربت شعوبا ودولا تفوقنا قدرة وقوة.
يتعين ترجمة هذا النجاح داخليا؛ فنحن حتى الآن لم نتمكن من تحويل عائدات السياسة الكفؤة على المستويين الإقليمي والدولي، واستقرار المملكة أمنيا وعسكريا، إلى سياسات داخلية تحظى بالمصداقية، وتعزز الثقة بمؤسسات الدولة وسلطاتها.
ديناميكية جديدة، ربما تسهم في تجاوز المأزق القائم.