عروبة الإخباري- أدّت الخلافات العميقة داخل فصائل مليشيات “الحشد الشعبي”، التي أسسها رئيس الوزراء العراقي السابق نوري المالكي، إلى تقاسم مناطق نفوذها في بغداد والمحافظات الجنوبية والمناطق المحررة في محافظتي ديالى، شرق بغداد، وصلاح الدين، شمالها، في ما بينها. يأتي ذلك في وقت أعلن فيه زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر عن تخويل أحد مساعديه من قادة المليشيات بإدارة العمليات العسكرية في مدينة سامراء في محافظة صلاح الدين.
وكشف مصدر مطلع في المليشيات لـ”العربي الجديد”، عن وجود خلافات عميقة داخل صفوف الفصائل المسلحة التي انقسمت إلى معسكرين: الأول يتبع مؤسس “الحشد الشعبي” نوري المالكي، والثاني تابع لأحزاب وتيارات سياسية مقرّبة من رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي، مشيراً إلى تلويح بعض الفصائل برفع السلاح بوجه كل من يعارض وجودها أو يتحدث عن نزع سلاح المليشيات.
ولفت المصدر إلى تصاعد حدّة الخلاف بين المليشيات، ما دفع بعضها إلى إعلان سيطرتها على بعض المناطق وعدم السماح للفصائل الأخرى بالدخول اليها أو حمل السلاح فيها، مشيراً إلى تنامي نفوذ مليشيا “بدر” في محافظة ديالى، ومليشيات “سرايا السلام” و”عصائب أهل الحق” و”كتائب الإمام علي” و”حزب الله”، في مناطق جنوبي صلاح الدين. وأكد وجود أكثر من 30 مليشيا أخرى تسيطر على مناطق محددة في بغداد والمحافظات الجنوبية.
وأوضح المصدر أن بعض المليشيات المرتبطة بإيران مثل “عصائب أهل الحق” ومنظمة “بدر” وحركة “النجباء” و”حزب الله” العراقي، استعانت بالسفارة الإيرانية في بغداد للضغط على الحكومة العراقية من أجل السماح لـ”الحشد” بالاشتراك في معارك تحرير محافظتي الأنبار والموصل من سيطرة تنظيم “داعش”، مشيراً إلى تعرّض رئيس الوزراء العراقي إلى حرج كبير بعد رفضه أي تواجد للمليشيات في معركة تحرير الرمادي.
وبحسب المصدر نفسه، فإن رفض العبادي مشاركة فصائل “الحشد” في تحرير الرمادي، جاء نتيجة لضغوط أميركية ومحلية من داخل محافظة الأنبار، مبيّناً أن رئيس الحكومة أبلغ المعترضين خشية جهات عراقية وإقليمية ودولية، من تكرار انتهاكات “الحشد” في مدن الأنبار بعد تحريرها.
إلى ذلك، انتقد رئيس مليشيا “عصائب أهل الحق”، قيس الخزعلي، رفض العبادي مشاركة “الحشد الشعبي” في معركة تحرير الرمادي، مؤكداً خلال تصريح صحافي، تعرُّض رئيس الوزراء إلى ضغوط داخلية وخارجية لمنع “فصائل المقاومة الإسلامية” من الاشتراك في المعركة.
وأضاف “قال لنا رئيس الوزراء إن باستطاعتنا الاشتراك في أية معركة على أرض العراق باستثناء الرمادي”، مشيراً إلى “وجود رفض من داخل الأنبار لاشتراكنا في المعارك واقتصار العمليات على القوات الأمنية ومسلحي العشائر”.
وفي سياق متصل، قرر زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر تخويل القيادي في التيار وأحد مؤسسي مليشيا “سرايا السلام”، أبو دعاء العيساوي، بقيادة العمليات العسكرية في قطاع سامراء بمحافظة صلاح الدين.
وأوضح الصدر، في بيان، أن التخويل يمنح العيساوي كامل الصلاحيات العسكرية الأمنية لتحرير المناطق التي يحتلها تنظيم “داعش” قرب مدينة سامراء، مبيّناً أن هذا الأمر يمنحه حق إدارة كافة الفصائل العسكرية التابعة للتيار الصدري.
وتأسس التيار الصدري عام 2004 رافعاً شعار مقاومة الاحتلال الأميركي، قبل أن يقوم بإنشاء مليشيا “جيش المهدي” التي اتهمت بقتل وخطف مئات العراقيين في بغداد والمحافظات الجنوبية وتنفيذ عمليات قتل على الهوية. وبعد سيطرة تنظيم “داعش” على عدد من المحافظات والمدن العراقية، أسس التيار مليشيا “سرايا السلام” التي شاركت في عمليات تحرير محافظة صلاح الدين، واتهمت أيضاً بحرق العشرات من منازل السكان المحليين.(العربي الجديد)