عروبة الإخباري- يبدي الجهاز الأمني الإسرائيلي قلقا متزايدا من تصاعد عدد فلسطينيي الداخل خاصة من منطقة النقب المنضمين لتنظيم “داعش”.
يأتي ذلك على خلفية تسجيل صوتي، يسمع فيه صوت زعيم التنظيم ابو بكر البغدادي، وهو يهدد بتنفيذ عمليات ضد «اليهود في فلسطين» . وبموازاة تحسب وترقب عمليات من الجولان وسيناء يخشى جهاز الأمن العام الإسرائيلي «الشاباك» من إمكانية قيام «داعش» بتفعيل خلايا من المواطنين العرب في إسرائيل لتنفيذ عمليات.
ويرتفع منسوب القلق بعدما كشف في الأسبوع الماضي عن خلية لحركة المقاومة الإسلامية «حماس» في القدس المحتلة أعدت لتنفيذ عمليات تفجيرية داخل إسرائيل. ومن بين المعتقلين شبان فلسطينيون من طرفي الخط الأخضر يشتبه بأنهم تطوعوا لتنفيذ عمليات استشهادية. ومن هؤلاء فهدي ابو القيعان19) عاما (شاب من سكان بلدة حورة البدوية في النقب داخل أراضي 48 الذي اعترف بأنه وافق على إدخال حزام ناسف او سيارة مفخخة إلى إسرائيل. وحسب «الشاباك»، فقد قال ابو القيعان خلال التحقيق معه إنه إلى جانب نشاطه في حماس، فإنه يدعم «داعش»، بل كان ناشطا في تنظيمات سلفية عملت في حورة. وقبل شهرين نفذ ابن بلدته مهند العقبي، عملية إطلاق نيران في المحطة المركزية في بئر السبع، قتل خلالها جنديا إسرائيليا وجرح أكثر من 11، بينما قتل الجنود عاملا اريتيريا. وقتل العقبي خلال العملية.
ويرى المعلق الخبير في الشؤون الأمنية عاموس هارئيل أن مخاوف «الشاباك» مبررة في ظل الحقيقة ان شابين، مواطنين في إسرائيل مستعدان لتنفيذ عمليات. ولتوضيح التطور المقلق يستذكر هارئيل أنه خلال فترة الانتفاضة الثانية، كانت غالبية المواطنين العرب الذين أدينوا بـ «النشاط الإرهابي»، ضالعة في مساعدة استشهاديين خاصة بنقلهم إلى أهدافهم، دون ان يخاطروا بتنفيذ عمليات بأنفسهم.
لكن العامين الأخيرين كشفا عن ظاهرة جديدة تتمثل باستعداد شباب من فلسطينيي الداخل للتضحية بالنفس بدوافع دينية وقومية. فبحسب معطيات إسرائيلية رسمية التحق بتنظيم داعش أكثر من 40 شابا فلسطينيا من الداخل إضافة لخلايا نائمة تعتبرها إسرائيل أعشاشا» من شأنها أن تفرّخ المزيد من الناشطين. تزامن ذلك مع تفاقم التوتر بين الإسرائيليين والفلسطينيين نتيجة الاعتداءات على الأقصى والحرب على غزة وازدياد الكراهية، والتطرف القومي والديني في إسرائيل وانتقال هذه من الاحتواء للاستعداء في محاولة السيطرة على المواطنين الفلسطينيين فيها (17%).
يضاف إلى ذلك طبعا تأثير دعاية تنظيم داعش لاسيما في الإنترنت التي تركت أثرا على طبيب متفوق بعمله من قرية حورة في النقب الذي ترك عمله في مستشفى برزيلاي الإسرائيلي في مدينة عسقلان والتحق بداعش ولقي حتفه قبل شهور في سوريا.
وفي الصيف الماضي تم في بلدة حورة ذاتها اعتقال اربعة معلمين بشبهة نشر مواد دعائية لداعش وكانوا هم أيضا من أبناء حمولة ابو القيعان. وفي الشهر الماضي، تم اعتقال خمسة شبان من الناصرة، تدربوا، حسب الشاباك، على تفعيل السلاح استعدادا لتنفيذ عمليات بإيحاء من داعش. وفي نوفمبر/ تشرين الثاني، تم الكشف عن خلية متماثلة مع داعش في بلدة جلجولية وهي أيضا داخل أراضي 48 بعد ان تمكن أحد أفرادها من اجتياز الحدود السورية والانضمام إلى داعش. كما تم في الأسبوع الماضي اعتقال شابين من سكان منطقة الناصرة، كانا على صلة بتنظيم داعش، بل سافرا إلى تركيا في مايو/ ايار الماضي من أجل العبور إلى سوريا، لكنهما تراجعا في اللحظة الأخيرة. وتخشى إسرائيل أن يعود هؤلاء من سوريا والعراق بعد تلقي تدريبا عسكريا وروحيا يؤهلهم للقيام بعمليات خطيرة فيها علاوة على احتمال تسليم تنظيمات جهادية معلومات حساسة عنها. وهذا ما دفع وزير الأمن موشيه يعلون في صيف 2014 لحظر تنظيم «داعش» في إسرائيل بفعل قوانين الطوارئ. وبعد سنة، في أكتوبر/ تشرين الاول الماضي، اعلنت الحكومة «داعش» تنظيما إرهابيا بل أعلنت عن سحب مواطنة كل من يلتحق به.
ومع ذلك ما زالت المؤسسة الأمنية مسكونة بالقلق من تهديدات «داعش» ومن استغلاله فلسطينيين من الداخل للقيام بعمليات حساسة. ويؤكد هارئيل المقرب من المؤسسة الأمنية أنها تخشى من التعامل مع نجاح عملية لداعش داخل إسرائيل كانتصار معنوي كبير للتنظيم، يجر بالتالي محاولات لتقليدها من قبل شبان يسعون للانضمام إلى التنظيم.
في المقابل لم تفاجأ أجهزة الأمن في إسرائيل بتهديدات زعيم التنظيم أبو بكر البغدادي. ويعتقد مراقبون فيها أن عملية ضدها باتت مسألة وقت وهي تترقبها وتحاول منعها وأعلنت عن تشكيل وحدة كوماندوز لهذه الغاية. وبحسب تسريبات في إسرائيل فإن أجهزة الأمن رفعت درجة تعقب تنظيم داعش استخباراتيا خاصة في سيناء وتتوقع تنفيذ عملية ضد أحدى البلدات الإسرائيلية الحدودية. وهذا ما دفع قائد الجيش الإسرائيلي غادي آيزنكوت للقول خلال مراسم تأسيس أول لواء للكوماندوز أمس إن التهديدات الأمنية لإسرائيل، بما في ذلك تهديدات تنظيم داعش هي سبب تأسيس اللواء الجديد.
لكن رئيس الاستخبارات العسكرية السابق الجنرال بالاحتياط عاموس يادلين خفف من تهديدات تنظيم داعش على إسرائيل، معتبرا رسالة البغدادي مؤشرا على ضيق. وفي تصريح للإذاعة العامة قال يادلين إنه لا يستخف بتهديدات داعش لكن إيران وحزب الله بالنسبة له أكثر خطرا.
ويتفق معه المحلل للشؤون الأمنية أمير بوحبوط بالقول إن تهديدات البغدادي لليهود وإسرائيل تنم عن أزمة وعن رغبة برفع معنويات رجاله بيد أنه يعتبر ذلك «هجوما لفظيا»، مشيرا إلى مفعول الهجمات الجوية للدول الغربية ولنجاح القوات الكردية بالتصدي لقوات تنظيم داعش في شمال سوريا.
ويتابع القول: داعش قريب من إسرائيل ويقف على أعتابها منذ نحو عامين ولا جديد بذلك لكنني لا ادعي أنه لن يهاجمها في هذه المرحلة أو تلك لكن ينبغي وضع هذا التهديد بحجمه السليم فهو ليس خطرا وجوديا أو استراتيجيا. «ويعتبرها «موجة إرهاب» محتمل أن تأتي من سيناء أو الجولان على إسرائيل الاستعداد لها. ويضيف «اعتقد أن بحيازة إسرائيل معلومات استخباراتية جيدة عن تنظيم داعش وبوسعها إحباط تهديداته لكن لا ضمان كامل لعدم نجاحه بتنفيذ عملية لا سيما أن له رسل فلسطينيين على طرفي الخط الأخضر».(القدس العربي)