نسبت «الحياة» الى مصادر فرنسية قولها إن «وزير الخارجية الأميركي جون كيري مهتم بالمعارضة السورية للتفاوض مع الروس وليس بسبب السوريين، وإنه ليس واضحاً كيف ستُنظم المفاوضات، وما هو الجدول الزمني لخروج الرئيس بشار الأسد، وليس هناك أي أمر واضح، وكل ثوابت المفاوضات ضبابية»، وإن باريس «تتخوف أن يتخلى كيري عن مسألة رحيل الأسد وعن مسائل أخرى كثيرة».
هذا أفضل وصف للحال التي نوقش فيها القرار الذي صدر الجمعة الماضي عن مجلس الأمن، وسُمِّيَ «خريطة طريق لحل الأزمة في سورية». القرار أغلق باب الأمل بسلام في سورية، فالحديث عن جدول زمني لوقف النار، وتشكيل حكومة موسّعة، وإجراء تعديلات دستورية، وانتخابات تشريعية ورئاسية في غضون 18 شهراً، بات اليوم ضرباً من الخيال، في ظل هذه التناقضات والغموض والانتهازية.
من أبسط أسباب خيبة الرجاء في هذا الاتفاق الذي يبدو أنه سيتناسخ لصيغ بدأت الجمعة الماضي ولن تنتهي، أنه لم يتناول مصير بشار الأسد، لا تصريحاً ولا تلميحاً. والأخطر أن لائحة التنظيمات الإرهابية المقترحة التي قدّمها الأردن، وتضمّنت 167 تنظيماً تُصنّف إرهابية في سورية، تختلف عليها الأطراف الفاعلة على الأرض، على رغم أن عمّان قدّمت اللائحة بالتشاور مع الدول. إيران رفضت وضع «فيلق القدس» و «حزب الله»، في اللائحة، واقترحت تركيا إدراج «حزب الاتحاد الديموقراطي» بزعامة صالح مسلم عليها، ولدى روسيا أسماء لتنظيمات تريد إلحاقها باللائحة. وإلى أن تنتهي الدول الى قرار يحدِّد مَنْ هو الإرهابي، وهذا لن يحدث قبل خراب دمشق، سيكون الإرهاب قَتَلَ ما تبقى من السوريين، فضلاً عن أن روسيا رفضت مرجعية اجتماع المعارضة السورية في الرياض، وتسعى الى معاودة تشكيله ودمج أطراف المعارضة التي اجتمعت، سابقاً، في موسكو والقاهرة. هذا التوجُّه سيزيد تشظّي المعارضة السورية، ويعطّل البدء بالجهد السياسي المزعوم، ويعطي موسكو مزيداً من الوقت لتحقيق أهداف تدخُّلها العسكري، الذي جاء بالتنسيق مع إيران، لحماية نظام بشار الأسد.
وسط هذا الوضع السياسي الغامض، تكثّف روسيا عملياتها الجوية لتغيير ميزان القوى العسكري على الأرض، بمساندة ما يسمى الجيش السوري، و «الحرس الثوري» و «حزب الله» والميليشيات العراقية، حتى تستطيع فرض «تسوية سياسية» بدلاً من «انتقال سياسي».
خطة السلام السوري التي وافق عليها مجلس الأمن بغالبية 15 صوتاً من دون معارضة، فخّ سياسي لمعاودة صوغ النهاية التي يتطلّع إليها الشعب السوري. وهي على عكس ما قال الوزير كيري إنها «صُمِّمت لوقف الحرب الأهلية في البلاد»… هذا القرار سيُكتَب في التاريخ على أنه بداية النهاية لسورية الراهنة.