عروبة الإخباري– “لا مناطق سوداء في البادية تستعصي على مرتبات قوات البادية الملكية، أو يمنع الوصول اليها، وان لا أحد فوق القانون”، بهذه الكلمات يلخص نائب قائد قوات البادية الملكية العقيد عفاش الزبن حصيلة الجهود التي تقوم بها قوات البادية، بالتعاون مع باقي الاجهزة الأمنية. وهو يؤكد أن الجريمة في البادية وباقي مناطق المملكة في مجملها “لم تصل لمستوى الجريمة المنظمة، وهي في حدودها الطبيعية”.
العقيد الزبن، الذي رافقته “الغد” في جولة ميدانية على مناطق اختصاص قوات البادية الملكية برحلة استمرت يومين مطلع الاسبوع الماضي، يؤكد أن نسبة اكتشاف الجرائم في مختلف المناطق بالبادية “تصل إلى
90 %”، مستعرضا إنجازات ومهام قوات البادية المتشعبة في تنفيذ القانون وضبط الأمن في البادية، والمساهمة مع الاجهزة الأمنية الاخرى، في ضبط حدود المملكة.
خلال جولة “الغد”، وعلى امتداد لون الصحراء الأردنية؛ تلمس أن ثمة أمنا من نوع خاص، يقاوم في سبيل زراعة السلم والأمان في ربوع الأرض. وهي حتى لو لم تكن آهلة بالسكان، فإن رسالة الجيش العربي والأجهزة الأمنية، تفيد بوجوب التحصين من الأخطار من كل الاتجاهات.
رسالة السياج الأمني المنيع، الذي نتلمس آثاره بكل حواسنا، هي رسالة تنطوي على تخصص دقيق، واحد من هذه التخصصات الأمنية تقدم رسالته قوات البادية الملكية، والتي، وإن كان لها لباسها الخاص، فإن لها أسلوبها وفنونها الخاصة ايضا.
تاريخ طويل من الإنجاز
يقول العقيد الزبن إن قوات البادية الملكية “تعتبر النواة الأولى، وشعلة الجيش العربي الأولى، فمنها انبثقت جحافل الجيش العربي المظفر، في العشرينيات من القرن الماضي، عندما شرع المغفور له الملك عبدالله الأول المؤسس في العاشر من نيسان (ابريل) العام 1921 بتشكيل قوة الهجانة وقوة الدرك وكتيبة الفرسان والكتيبة النظامية لحفظ الأمن والنظام، وفي العام 1930 صدرت الارادة السامية بتشكيل قوة البادية الأردنية التي احتفل بها رسميا العام 1931، وقد مرت هذه الوحدة بمراحل التطور التي مر بها الأردن الحديث، اعدادا وتدريبا وتأهيلا.
واضاف الزبن انه وفي العام 1986 تم تشكيل سرايا حرس الحدود، وسميت قيادة البادية وحرس الحدود، وفي العام 1997 فصلت هذه السرايا والحقت بالقوات المسلحة الأردنية وصدرت الارادة الملكية السامية باعادة تسميتها بقيادة قوات البادية الملكية.
وعن تشكيل قوات البادية الملكية، أكد ان قوات البادية الملكية تعد من اقدم وحدات الأمن العام، وتتبع لها 3 قيادات مناطق
(شمالية ووسطى وجنوبية)، وتتبع لكل منطقة 3 مقاطعات بادية، يتفرع عنها 21 مركزا، بالإضافة إلى مجموعة طوارئ مكونة من 5 سرايا وسرية قيادة وسرية هجانة.
واشار الزبن إلى دور مرتبات وحدة الهجانة “الريادي والمتميز” في ملاحقة المهربين، ومنع التسلل من المناطق التي تقع ضمن اختصاصها. كما اعتبر أن لها “بصمات لا تمحى في عملية الترويج السياحي، وتواجد مرتباتها في البترا ووادي رم والمشاركة في الاحتفالات والمهرجانات الوطنية بلباسهم التقليدي، ومرافقة وأمن السياح اثناء تنقلهم وتواجدهم في المناطق الصحراوية وخاصة القصور الاموية، كقصر الخرانة وقصير عمرة وام الجمال وبقية المناطق الاخرى”.
ولقوات البادية الملكية دور مهم في حفظ الأمن، وأمن السائحين وارشادهم ودلالتهم، ونصحهم واسعافهم عند تعرضهم لأي خطر، اثناء عمليات التسلق في منطقة وادي رم، والمرتفعات التي تجذب السياح اليها، مثلما يقوم افراد من وحدة الهجانة بتقصي الاثر اذا ما كان هنالك متسللون أو مهربون، حيث بامكانهم اقتفاء الاثر لعدة كيلو مترات داخل الصحراء، وبالظروف الجغرافية الصعبة، من وعورة الارض وتواجد الاودية والصخور والرمال، كل هذه الامور لا تعيقهم عن ممارسة عملهم في اقتفاء الاثر لاكتشاف الجريمة. وبين ان لقوات البادية الملكية “السبق في تدريب كوادر شرطية من دول عربية شقيقة في مجال قص الاثر”.
تغطية 82 % من مساحة المملكة
واشار العقيد الزبن إلى أن اختصاص قوات البادية الملكية يشكل ما نسبته 82 % من مساحة المملكة، والذي يعتبر موقعا استراتيجيا مهما من الناحية الأمنية والجغرافية والسياحية والاقتصادية، حيث تمتد مساحة المسؤولية مع امتداد حدود 3 دول عربية شقيقة، اضافة إلى وجود منافذ حدودية ضمن مناطق المسؤولية، هي العمري والمدورة وجابر السرحان.
واوضح ان مهام قوات البادية الملكية لا تنحصر بالأعمال الشرطية في مجتمع البادية فحسب، كما هو الحال بالمهام التي تقوم بها مديريات الشرطة، بل اوكلت اليها مديرية الأمن العام واجبات اخرى، منها مكافحة أعمال التهريب والتسلل بكافة انواعها، ومساعدة البدو الرحل وخاصة في الظروف الجوية الصعبة، وانقاذ من تحاصرهم الثلوج أو السيول ومساعدة مستشارية العشائر في تنفيذ برامجها وحل الخلافات العشائرية، حسب الاعراف والعادات السائدة ومساعدة المؤسسات المعنية في تنفيذ برامج الاجهزة الرسمية المتعلقة بتنمية البادية الأردنية، ومنع الاعتداءات على املاك الدولة وحماية البيئة والترويج للسياحة والحفاظ على سلامة السائح وامنه.
ولفت الزبن إلى دور قوات البادية في المجال الزراعي، بمساعدة وزارة الزراعة في انشاء المحميات الرعوية والحيوانية ومنع الاعتداء عليها وتقديم العون والمساعدة في مجال الاستثمار الزراعي في مناطق المدورة والديسة وسهل الصوان، فضلا عن مرافقة موظفي حماية الطبيعة وضبط المخالفين لقانون الصيد في المحميات الطبيعية وشرق الخط الحديدي الحجازي، وداخل حدود البلديات والمناطق السكنية والمحافظة على الثروة الحيوانية التي تعيش في البادية الأردنية من الانقراض، والاشتراك مع سلطة المصادر الطبيعية في مراقبة المحاجر والمقالع والمرامل المرخصة داخل مناطق البادية، للتأكد من عملها ضمن القانون إلى جانب مراقبة مخلفات المصانع التي تلوث البيئة وتضر بالصحة العامة، وتكليف اصحاب المصانع الالتزام بالاشتراطات البيئية، بالتعاون مع مرتبات الادارة الملكية لحماية البيئة وتساهم كذلك قوات البادية الملكية بالحفاظ على المياه الجوفية من خلال منع حفر الآبار العشوائية وتساعد في انشاء السدود الترابية لحفظ مياه الامطار واستخدامها لغايات الزراعة.
لا مناطق سوداء في البادية
وعن الوضع الجرمي ضمن مناطق اختصاص قوات البادية الملكية، بين الزبن أن الجريمة في مجملها لم تصل لمستوى الجريمة المنظمة، وهي في حدودها الطبيعية، واغلبها انية ناتجة عن خلافات اجتماعية ومادية، دون سابق تخطيط، واحيانا تتسع وتطغى عليها الصبغة العشائرية.
وقال “مما يدعو للارتياح ان معظم هذه الجرائم يتم اكتشافها في حينه”، خصوصا قضايا القتل والعرض، والتي يتم حلها بالطرق العشائرية المتبعة، اضافة الى وجود عدد من جرائم سرقة المواشي والاحتيال والتهريب والاتجار بالمخدرات وأعمال التسلل عبر الحدود وكلها ضمن حدود السيطرة”.
وقال الزبن إن نسبة اكتشاف الجرائم في مختلف المناطق بالبادية تصل إلى 90 %، “ومرد ذلك إلى الضبط الاجتماعي بفضل العادات والتقاليد، التي تمنع الجريمة، وتعاقب مرتكبيها اجتماعيا، وتحل معظم الخلافات دون وصولها إلى القضاء، بالتنسيق والتعاون مع الحكام الإداريين والشيوخ والوجهاء والمؤثرين اجتماعيا”.
وبين ان اهم القضايا التي يتم متابعتها عشائريا هي القتل والعرض وتقطيع الوجه، الى ان يتم اجراء الصلح، وقال “نظرا لاهمية هذه المواضيع تم استحداث مكتب شؤون العشائر في كل مديرية شرطة، ترتبط مع مستشارية شؤون العشائر من خلال ضابط الارتباط المعين في قسم قضايا العشائر في قيادة قوات البادية الملكية”.
وأعلن العقيد الزبن عن تمكن مرتبات قوات البادية الملكية من ضبط العديد من السيارات المسروقة وسارقيها، ومتابعة هذا الامر بأعلى درجات الأهمية. مبينا ان “لا مناطق سوداء في البادية تستعصي على مرتبات قوات البادية الملكية، او يمنع الوصول اليها، وان لا أحد فوق القانون”.
مهام متشعبة لقوات البادية
وبين الزبن أن قوات البادية الملكية، ومن خلال واجباتها الحدودية، تعمل على منع أية أعمال للتهريب، سواء للافراد أو المخدرات أو الاسلحة، وتراقب الحدود بعين يقظة، وهناك تنسيق ما بين قوات البادية ومرتبات ادارة المخدرات والجمارك والاجهزة المعنية الاخرى.
وأشار العقيد الزبن إلى قيام قوات البادية الملكية وبتوجيهات من مدير الأمن العام بتأمين الحماية اللازمة للمشاريع الاقتصادية والزراعية والتنموية والصناعية، نظرا لما شهدته مناطق البادية، من تطور كبير في مختلف المجالات نتيجة للدعم والعناية والرعاية من جلالة القائد الأعلى الملك عبدالله الثاني للبادية، لافتا الى ان قوات البادية شهدت مواكبة للتطورات التكنولوجية من خلال استخدام الاجهزة الحديثة، مثل جهاز GBS للدلالة والارشاد وتحديد الاتجاهات ومعرفة اماكن التائهين ومساعدتهم بعد أن كان ذلك يتم بواسطة اقتفاء الاثر.
وبين الزبن أن مرتبات قوات البادية “تساهم في ايصال مكارم جلالة الملك من طرود خير وغيرها إلى مستحقيها من ابناء البادية اضافة الى زيارة البدو القاطنين في بيوت الشعر، لارشادهم حول ظروف الطقس والابتعاد بهم وبمواشيهم عن مجاري المياه والسيول، التي كان اخرها السيول الاخيرة، حيث كان لقوات البادية الملكية بصمة واثر كبير لدى ابناء المنطقة، لما قامت به من مهام في انقاذ المواطنين وممتلكاتهم من مواش وبيوت شعر، جرفتها سيول خلال المنخفض الاخير”.
كما تقوم مرتبات قوات البادية الملكية بالتسهيل على ابناء البادية بترخيص مركباتهم (اصحاب المواشي) في مناطق سكناهم وتشارك مرتبات قوات البادية المواطنين في افراحهم واتراحهم، وتلمس احتياجاتهم وهمومهم ومطالبهم وايصالها لاصحاب القرار، بحسب الزبن.
واشار إلى أن للشرطة المجتمعية نصيبا في برامجها انطلاقا من أن المواطن شريك أساس في العملية الأمنية، كما يوجد في مقاطعة الازرق فرع للشرطة البيئية لحماية الطيور والثروة الحيوانية من الانقراض نتيجة الصيد الجائر.
واشار العقيد الزبن إلى دور مرتبات قوات البادية في مساندة جهود ادارة الدوريات الخارجية في مناطق الاختصاص من خلال تنظيم حركة مسير الشاحنات والمسافرين، خلال هبوب الرياح المحملة بالاتربة، والتي تحد من مدى الرؤية الافقية.(الغد)