عروبة الإخباري- تطبيق «نيويورك تايمز» الهاتفي يرسل خبراً عاجلاً: «مارك زوكربرغ وبرسيلا تشان ينجبان بنتاً، ويتبرّعان بـ99 في المئة من حصّتهما في «فايسبوك» للأعمال الخيريّة». ما أن انتشر خبر ولادة ماكس، الابنة الأولى للثنائي زوكربرغ/ تشان، حتى انتشرت بكثافة صورة تجمع العائلة السعيدة، على مواقع التواصل، وعبر المواقع الإخبارية المختصّة بالتقنية والاقتصاد. نُشِرَت الصورة على صفحة زوكربرغ الرسميّة على «فايسبوك»، حيث حظيت بنحو 5 ملايين «لايك»، ويظهر فيها الزوجان وهما ينظران بحنوّ بالغ لطفلتهما. ولدت ماكس الأسبوع الماضي، ولم يعلن النبأ إلا مساء الثلاثاء الأول من كانون الأوّل.
أتبع «أبو ماكس» الصورة برسالة طويلة إلى ابنته، نشرها عبر صفحته أيضاً، لتنال أكثر من مليون «لايك»، بجانب مئات التعليقات. كتب مؤسّس «فايسبوك» بلغة بليغة ومؤثرة، واعداً بفعل كلّ ما بمقدوره، لكي يصل بماكس، وجيلها، إلى عالم أفضل وأكثر رحابةً. نالت التدوينة اهتمام عشرات الشخصيّات العامة المشاهير الذين علّقوا عليها مهنّئين، ومنهم مليندا غيتس وشاكيرا وزميلته في «فايسبوك» شيريل ساندبرغ، ومؤسسة موقع «هافنغتون بوست» أريانا هافنغتون، وغيرهن الكثير. ردّ زوكربرغ شاكراً على كلمات التهنئة، مشيراً إلى أنّ بعض المعلّقين كان مصدر إلهامٍ لما جاء في رسالته.
تحدّث زوكربرغ في رسالته الطويلة عن تحديّات تواجه البشريّة خصوصاً في مجالي الطبّ والتعليم، لكنّ أكثر ما لفت الانتباه فيها، ما ذكره عن نيّته تأسيس مبادرة خيرّية. كتب، متوجّها إلى ماكس: «مثلما تبدئين حياتك في عائلة تشان زوكربرغ، نبدأ نحن مبادرة «تشان وزوكربرغ الخيرية»، وننضمّ إلى الجهود العالميّة لزيادة الإمكانيات البشريّة، والترويج للمساواة بين كلّ الأطفال في الجيل القادم». وتقوم المبادرة على توجيه ما تبلغ قيمته الإجمالية 45 مليار دولار (القيمة الراهنة لما يعادل 99 في المئة من أسهم «فايسبوك»)، «خلال حياة» الثنائي، للأعمال الخيريّة. سيوزّع المبلغ على مشاريع تهتمّ بـ «تطوير الإمكانات البشرية وتعزيز المساواة في مجالات مثل الصحة والتعليم والبحث العلمي والطاقة». مبدئياً، ستكون مهمّة المؤسَّسة الخيريّة الجديدة التنسيق مع بعض المنظّمات والجمعيّات غير الربحيّة وتمويلها، والإسهام في الاستثمارات الخاصة، والمشاركة في النقاشات السياسيّة، بهدف خلق تأثير إيجابي في المجالات والقطاعات التي تبرز فيها حاجة إلى اهتمام ودعم.
ومع ما أثاره خبر تبرّع زوكربرغ بذلك المبلغ الضخم من انطباعات إيجابيّة وما أحاط به من بريق إعلاميّ لا يخبو عندما يتعلّق الأمر بشخصية من هذا النوع، فمن الضروري التمهّل في معالجته، ومشاهدة الصورة كاملة. فمؤسسة «تشان زوكربرغ» ستقدم 3 مليارات دولار على مدى ثلاث سنوات، وذلك ما سبق لزوكربرغ التعهّد به عبر شركة «فايسبوك». وقصد الثنائي بالقول «خلال حياتنا»، أنّ المبلغ سيجري التبرّع به خلال 45 سنة، يكون زوكربرغ وصل حينها إلى السادسة والسبعين، وبريسيلا إلى الخامسة والسبعين. ذلك ما ألمح إليه المليونير الأميركي المعروف وارن بافيت مازحاً، حين كتب معلّقاً على صفحة مارك زوكربرغ: «عندما يتعلق الأمر بالتبرع بثروتك، فإن الثلاثين هي السبعين الجديدة». أما هيكلية شركة «فايسبوك»، فستبقى كما هي، وسيبقى مارك زوكربرغ رئيسها التنفيذي وصاحب الكلمة فيها.
يعرف عن زوكربرغ اهتمامه بتقديم الأموال للقطاعات الخيريّة في مجال تطوير التعليم وتحسين خدمات الانترنت. وهو حاضرٌ في هذا المجال منذ العام 2010 حين قدّم 100 مليون دولار للمدارس الحكومية في نيوارك (نيوجرسي). كما أنه انضمّ مؤخراً للـ «تحالف» الذي يضمّ، إضافة إليه، بيل غيتس وريتشارد برانسون وشخصيات كبيرة أخرى لتقديم «ثورة اقتصادية جديدة» على هامش قمة المناخ التي عقدت في باريس قبل أيام قــليلة. وبقدر ما أثارت مبادرة زوكربرغ الإعجاب وعدّها البعض فرصة لمستثمري «وادي السيليكون» للاستلهام منــها، إلا أنها في الآن ذاته أثارت تساؤلات كبيرة، ليــس حــول المــبادرة ذاتها وإنما حول كيــفيّة صرف تلك الأموال، وما إذا كانت وســيلة ما للتهــرّب من الضرائب. كما أنّها أعــادت طرح أسئلة حول معنى أن يكــون الـعالم محكــوماً بالإنقاذ على يد عمــالقة التقـنية وملـيارديراتها، كما كتب دايفيد أويرباخ في موقع «سلايت».
مقطع من رسالة مارك زوكربرغ وبريسيلا تشان إلى ابنتهما ماكس
«عزيزتي ماكس،
لا نمتلك، أمك وأنا، الكلمات التي يمكن لها أن تصف الأمل الذي تعطينا إياه في المستقبل. حياتك الجديدة مليئة بالوعود، ونأمل أن تحظي بالسعادة والصحة لتتمكني من اكتشافها كلها. لقد أعطيتنا سبباً للتفكير في العالم الذي نريد لك أن تعيشي فيه.
وكجميع الأمهات والآباء، نريدك أن تكبري في عالم أفضل مما نحن فيه الآن.
وفي حين أن عناوين الأخبار تركز على المشاكل، فإن العالم يسير، بطريقة ما، نحو الأفضل. القطاع الصحي يتحسن، الفقر يتضاءل. والمعرفة تنمو. الناس يتواصلون، والتقدم التقني في أي مجال يعني أن حياتك ستكون الآن بشكل كبير أفضل من حياتنا اليوم.
سنقوم بدورنا لجعل ذلك يحدث، ليس لأننا نحبك فقط، وإنما أيضاً لأن لدينا مسؤولية أخلاقية تجاه جميع الأطفال في الجيل القادم.
مع الحب ماما وبابا»