عروبة الإخباري- أكد جلالة الملك عبدالله الثاني أن التطورات الإقليمية الراهنة ستدفع المجتمع الدولي للعمل معاً، على الصعيدين العسكري والدبلوماسي، ضمن سياق محادثات فيينا، مشدداً جلالته، خلال تصريحات مشتركة مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، على أن هذا “هو التوجه الذي طالما دعمتموه بقوة”.
وقال جلالته، في التصريحات التي سبقت لقاء القمة الذي عقده مع الرئيس بوتين اليوم الثلاثاء في مدينة سوتشي الروسية، إن “عصابة داعش الإرهابية وتنظيم القاعدة وفروعهما، يشنون حرباً ضد الإنسانية، وضد الإسلام”.
وأكد “الحرب ضد عصابة داعش الإرهابية، هي حرب علينا أن نخوضها جميعاً متحدين، ليس في سوريا والعراق فقط ، بل إنها حرب عالمية تتطلب منا جميعاً الاتحاد معاً في خوضها”.
وأضاف جلالة الملك “تحدثنا ولعدة سنوات عن الطبيعة الشمولية للتحدي الذي نواجهه، وعن أهمية أن نوحّد الجهود الدولية ليس في منطقتنا فقط، بل في إفريقيا وآسيا، فضلاً عن الشرق الأوسط، من أجل محاربة هذا الخطر”.
وبين جلالته، في هذا السياق، أن “هذه التحديات لا تنحصر بما نراه في سوريا والعراق، بل إننا شهدنا الإرهاب يضرب أيضاً وللأسف في السعودية، وبيروت، وباريس ومالي”.
وقال جلالته “أعلم أن هذه الحرب هي حرب يلتزم بلدانا والكثيرون في العالم بخوضها. وعليه، فإن ما نشهده من تحديات حالياً يشكل مجدداً فرصة لنا جميعاً في المجتمع الدولي للاتحاد معاً، وخوض هذه الحرب ضمن إطار دولي موحد”.
وحول الأزمة السورية وسبل حلها، بيّن جلالته “لطالما قلت ان الطريق الوحيد لإيجاد حل سياسي في سوريا هو من خلال دوركم القوي شخصيا ولروسيا في إيجاد حل سياسي للأزمة السورية”.
وفي سياق متصل، أعرب جلالته عن تعازيه ومواساته للرئيس بوتين، باسمه وباسم جميع الأردنيين، “بالضحايا الروس الأبرياء في الحادث الإرهابي البشع، الذي استهدف طائرة متروجيت، وأيضاً بوفاة طياركم اليوم”.
وفيما يخص العلاقات الأردنية الروسية، أشاد جلالته بالعلاقة القوية التي تجمعه بالرئيس بوتين وتربط البلدين معا. وقال “لقد عرفتكم لعدة سنوات خلت، وعلاقتنا دائماً قوية، ونحن على ثقة بأنها سوف تستمر بالتقدم وتترسخ أكثر فأكثر”.
من جانبه، رحب الرئيس بوتين، خلال تصريحات مماثلة، بجلالة الملك والوفد المرافق، مؤكدا حرص روسيا على تطوير العلاقات مع الأردن، والتنسيق حول مختلف التطورات في المنطقة.
وفيما يلي تصريحات الرئيس الروسي: “إننا على اتصال وثيق. ومن الواضح أنه في الوقت الذي تشتد فيه المعركة ضد الإرهاب الدولي، كما هو الوضع اليوم، فإننا بحاجة لأن نتحد فيما بيننا. وإنني على اطلاع بأن قواتنا المسلحة والخاصة يعملون سوياً وفي الاتجاه الصحيح، وبالإضافة إلى ذلك فهناك الكثير من القضايا التي يجب أن نناقشها.
جلالة الملك، شكراً جزيلاً على مشاعر التعزية التي عبرتم عنها، والتي تضمنت الإشارة إلى إسقاط طائرتنا العسكرية اليوم.
إن هذا الحدث يخرج عن الإطار المعتاد لعمليات الحرب ضد الإرهاب. فقواتنا العسكرية، كما هي طبيعتها، تقوم بدور بطولي ضد الإرهاب، فهم يضحون بحياتهم، إلا أن حادثة اليوم هي طعنة لنا في الظهر ممن يساعدون الإرهابيين. وهذا هو الوصف لما حدث.
لقد تم إسقاط طائرتنا فوق الأراضي السورية بصاروخ جو- جو من طائرة إف 16 تركية، وقد سقطت طائرتنا على الأراضي السورية على بعد 4 كم من الحدود مع تركيا، وحين تمت إصابتها كانت تحلق على ارتفاع 6000 م وعلى بعد كيلو متر واحد من الحدود، وبجميع الأحوال فإن طيارينا وطائراتنا لم تهدد تركيا، وهذا أمر واضح.
لقد كانوا يقومون بمهمة ضمن جهود الحرب ضد داعش في منطقة جبلية إلى الشمال من اللاذقية، حيث يتواجد مقاتلون أتى غالبيتهم من من أراضي روسيا الاتحادية، وضمن هذا السياق، فإنهم كانوا يقومون بواجباتهم المباشرة في القيام بضربات استباقية لمن يهددون أمن روسيا، ومثل هذه المجموعات يجب أن يتم اعتبارها وبشكل مباشر كإرهابيين دوليين.
لقد صرحنا في عدة مناسبات بأنه يتم على الأراضي التركية أيضا نقل كميات من النفط الذي تم الاستيلاء عليه من الأراضي السورية، وهكذا تحصل هذه العصابات على الدعم المالي.
في غضون ذلك، نشهد هجمات توجه إلى ظهورنا وضد طائراتنا التي تقاتل الإرهاب الدولي، آخذين بعين الاعتبار حقيقة أننا قمنا بتوقيع اتفاقية لتفادي أي خلافات مع الولايات المتحدة، وكما تعلمون فإن تركيا هي ضمن الدول التي أعلنت انضمامها للتحالف الذي تقوده الولايات المتحدة في الحرب ضد الإرهاب.
وبما أن لدى داعش الكثير من الموارد، والتي تقدر بمئات المليارات من الدولارات من مبيعات النفط غير المشروعة، بالإضافة إلى أن داعش تحمي ذاتها عبر قواتها، فإن هذا مكنها من ممارسة نشاطها بكل ثقة، من قتل للناس وارتكاب للمجازر، وللأعمال الإرهابية على امتداد العالم بما فيها في قلب أوروبا.
وسوف نقوم بتحليل مكثف لكل التفاصيل، وسيكون لحادثة اليوم نتائج بليغة ستطال العلاقات بين روسيا وتركيا، فلطالما تعاملنا مع تركيا بأنها ليست مجرد جار قريب بل دولة صديقة، وإنني أعرف الأطراف المستفيدة من حادثة اليوم، ومن المؤكد أننا لسنا من المستفيدين.
وبدلاً من أن تقوم تركيا مباشرة بالتواصل معنا، فبحسب علمنا فإن الجانب التركي لجأ مباشرة إلى شركائه في الناتو لمناقشة الحادثة، وكأن روسيا هي التي أسقطت طائرة تركية وليس العكس، فهل يريدون بذلك وضع الناتو في خدمة داعش؟.
وأفهم أن لكل دولة مصالحها الإقليمية، ونحن دائماً نحترم ذلك، ولكننا لن نقبل أبداً الأفعال البشعة مثل التي وقعت اليوم، وإنني آمل حقاً بأن المجتمع الدولي سينجح ويتحد في محاربة التهديد المشترك من قبل قوى الشر هذه.
وفي هذا السياق، فإننا نعوّل على المشاركة الفعالة لكل دول الإقليم، ونحن سعيدون للغاية بوجودكم معنا هنا اليوم يا جلالة الملك، وسوف نستمر بالعمل مع خبرائكم، وقواتكم الخاصة والمسلحة، ونشكركم جزيلا”.
وأكد الزعيمان، خلال جلسة مباحثات موسعة بحضور كبار المسؤولين في البلدين، الحرص المشترك على تعزيز العلاقات الثنائية في شتى الميادين، تحقيقا لمصالح البلدين والشعبين الصديقين، لافتين إلى ضرورة العمل على توسيع علاقات الشراكة الاستراتيجية في مختلف القطاعات، خصوصا الاقتصادية والعسكرية منها.
كما جرى استعراض الأزمات التي تمر بها بعض دول المنطقة، وسبل التعامل معها، بما يحفظ امن واستقرار المنطقة وشعوبها.
وحضر المباحثات نائب رئيس الوزراء وزير الخارجية وشؤون المغتربين ناصر جودة، ومستشار جلالة الملك للشؤون العسكرية، رئيس هيئة الأركان المشتركة الفريق أول الركن مشعل محمد الزبن، ومستشار جلالة الملك لشؤون الأمن القومي، مدير المخابرات العامة الفريق أول فيصل الشوبكي، ومستشار جلالة الملك، مقرر مجلس السياسات الوطني عبدالله وريكات.
فيما حضرها عن الجانب الروسي وزير الخارجية سيرجي لافروف، وعدد من المسؤولين.
وكان الرئيس بوتين أقام مأدبة غداء تكريماً لجلالة الملك والوفد المرافق، بحضور كبار المسؤولين الروس.