قليل هو مجمل ما رشح حتى الآن من معلومات تفسر ما يحدث من تغييرات إدارية في “الملكية الأردنية”. فالإفصاح والشفافية وتوفر المعلومات، آمال ووعود نحب أن نصدقها، كصحفيين خصوصاً، لكنها في أغلب الأحيان لا تجد ترجمة لها على أرض الواقع.
مع ذلك، فإن المتاح من معلومات يشير إلى رغبة مجلس إدارة “الملكية” في تعيين إدارة أجنبية للشركة، على أمل تحسين أدائها مستقبلا، وتحقيق أرباح أعلى من تلك التي تحققت خلال الأشهر التسعة الماضية من العام الحالي، ومقدارها 27 مليون دينار.
المعلومات تؤكد أن مجلس الإدارة يتواصل بمسؤولين أجنبيين؛ أحدهما تركي، ليشغل موقع مدير العمليات. ويقال إنه قد تم تعيينه بالفعل. فيما الآخر ألماني، لم يتم التوصل إلى اتفاق نهائي معه لتسلم موقع المدير العام، وما يزال البحث مستمرا عن مدير أجنبي؛ فهو من وجهة نظر مجلس الإدارة أو بعض أعضائه على الأقل، القادر على التحليق بالشركة وتطوير خطط عملها، بغض النظر عن كل الكفاءات المتوفرة محلياً.
فكرة الإدارة الأجنبية خلافية. وعلى الإدارة الحالية أن تحسب جيدا إيجابيات وسلبيات الخطوة، وضمان نتائجها المرغوبة، كون “الملكية” قضية مهمة للرأي العام الأردني، وأخبارها تخضع للمتابعة، كما تتعرض للتقييم دائماً.
فتعيين إدارة أجنبية، كما استقطاب خبرات غير محلية لما دون ذلك، سيليهما العديد من الأسئلة. أهمها: من قال إن الأردنيين غير قادرين على تولي مثل هذه المواقع؟ مع التذكير أن “الملكية” لم تُدر على امتداد عمرها إلا من قبل إدارات وطنية.
أيضاً، هل ستؤدي هذه الخطوة إلى إخراج الشركة من أزمتها، بحيث تكون الكلف التي ستدفع للخبرات الأجنبية مجدية؟ إذ يقدر خبراء راتب المدير العام الجديد بحوالي 30 ألف دينار على أقل تقدير، عدا عن تكاليف سواه من التعيينات.
المسألة الأخرى تتعلق بالضمانات الخاصة بأن تحقق الإدارة الجديدة أرباحا خلال سنوات عملها؛ لاسيما أن أسباب خسائر الشركة، كما أرباحها، باتت معروفة للجميع، وتتعلق بشكل رئيس بانخفاض أسعار النفط عالمياً. هذا بالإضافة إلى بيع وخصخصة الاستثمارات المرتبطة بها، والتي تحقق اليوم أرباحا كبيرة. فهل الإدارة الأجنبية قادرة على استعادة تلك الأصول من دون استخدام أموال أردنية، من قبيل أموال مؤسسة الضمان الاجتماعي؟
في المقابل، ثمة فريق يؤمن بأن استقطاب خبرات أجنبية سيفتح آفاقا جديدة للشركة، ويوسع عملياتها، بما ينعكس إيجاباً على نتائجها المالية. مع ذلك، يفضل هذا الفريق، عموماً، اقتصار الاستقطاب على جزئية إدارة العمليات، فيما تتولى شخصية أردنية باقي الملفات الداخلية.
يبقى مبدأ الإدارة الأجنبية لشركة أردنية مسألة جدلية، تستدعي -مرة أخرى- حساب تبعاتها الإيجابية والسلبية بدقة، والمفاضلة بينهما، حتى لا يكون القرار متسرعا، فلا يحقق النفع المطلوب للشركة، لاسيما أن القراءات تشير إلى أن “الملكية” ستستمر في تحقيق الأرباح ذاتها المتحققة هذا العام، إن لم يكن أكثر، طالما بقيت أسعار النفط منخفضة، سواء كانت الإدارة أردنية أم أجنبية.
من الأردن خرّجنا كفاءات لإدارة شركات طيران عربية، عدا عن أن طيارينا يجوبون العالم؛ فما بالنا صرنا اليوم نستورد من يدير شركاتنا؟! هل تعجز إدارة “الملكية” عن العثور على كفاءة أردنية واحدة تدير الناقل الوطني بنجاح؟!