عروبة الإخباري- يسعى رئيس الحكومة العراقية السابق، نوري المالكي، الذي أطيح به بانقلاب “أبيض” نهاية العام 2014 كرئيس للحكومة، من قبل أعضاء في حزبه (حزب الدعوة الإسلامية) وأحزاب سياسية أخرى، إلى إنجاز مشروع سياسي جديد تحت عنوان “قائمة الحشد الشعبي الانتخابية” بهدف التحضير للانتخابات البرلمانية المقررة عام 2018، ومن قبلها انتخابات مجالس المحافظات التي من المقرر إجراؤها في العام 2017. وحصلت “العربي الجديد” على معلومات من داخل المنطقة الخضراء في بغداد، تفيد بأنّ المالكي بدأ التحضير فعلاً للمولود السياسي الانتخابي الجديد.
ووفقاً لمصدر قيادي في حزب الدعوة، مقرّب من رئيس الوزراء الحالي حيدر العبادي، فإن “المالكي أجرى اجتماعات مع زعيم مليشيا بدر، هادي العامري وزعيم مليشيا العصائب، قيس الخزعلي، فضلاً عن نائب رئيس هيئة الحشد الشعبي، أبو مهدي المهندس، وزعيم مليشيا النجباء، أكرم الكعبي، والقيادي في مليشيات الحشد، أوس الخفاجي”، مبيناً أنّ الفكرة طُرحت لأوّل مرة من قبل رجل أعمال لبناني معروف يقيم في لندن وله استثمارات واسعة في العراق في مجالات عدة، خلال آخر زيارة له إلى بغداد في سبتمبر/أيلول الماضي. وتحرَّك المالكي في هذا الإطار، ونالت الفكرة موافقة قائد فيلق القدس، قاسم سليماني، الذي بات غاضباً على العبادي”، وفقاً لقوله.
ويؤكد القيادي في حزب الدعوة، أنّ “المالكي يجد في تأييد المحافظات الجنوبية لمقاتلي الحشد الشعبي في تصديهم لداعش وإبعاد خطرهم عن المدن المقدّسة فرصة للعودة من خلاله مرة أخرى سياسياً بشكل يضمن له الفوز، خصوصاً بعد الانشقاقات غير المعلنة التي ضربت حزب الدعوة وتدنّي شعبية المالكي المتهم من قبل جمهوره السابق بالسرقة والفساد والطائفية والتسبب باحتلال داعش للمدن العراقية الشمالية والغربية”.
ويلفت القيادي ذاته إلى أنّه من المقرر أن يُعقد اجتماع تمهيدي لقيادات القائمة الانتخابية الجديدة للمالكي التي اتفق على أن يكون اسمها “قائمة الحشد المقدّس”، وذلك في 21 نوفمبر/تشرين الثاني الحالي، في مدينة النجف وبدعم إيراني مباشر. كما حصلت إيران بدورها على تطمينات واسعة من المالكي وقادة الحشد الآخرين في ما يخصّ أجندتها في البلاد.
ويثير تحرك المالكي الحالي مخاوف أميركية وغربية كبيرة حيال مستقبل حكومة العبادي التي بدأت تظهر عليها “كدمات” الخلاف والصراع السياسي الداخلي مبكراً، إذ ارتفعت حدة الأصوات المطالبة بسحب الثقة منها وإعادة “التحالف الوطني” ترشيح رئيس وزراء جديد يقدم اسمه لرئيس الجمهورية العراقية، فؤاد معصوم.
في هذا السياق، يرى وزير عراقي في حكومة العبادي، أنّ “الخلافات الحالية القائمة بين العبادي وحزبه، وعلى وجه الخصوص فريق المالكي والمليشيات، تعود إلى منح الضوء الأخضر للروس، وهو ما يرفضه العبادي الذي يعمل على الإصلاحات ومن ضمنها قرار إقالة نواب الرئيس وتقديم المسؤولين الواردة أسماؤهم بتهم فساد إلى القضاء، إذ يشكل نحو 70 في المائة منهم، من قوائم وأحزاب تابعة للتحالف الوطني الحاكم، فضلاً عن قانون الحرس الوطني وقانون العفو العام والقضية الكردية والانفتاح الكبير على الجانب الأميركي”.
ويبيّن الوزير ذاته، أنّ “تحركات المالكي والمليشيات لإضعاف العبادي بالتزامن مع مشروعهم الذي يستغل دماء الحشد الشعبي وعواطف الطائفة الشيعية للعودة سياسياً، يمثّل بداية تنذر بالكثير من المشاكل في العراق”، لافتاً إلى أنّ “المشروع السياسي الجديد للمالكي بات متداولاً في أروقة الأحزاب السياسية الشيعية التي تجد في خطوة المالكي محاولة سرقة الحشد الشعبي وجهوده وتجييره لصالحه، في حين أنّ جميع الأحزاب دعمته وشاركت به”.
في هذا الصدد، يقول أستاذ العلوم السياسية في جامعة صلاح الدين العراقية، المحلل السياسي محمد الحديثي، إن “خطوة المالكي كانت متوقعة لكن ليس في شكلها الحالي، فاستغلاله للحشد، قد يثير جنون التيار الصدري والمجلس الأعلى وحزب الفضيلة وأحزاب أخرى لها مقاتلين أو أجنحة مسلحة داخل الحشد، كما أن المرجعية لن تكون مرتاحة من خطوته التي تمثّل سرقة جهود ودماء المتطوعين الذين خرجوا لقتال داعش”.
ويضيف الحديثي، أنّ “المالكي يدرك تماماً أنّ وضعه السياسي القضائي ينهار”، متوقعاً أن يستخدم المال لإسكات معارضيه أو إقناع قيادات شيعيّة مسلحة لديها شعبيّة في الجنوب، للانضمام إليه”.