عروبة الإخباري – اكد أمين عام الرابطة المحمدية للعلماء في المملكة المغربية، احمد عبادي، الحاجة الى كفايات وخبرات في المجال التقني والحكامة والتدبير للتعاطي مع ظاهرة التطرف، معتبرا ان المقاربة الامثل للنظر في هذه الظاهرة هي البدء بتفكيك الخطاب لدى تلك التنظيمات ومقاربته.
وقال خلال المحاضرة التي نظمها المعهد الملكي للدراسات الدينية ومنتدى الفكر العربي، برعاية سمو الامير الحسن بن طلال، ان الجماعات المتطرفة قاموا باختطاف اربعة احلام كانت في مجالنا وحوضنا الحضاري خلال 150 سنة الماضية، مشيرا الى ان الاختطاف يبرز في اسماء تلك التنظيمات التي تحمل اسماء جامعة وموحدة للامة لتغرير الشباب واستقطابهم تحت رايتها.
وقال عبادي في محاضرته حول “التجربة المغربيّة في مواجهة التطرف العنيف” والتي ادارها الوزير الاسبق الدكتور نبيل الشريف، ان حلم الوحدة الذي اختطفته تلك الجماعات، كان في حوضنا الحضاري مدة من الزمن، وهو ما عبر عنه الامام الكواكبي في كتابه ام القرى، وكذلك ما جاء به العلماء بدءا من جمال الدين الافغاني وتلميذه محمد عبده ومحمد رشيد رضا.
وقال ان “داعش” استطاعت ان تسوق نفسها بين اوساط الشباب بأنها القادرة على استعادة الخلافة وتحقيق حلم الوحدة قولا وعملا، ما اكسبها قدرة على التعبئة، الى جانب حلم الصفاء بزعمهم انهم جاءوا ليطهروا الدين من البدع والرجوع بالدين الى اصوله، مثلما روجوا لتحقيق حلم الكرامة، ذلك الحلم الذي له مغناطيسيته وجاذبيته العالية.
واوضح العبادي ان تلك التنظيمات جاءت ايضا بفكرة الخلاص في زمن يتم الخلاص فيه بمعطيات تتأبى عن قبضة العقول واستيعابها واندماجها وهضمها، وتصبح فيه الحيرة سيدة الموقف، معتبرا ان الخلاص في مفهوم تلك الجماعات هو بتحقيق خطاب الجنة والقصور والشهادة باعتبارها عناوين لها جاذبية براقة.
واضاف ان قضايا مهمة كالوحدة يجب ان ترفق بمؤشر وعناصر القياس على مدى نجاعة او اخفاق مشروعها والا تترك بدون مؤشرات للقياس والياته، ليتم ترويجها والاحتجاج بها دون شعارات، لأن الشعارات لا طائل منها.
وقال ان الاجتهاد والتأويل عند علماء المسلمين له الياته كعلم الدلالة وعلم الموازنات والترجيحات، باعتبار ان العالِم ليس ذلك من يميز بين الخير والشر، لكنه من يميز بين خير الخيرين وشر الشّرين، ولا بد من عمل جميع المؤشرات لقياس مدى صحة هذه الدعوة، حتى لاتترك الامور في اجمالها.
وحول اليات مواجهة التطرف في المغرب، اشار أمين عام الرابطة المحمدية للعلماء في المملكة المغربية، الى منهجية بلاده في تقوية المؤسسات الدينية، واعادة نقل المعارف المتصلة بالوحي والعلوم الاسلامية، لتشكل انتاجا رصينا للكتب الى جانب تناول القضايا الضاغطة للامة ومنها ما يتعلق بحقوق الانسان والمرأة والطفل.
واضاف ان ثمة دورا تثقيفيا بات يوجه للشباب في المغرب من خلال التثقيف في النظير لان دور الوسطاء في هذا الامر لا يكفي بل ثمة علماء ينزلون الى الساحة ليشرعوا بتغيير السلوكات الخاطئة، الى جانب الشروع في البحث بمختلف المجالات التي من شأنها الاضطلاع بخلاصات ومخرجات تسهم مساهمة فاعلة بمحاربة الفكر المتطرف.
وتحدث عبادي عن الامامة العظمى في بلاده، وتبنيها لمختلف القضايا الجوهرية والفكرية، واعطاء مساحة للعلماء للاجتهاد وفقه العصر والواقع، للوصول الى احكام تكون خارج الصندوق ضمن افاق الاجتهاد ومستقاة من الكتاب والسنة.
وقال ان العالم المقاصدي ينظر الى الترجيحات والموازنات ليمتلك اكبر قدر من المرونة، وان يمسك بالاصول، ضمن مساحة للحركة يوجدها لنفسه، لافتا في هذا الصدد الى ان دار الافتاء يجب ان تكون متسمة بالحياد وليست طرفا في الصراع.
وقال ان المرحلة الراهنة تقضي بأن يكون العلم في هذا المجال مسند الى سلطات علمية، وبناء سياقات ضمن مؤسسات لديها السلطة والنفوذ وليس مجرد امان وصولا لنسق يوصل الى غايات.
ودعا عبادي الى ضرورة توفر دينامية حقيقية بين الدول الاسلامية لجهة تبادل الخبرات واتساق التعاون واتساعه لمحاربة الفكر المتطرف، وايجاد البدائل للكثير من الادبيات المطروحة في بلادنا لاسيما منها الموجهة للشباب والاطفال، من خلال التركيز على التكوينات ونوعية البرامج المقدمة.
واعتبر ان العلماء الرواد هم الذين لهم قدرة على ريادة الرأي العام، لا سيما وانهم ان تحركوا كانوا مقنعين، بما يمتلكون من قدوة وانموذج، بعيدا عن الاستبداد في الرأي، لا سيما وان الريادة هي خبرات وليس اماني.