في ظل الهجمة الإسرائيلية على الشعب الفلسطيني، وفي ظل الاعتداءات التي تزداد يوما بعد يوم على المقدسات العربية والإسلامية، وقتل الأطفال بصورة همجية، فإن على القيادة الفلسطينية، أن تتخذ موقفا قويا ومعبرا عن الحالة الراهنة ومتغيراتها الخطيرة على القضية الفلسطينية التي بها لاحتلال، والاعتداء على المسجد الأقصى، ومنها وقف التنسيق الأمني مع إسرائيل، وهو من أكبر المسائل التي تشغل بال الفلسطينيين منذ عقدين، وسبب الكثير من الضغائن والأحقاد بين الفلسطينيين أنفسهم.. وهي مسألة يعتبرها منتقدو السلطة الفلسطينية جريمة كبيرة بحق الشعب الفلسطيني، وخيانة عظمى للوطن والمواطنين.. ونعتقد أن تصريحات الرئيس محمود عباس قبل فترة حول ضرورة حل الخلافات مع حماس، خطوة جيدة لحل الخلافات القائمة، فالبديل للتخاصم والاقتتال هو تصفية القضية برمتها مرحلياً، وإقصاء أي فصيل فلسطيني يعني إضاعة ورقة سياسية قوية في يد المفاوض الفلسطيني.. فلا بد لها من أوراق ضاغطة للتفاوض مستقبلا إن كان هناك أفق للتسوية، والمعارضة في اعتقادنا مكسب للمفاوض الفلسطيني وليس العكس. وموقف حماس السياسي الراهن يمكن أن يكون قوة للمفاوض الفلسطيني، إذا أرادت القوى الدولية أن تساند الرئيس محمود عباس وتحقق له الدولة الفلسطينية المستقلة ـ كما يقولون ـ وليس مجرد كلام للاستهلاك أمام المحطات الفضائية والمقابلات والابتسامات والتصريحات كما فعلها الرئيس بوش سابقا، وأخل بوعد في إقامة دولة فلسطينية قابلة للحياة في عام 2005، ثم ظهر مؤخرا النغمة الجديدة لتبادل الأراضي، وهو خطوة لإطالة وإدامة الاحتلال، والاستمرار في إقامة المستوطنات وغيرها من المشاريع الاستعمارية.
والواقع أن المراهنة على الحل العادل في ظل الانقسام الفلسطيني مسألة غير واردة، فلا يمكن أن يحقق المفاوض الفلسطيني نجاحاً مأمولاً في ظل الشرخ القائم بين القوى الفلسطينية المنقسمة على نفسها، فالورقة الأهم أن يحتفظ المفاوض بأوراق معينة حتى يمكن أن يساوم عليها، أما أن يرمي بكل أوراقه في سلة الوعود بدون نتائج على الأرض ويقول أريد حلاً عادلا، فذلك يعد من قبيل الأحلام الوردية غير قابلة للتحقق، لا تعطي شيئاً ملموساً على الأرض، فالمفاوضات عبر التاريخ تحسمها وتقويها الأوراق الضاغطة وموازين القوى وغيرها من الأمور الدافعة في قوة المفاوض.
والواقع أن المراهنة على الحل العادل في ظل الانقسام الفلسطيني مسألة غير واردة، فلا يمكن أن يحقق المفاوض الفلسطيني نجاحاً مأمولاً في ظل الشرخ القائم بين القوى الفلسطينية المنقسمة على نفسها وهذا ما برز في المؤتمرات السابقة.
فالرئيس محمود عباس مع حنكته السياسية، وقدرته على التحرك السياسي الجيد، إلا أن الانقسام الداخلي يحول دون تحقيق مكاسب في التحرك السياسي، وتلك قضية معروفة في السياسات الدولية، الورقة الأهم أن يحتفظ المفاوض بأوراق معينة حتى يمكن أن يساوم عليها، أما أن يرمي بكل أوراقه في سلة الوعود بدون نتائج على الأرض ويقول أريد حلاً عادلا، فذلك يعد من قبيل الأحلام الوردية، لا تعطي شيئاً ملموساً على الأرض، فالمفاوضات عبر التاريخ تحسمها وتقويها الأوراق الضاغطة وموازين القوى وغيرها من الأمور الدافعة في قوة المفاوض.. صحيح لو أن إسرائيل تريد حلاً صحيحاً وجاداً كان من مصلحتها أن تقبل القرارات الدولية منذ أكثر من خمسين عاماً وما بعدها، لكنها لا تريد هذا الحل لأنها لديها نزعة للتوسع والمساومة والمراهنة على ضعف الفلسطينيين وانقسامهم وتشرذمهم، وهذا يجعلها تمدد أكثر أو على الأقل “تحييد” أكبر عدد ممكن من الشعب الفلسطيني أو القبول بالأمر الواقع، لكن هذا الافتراض ليس صحيحاً، فلا يوجد في التاريخ شعب نسي أو تناسى حقه مهما اختلت موازين القوى فستظل الحقوق عالقة في الأذهان، وجيل بعد جيل حتى تسترد الحقوق، وكان الأحرى بالشعب الإسرائيلي أن يستقرأ التاريخ ويعرف أن لا فائدة في هذا التباطؤ في عدم الحل العادل مع الشعب الفلسطيني إن أرادوا العيش المشترك مع الشعب العربي الفلسطيني والاستقرار الدائم.
ولذلك فإن الوفاق والصالحة بين فتح وحماس هو الأمر الأهم في مسيرة القضية الفلسطينية الآن بعد ظهور التراجع الجانب الصهيوني، والانشغال الأمريكي بقضايا أخرى، وهو الذي سيمكن المفاوض في تمرير استحقاقات السلام المنشودة سواءً على المدى القصير أو المستقبل المنظور لا يمكن أن يتحقق السلام العادل إلا من خلال قوة المفاوض الفلسطيني
ما يجري الآن في الضفة الغربية والقدس، وكل الأراضي الفلسطينية المحتلة، لهو مؤشر واضح، أن نتنياهو، يريد أن يستغل الموقف العربي المتأزم، والصراعات العربية الداخلية، لينفذ خطط إسرائيل القديمة، في فرض واقع جديد على الشعب الفلسطيني، وإجهاض كل الاتفاقيات الهشة مع القيادة الفلسطينية، ويعتبر هذا الحزب وقياداته المتطرفة، أن الوضع العربي مناسبة لا تعوض، لتنفيذ المخططات الإسرائيلية في تهويد القدس، وإلغاء الاتفاقات السابقة بمبررات واهية، إن الجنود والمستوطنين يتعرضون للهجمات، وهي فرية مكشوفة، وهذا السبب هو نتيجة للاعتداءات التي يقوم بها المستوطنون، والجنود الإسرائيليون، وهي تخفي على المتابعين والإعلاميين، ناهيك عن الاعتداءات الأخرى على المزارع والممتلكات الفلسطينية، وهذا يستدعي موقفا فلسطينيا موحدا، ومساندة عربية وإسلامية ودولية، لوقف هذا المخطط الذي يقّوض السلام الدولي، الذي للأسف أن المواقف الغربية ليست كما تدعي وتقول عن الحقوق العادلة للشعوب، عدا بعض مؤسسات المجتمع المدني التي لها موقف مشرف تجاه قضايا وحقوق الشعب الفلسطيني في الحرية والكرامة والاستقلال
عبدالله العليان/الهجمة الإسرائيلية وضرورة الموقف الفلسطيني الموحد
14
المقالة السابقة