عروبة الإخباري – قال وزير التنمية السياسية والشؤون البرلمانية الدكتور خالد الكلالدة إن الحكومة “لا تخشى على مشروع قانون الانتخاب في ضوء المناقشات التي شرعت بها اللجنة القانونية في مجلس النواب”، معتبرا أن الانتقادات الموجهة للمشروع “لا تندرج في سياق الهجمة، لأن أي قانون لا يحظى بطبيعة الحال بإجماع كل المكونات السياسية”.
ورأى الكلالدة، في لقاء مع “الغد” أمس، أن بعض منتقدي مشروع القانون “هم ممن لا يلائمهم شخصيا، ولا يلائم تطلعاتهم، أو ممن لم يستوعبوه بالكامل”، بحسب تعبيره.
ورفض الاتهامات الموجهة للحكومة، ومفادها “السعي إلى تحجيم القوى الإسلامية السياسية في البلاد أو جماعة الإخوان المسلمين، عبر إقرار القائمة المغلقة في المشروع”، مذكرا بتقارب نتائج انتخابات موسمي العامين 1989 و1993 التي حققتها “الإخوان”، رغم تباين الأنظمة الانتخابية”.
وفيما يلي نص اللقاء :
• لوحظ منذ بداية مناقشات اللجنة القانونية في مجلس النواب لمشروع قانون الانتخاب، إطلاق ما يشبه الهجمة على المشروع، فهل يمكن القول الآن إن هناك خشية من الحكومة على القانون؟
– دائما كل فئة أو كل مجموعة أو كل حزب تبحث عن ما هو أنسب لها، لو لدينا طرفان فقط فستكون لدينا وجهتا نظر و”أنسبان” بالنسبة لهما، وإذا كان لدينا 10 أطراف فستكون هناك 10 وجهات نظر مناسبة، لذلك لن يكون هناك إجماع على أي قانون، لكن مشروع القانون بحد ذاته جاء ليخلصنا من الملاحظات التي رافقت القانون السابق وليس أكثر من ذلك، بمعنى أن الناس كانت تتحدث عن فعل المال السياسي وعن تفتيت العائلة أو العشيرة أو الحزب ومنع تشكل الائتلافات وتدني مستوى التمثيل، ومشروع القانون جاء ليخلصنا من هذه المثالب.
من المجحف أن يتم تحميل مشروع القانون أكثر من ذلك، والآن بالعكس أقول إن القانون لاقى ارتياحا كبيرا من فئات عديدة في المجتمع، لكن الإعلام مهمته أن يسلط الضوء على الملاحظات، ولو ذهب هذا الإعلام واستطلع آراء الجميع لوجد أن النتيجة مختلفة، لأن الإعلام ركز على ما قيل إنها “سلبيات”، وهي محددة في عدة نقاط يمكن الإجابة عنها بكل بساطة.
نحن في الحكومة لسنا متخوفين على القانون لأننا شددنا من اليوم الأول على أن الحوار مكانه مجلس النواب، ولا بد من الاستماع إلى آراء مختلفة.
• لكن هناك شخصيات وازنة انتقدت مشروع القانون باتجاهات معينة وركزت على الانتقادات، وهي شخصيات مؤثرة في الرأي العام؟ ألا يعتبر ذلك مشكلة بالنسبة لكم؟
– لا، ولدينا إجابات على كل الملاحظات التي قيلت، البعض ينتقد إما لأن مشروع هذا القانون لا يوائمه شخصيا ولا يتفق مع تطلعاته ووجهة نظره، أو لأنه لا يستوعبه بالكامل، لأن القانون لا يتم التعامل معه بشكل جزئي، بل كوحدة واحدة في المجمل. وما سمي بالسلبيات موجود في كل الأنظمة الانتخابية، لكن في القائمة النسبية المفتوحة على مستوى المحافظة فهي أقل النسب سلبية، ويعني ذلك إذا قلنا عن تفتيت الأصوات وأن الناس سيخدع بعضها بعضا داخل القائمة الواحدة، فهذا كان قائما في نظام القائمة الحرة في العام 1989 وفي التصويت الفردي أيضا موجود، وموجود بشكل أكثر حدة من مشروع هذا القانون.
وتم إظهار هذا القانون وكأن موضوع التفتيت يختص به، وذلك لا يعتبر حقيقيا، على العكس فالقانون يمنع التناحر داخل القوائم لأن الفوز هو للقائمة وليس للمرشح.
• هل تعني أنه لا توجد هجمة على مشروع القانون؟ وهل يجب عليكم أن تستمروا في الدفاع عنه كحكومة؟
– لا، هناك ملاحظات تقال لكنها ليست جامعة لكل الآراء أيضا. هناك قصة يجب توضيحها وأن يتقبلها الجمهور، الحوار الذي يدعو إليه مجلس النواب نحن طرف فيه، وإذا طلب منا التوضيح أو الدفاع نوضح، هذه المنصة هي للنواب، لكن بخط متواز، فالحكومة وأنا شخصيا مستمران في التوضيح والشرح، وأنا شاركت في أكثر من 17 لقاء لتوضيح جوانب القانون، ولا ندير حوارا.
• عدم دعوتكم للاجتماع الذي دعت إليه اللجنة القانونية النيابية رؤساء الوزراء السابقين أو إلغاء الدعوة؟ ما تفسيرها؟ ألا يضيركم تغيبكم عن المناقشات والرد عليها؟
– ما حدث اجتهاد من أصحاب الدعوة ونحن ضيوف الآن، تم إبلاغنا أن يكون الاجتماع مغلقا على الذوات أصحاب الدولة. ولا يضيرنا غيابنا على الاطلاق، ونحن نحب أن ندافع عن القانون إذا طلب منا. ونستمع وندون ملاحظات تفيدنا.
• بالعودة إلى الانتقادات الرئيسية على مشروع القانون، غياب عتبة الحسم في عدد الأصوات، وغياب القائمة المغلقة، وغياب تقسيم الدوائر الانتخابية وإرجاؤها لإصدارها في نظام لاحق؟ ما تعليقكم مجددا على استبعاد كل ذلك؟
– أولا في مسألة العتبة، هي موجودة في مشروع القانون ضمنا لكن غير منصوص عليها، فإذا كانت هناك دائرة فيها 100 ألف ناخب وترشحت منها 10 قوائم، فبالتأكيد أن القائمة التي تحظى بعشرة آلاف صوت ستفوز، إذا هي موجودة، لكن في دائرة فيها 100 ألف ناخب مثلا وترشح منها 20 قائمة، ستكون العتبة أقل، وكبر العتبة أو صغرها يحددهما عدد المرشحين وعدد الناخبين وعدد القوائم.
ما يقصده من يطالبون بالعتبة أن يكون هناك حد أدنى من عدد الأصوات التي تحوز عليها القائمة حتى تتمثل، وبدون ذلك لا تحصل على التمثيل، أعتقد أن هذا أبعد ما يكون عن الديمقراطية، وعن تمثيل الناس، فإذا افترضنا وجود دائرة فيها 100 ألف ناخب، والعتبة اعتمدت بواقع 1 % مثلا، فإن ذلك يعني أن ألف صوت ستحصل على تمثيل بينما لن يمثل 999 صوتا، والآن يدخل الناخب ويصوت لقائمة يمينية أو قائمة غير مصنفة سياسيا تطرح إلغاء التأمين الصحي ورفع الضريبة وفتح الاستيراد مثلا، هذه القائمة ستحصل على 999 صوتا، لكن العرف القائم في العالم أن هذه القائمة لم تتخط العتبة ولن تمثل وستؤول أصواتها إلى أكبر حزب.
لنفترض أن أكبر حزب مثلا كان يساريا، وكانت شعاراته إقرار التأمين الصحي وإغلاق الاستيراد وتخفيض الضريبة، أي عكس ما ذهب إليه الناخب، ثانيا إن العتبة مسألة اخترعتها الأحزاب القوية، والهدف منها إقصاء فئات أخرى والأقل تمثيلا وترك السلطة بيد الأقوى، وهذا غير ديمقراطي، بالتالي العتبة لا تحقق الغرض الذي يطالب به الناس، وتضاعف القوة الحقيقية للقوى الكبيرة الموجودة.
أما القائمة المغلقة، فهي أيضا طريق للديمقراطية لكن أين؟ إذا أردنا تبني مشروع قانون انتخاب جديد لا بد من فهم طبيعة وتركيبة المجتمع الذي نحن فيه، هل مجتمعنا محزب؟ بالطبع لا، القائمة المغلقة تصلح دون أي نقاش في البلدان التي تتصارع فيها 3 أو 4 أحزاب قوية، بحيث تجري ابتداء انتخابات داخل الحزب المعني تنتهي إلى تشكيل القائمة، وعند التصويت يؤشر الناخب فقط على اسم القائمة، وهذا الأمر جرب في المجلس النيابي السابع عشر (الحالي) على قائمة “وطن” وثبت أنه لم يحقق الغرض منه، ولم تجر أحزاب سياسية انتخابات داخلية أولا ولم تشكل تكتلات داخل المجلس، لا أقول إن هذا النظام سيئ لكنه لا ينطبق على الحالة السياسية الاجتماعية الأردنية.
• في جزئية استبعاد القائمة المغلقة، البعض اعتبرها موجهة لتحجيم الحركة الإسلامية وجماعة الإخوان المسلمين في البلاد؟ ما رأيك؟
– من يقول إن هناك قانونا أو أن هذا القانون موجه لتحجيم الإسلاميين أجيب عليه بشيء واحد، هو أنه في العام 1989، وفق القائمة الحرة، حصل الإخوان على 21 مقعدا، وفي انتخابات الصوت الواحد (1993) الذي انتقده الإخوان حصلوا على 18 مقعدا، كيف إذا سيتم تحجيمهم؟
• في مسألة تقسيم الدوائر، ما يزال الغموض يحيط بها، خصوصا من حيث تباين آلية احتساب الأصوات والكوتات، والجميع يتساءل عن الأسباب التي دعت الحكومة إلى إرجاء إصدار النظام لاحقا من قبل الحكومة؟
– هذا ليس صحيحا على الإطلاق، كل شيء مدرج في مشروع القانون، فأولا، كل محافظة هي دائرة انتخابية، ما عدا المحافظات الكبيرة، وعليه فإن 90 % من المملكة معروفة الدوائر، ثانيا النظام المعتمد هو القائمة النسبية المفتوحة على مستوى المحافظة، إذا آلية الاختيار واضحة، وثالثا يجري الترشح داخل القائمة بحسب الترتيب الأبجدي للأسماء، أما رابعا فإن مرشحي الكوتات يكونون ضمن هذه القوائم كعدد زائد عليها، خامسا يستطيع مرشحو الكوتا من الإخوة المسيحيين أو الشيشان أو الشركس الترشح خارج دوائرهم، هذا هو النظام الانتخابي، فما الذي تبقى؟ بقي 3 محافظات فقط، ونحن على استعداد لشرح معايير تقسيمها في حينه إذا سار هذا المشروع على ما يرام، وتحديد عدد المقاعد والمناطق الجغرافية، لأن هناك معايير متغيرة لا يمكن أن تدرج في القانون.
• لكن هناك أيضا ملاحظات حول عدم وضوح احتساب الكوتات؟
– الآلية هي ذاتها السارية حاليا، من يفز من مرشحي الكوتا بالتنافس لا يحتسب مقعده على الكوتا، ففي الواقع الحالي مثلا لدينا 3 سيدات خارج الكوتا في البرلمان، وذات الشيء بالنسبة للمسيحيين، لدينا في المجلس نائب محترم مسيحي خارج الكوتا، ولدينا 10 نواب مسيحيين، بينما الكوتا محددة بـ9، كيف إذن تكون الأمور غير واضحة؟
• فيما يتعلق بترشح المرأة، هناك حديث عن غياب العدالة عند مقارنة الدوائر الانتخابية الكبيرة بالأصغر، مثلا من تترشح في الكرك كدائرة انتخابية واحدة لا تواجه منافسة كبيرة مقارنة بمن تترشح في عمّان مثلا إذا قسمت لخمس دوائر؟
– ليس صحيحا، لأنه منذ اليوم الأول الذي جرى فيه تخصيص كوتا للمرأة تحسب الأمور بالنسبية، ولا زالت كذلك، لكن القانون أقر سيدة واحدة لكل محافظة، فلو كانت هناك محافظة فيها 3 دوائر، في الأولى 100 ألف ناخب، وفي الثانية 200 ألف ناخب، وفي الثالثة 300 ألف ناخب، وترشحت فيها نساء، فحصلت الأولى على 6 % من الأصوات، والثانية على
5 %، وفي الثالثة 4 %، فهي تحاسب على النسبة، وأعلى نسبة في المحافظة هنا هي في الدائرة الأولى التي يوجد فيها 100 ألف ناخب، إذن لا تغيير على الآلية، فلماذا لم يجر انتقاد هذه الآلية مسبقا… أنا مستغرب.
• ماذا بشأن الانتقادات الموجهة حول عدم توسيع دائرة البدو؟
– دوائر البدو مسجلة في القيود المدنية بموجب رابطة الدم وليس الجغرافيا، يعني نحن ندرك أنه لم يعد هناك بدو رحّل وكلهم شخصيات وطنية داخل مجتمع مدني ودولة مدنية، لكن القيود المدنية تقول إنهم مسجلون على رابطة الدم، بمعنى أن البدوي الذي يسكن عبدون مسجل في دائرته على فخد عشيرته وليس على سكنه الجغرافي، مثلا بدو الجنوب ينتشرون في 4 محافظات هي معان والطفيلة والكرك والعقبة، ومقيدون وفق رابطة الدم، فكيف لي أن أعيدهم إلى أماكن السكن؟ إذا أردت أن أعتمد مكان السكن فيجب أن أغير في القانون الساري، بينما ما يطالب به الناس هنا أنه لا يمكنك أن تعود إلى البلدة الأصلية، ومن يطالب بفتح دوائر البدو هم أنفسهم من يطالبون باعادتهم إلى مواقعهم الأصلية، فكيف نحل هذا التناقض؟ إذا أردنا أن نعتمد نظاما انتخابيا متقدما فمكان السكن يجب أن يسري على الجميع.
• القائمة الوطنية لماذا لم يتم تطويرها بدلا من إلغائها؟
– القائمة الحزبية أو تخصيص قواعد للأحزاب (كوتا) أفتى بعدم دستوريتها المجلس العالي لتفسير الدستور وليس الحكومة، لكن سؤالي ما المانع أن تتحالف التيارات السياسية الثلاثة الرئيسية، اليمينية والوسطية واليسارية، داخل قوائم على مستوى المحافظة، وأن تكرر نفسها في كل المحافظات الخمس عشرة، أليس هذا هو الوطن؟.. الوطن مجموعة محافظات، وهذا يعطي الأحزاب فرصة أكبر للتحالف.
• على ذكر كيفية معالجة القانون للطعون التي قد تقدم في مرشحي القوائم ومصير القوائم، هل لدى الحكومة تصور جاهز عن كل المسائل الفنية التي قد تواجهها عند تطبيق القانون لاحقا؟
– هذه القضايا فنية، ومن الأفضل أن نذهب للتعليمات، وفي حالة تساوي الأصوات وغيرها، ليس مطلوبا من القانون والدستور أن يضع كل التفاصيل، بل يأتي ذلك في نظام أو في تعليمات، وهناك مسائل ليست بالمعضلة، وإذا أرادوا أن يضمنها النواب في القانون فلا مشكلة.-الغد