عروبة الإخباري- حذرت أنقرة موسكو من تكرار اختراق مجالها الجوي خلال شنها غارات على سوريا، فيما ندد حلف شمال الأطلسي بهذا التوغل الروسي «البالغ الخطورة» داخل الأجواء التركية، ودعا روسيا إلى «الوقف الفوري لهجماتها ضد المعارضة السورية والمدنيين».
وقال وزير الخارجية الأمريكي جون كيري أمس الاثنين «إن الولايات المتحدة «تشعر بقلق بالغ» من انتهاك طائرة روسية المجال الجوي التركي في مطلع الأسبوع وإنه كثف المباحثات مع موسكو».
وقال كيري إن نظيره التركي تحدث إليه هاتفيا عن الواقعة يوم السبت التي ناقشها كيري مع وزير الدفاع آش كارتر ومستشارة البيت الأبيض للأمن القومي سوزان رايس.
وقال كيري أثناء زيارة لتشيلي «إننا نشعر بقلق بالغ لأنها الأشياء نفسها التي كانت تركيا قد ردت عليها… وكان من الممكن أن تؤدي إلى صدام وهي الأشياء نفسها التي حذرنا من مغبتها.»
وقال إنه منذ ذلك الحين أجرى محادثات دبلوماسية مكثفة لضمان ألا يحدث تصادم غير متعمد بين الطائرات الروسية وطائرات التحالف فوق سوريا.
وقال كيري «هذه المحادثات أصبحت الآن أكثر كثافة وسنرى قريبا جدا هل يمكن نزع فتيل هذا الأمر». وأضاف قوله إن على روسيا مسؤولية أساسية بالتصرف وفق المعايير الدولية.
وقال كيري أيضا إنه من الواضح الآن بعد الواقعة التي جرت مطلع الأسبوع إن دوافع روسيا أوسع من مجرد قتال تنظيم «داعش» في سوريا.
وقال إن روسيا يجب أن تنقل بشكل مباشر إلى الرئيس السوري بشار الأسد ما هو منتظر منه في إطار تحول سياسي في سوريا.
وقال كيري «أود أن أقول لروسيا إن عميلهم الذي أصبح يواجه متاعب كبيرة يجب أن يعرف بطريق مباشر ما نقلته روسيا إلينا وما هو مطلوب منه للوفاء بالتوقعات الدولية في هذا الشأن.»
وأضاف قوله «إذا لم يفعل ذلك فإننا سنستمر في التحرك في اتجاه سيؤدي بالقطع تقريبا إلى الكثير من الإرهاب والكثير من الصراع وربما الدمار الكامل لدولة سوريا.»
فيما أكد رئيس الوزراء التركي أحمد داوود أوغلو أن روسيا اعترفت بأن إحدى طائراتها انتهكت «بالخطأ» المجال الجوي التركي، ولكنه أصدر تحذيرا حادا بأن بلاده لديها قواعد واضحة للاشتباك على حدوده.
وكانت انقرة أعلنت أن مقاتلات أف 16 تركية اعترضت السبت طائرة حربية روسية انتهكت المجال الجوي التركي عند الحدود السورية وأرغمتها على العودة، وفق وزارة الدفاع التركية.
كما أكد الجيش التركي في بيان آخر الاثنين تعرض مطاردتين تركيتين «لمضايقة»من طائرات ميغ 29 مجهولة الأحد على الحدود السورية.
وحذر رئيس الوزراء التركي احمد داوود أوغلو الاثنين في تصريحات لقناة «خبر- تورك» الإخبارية من أن «قواعد الاشتباك لدينا واضحة أيا كانت الجهة التي تنتهك مجالنا الجوي»، مضيفا «لدى القوات المسلحة التركية أوامر واضحة، حتى لو كان طيرا فسيتم اعتراضه».
ويختلف الموقفان الروسي والتركي بشأن الأزمة في سوريا، إذ تعد موسكو الحليف الرئيسي للرئيس بشار الأسد، بينما تدعو أنقرة إلى رحيله كحل وحيد للنزاع.
وأعلن حلف شمال الأطلسي الذي تنتمي إليه تركيا ، عقب اجتماع طارئ بشأن الأزمة السورية أن «الحلفاء يحتجون بقوة على هذه الانتهاكات للأجواء السيادية التركية، ويدينون هذه التوغلات والانتهاكات لأجواء الحلف الاطلسي. ويلحظ الحلفاء كذلك الخطر البالغ لمثل هذه التصرفات غير المسؤولة».
ودعا روسيا إلى «الوقف الفوري لهجماتها ضد المعارضة السورية والمدنيين».
وأعرب مسؤول رفيع في وزارة الدفاع الأمريكية من جهته عن قلقه إزاء هذه الانتهاكات. وقال «لا أعتقد أن هذا كان حادثا (…) هذا يؤكد الشكوك في نواياهم ويثير تساؤلات حول سلوكهم وتصرفهم بشكل مهني في الأجواء».
وفي بروكسل أعلن رئيس المجلس الأوروبي دونالد توسك والرئيس التركي رجب طيب اردوغان أنهما بحثا الاثنين في بروكسل «المنطقة الآمنة» التي تطالب أنقرة بإقامتها على طول حدودها مع سوريا.
وصرح توسك للصحافيين بعد استقباله اردوغان في بروكسل أن «الاتحاد الاوروبي مستعد لمناقشة كل الموضوعات مع تركيا، وقد تحدثنا تاليا عن إمكان (إقامة) منطقة عازلة في سوريا».
من جهته قال اردوغان «إذا أردنا حل مشكلة اللاجئين هناك ثلاثة أمور يجب القيام بها: الأول هو تدريب وتجهيز القوات المتمردة المعتدلة المعارضة لنظام الرئيس بشار الأسد في سوريا، وهو ما باشرت الولايات المتحدة القيام به».
وأضاف «الثاني هو إقامة منطقة آمنة لا بد من حمايتها من الإرهاب، والثالث يشمل اقامة منطقة حظر جوي».
وسرعان ما جاء الرد من موسكو برفض إقامة منطقة آمنة في شمال سوريا. وقال نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف الاثنين لوكالة انترفاكس «بالتأكيد نرفض هذا الأمر. ينبغي احترام سيادة الدول».
في موسكو، أعلنت وزارة الدفاع الروسية في بيان شن 25 طلعة جوية استهدفت الاثنين تسعة مواقع تابعة لتنظيم «الدولة الإسلامية» في سوريا في الساعات الـ24 الأخيرة. وقالت إنها تهدف الى «زعزعة السلسلة القيادية وضرب لوجستية الإرهابيين».
وبحسب البيان، شملت الضربات في محافظة حمص (وسط) مركزا قياديا في الرستن ومستودعات ذخيرة ومركز اتصالات في تلبيسة. وطالت في إدلب (شمال غرب) معسكر تدريب في جسر الشغور ومواقع في منطقة جبل القبة. كما استهدفت مركزا قياديا في محافظة اللاذقية (غرب).
وبحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان فإن تنظيم داعش غير موجود عمليا في المناطق المذكورة. فمنطقة جسر الشغور على سبيل المثال خاضعة لسيطرة «جيش الفتح» الذي يضم جبهة النصرة ومجموعات إسلامية تقاتل النظام وتنظيم «داعش».
وبحسب مدير المرصد رامي عبد الرحمن، يشمل «نطاق عمليات الطائرات الروسية محافظات حماة وإدلب وحمص واللاذقية والرقة (شمال) ومناطق سيطرة تنظيم داعش في ريف حلب الشرقي (شمال)، في حين يواصل النظام السوري عملياته الجوية في محافظة دير الزور (شمال شرق) ومدينة حلب وريف دمشق ودرعا (جنوب)».
وأعلن 41 فصيلا مقاتلا في سوريا، أبرزها حركة «أحرار الشام الإسلامية» و»الجبهة الجنوبية» و»جيش الإسلام»، في بيان مشترك الاثنين ان «الاحتلال (الروسي) الغاشم قطع الطريق على أي حل سياسي»، داعين دول الجوار إلى «تشكيل حلف إقليمي في وجه الحلف الروسي الإيراني المحتل لسوريا».
وتصر موسكو على ان طائراتها تستهدف «الإرهابيين» فقط في سوريا. ولكن على غرار النظام السوري، يصنف الكرملين كل فصيل يقاتل نظام الأسد بـ»الإرهابي» بخلاف دول الغرب التي تواصل انتقاد روسيا لشنها ضربات ضد مواقع فصائل مقاتلة تصنفها بالـ»معتدلة».
وجددت فرنسا الاثنين على لسان وزير خارجيتها لوران فابيوس دعوة روسيا إلى تركيز ضرباتها الجوية على تنظيم الدولة الإسلامية و»الجماعات التي تعتبر إرهابية»، ومن بينها جبهة النصرة (ذراع تنظيم القاعدة في سوريا).
وأعربت المانيا الاثنين عن شكوكها حيال إعلان روسيا أن ضرباتها الجوية تستهدف جهاديي تنظيم الدولة الإسلامية بدلا من مجموعات المعارضة الأخرى. وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الألمانية مارتن شافر «نرى أنه من المهم التوفيق بين الأقوال والأفعال».
وفي مدريد، أعلن وزير الدفاع الأمريكي اشتون كارتر الاثنين أن الغارات التي تشنها روسيا تندرج في إطار «استراتيجية خاسرة»، داعيا إلى قصف تنظيم داعش أولا.
من ناحية ثانية، قال ضابط عسكري إسرائيلي إن وفدا عسكريا روسيا رفيعا سيزور إسرائيل اليوم الثلاثاء لإجراء مباحثات على مدى يومين بشأن السبل التي يمكن بها للبلدين تفادي وقوع اشتباك غير مقصود بين قواتهما أثناء القيام بعمليات في سوريا.
وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو والرئيس الروسي فلاديمير بوتين اتفقا في 21 سبتمبر /أيلول على إنشاء فرق تنسيق بعد تعزيز موسكو لدعمها العسكري للرئيس السوري بشار الأسد.
وتخشى إسرائيل أن يؤدي الحشد العسكري الروسي الذي يشتمل على طائرات حربية ووحدات متطورة مضادة للطائرات إلى اشتباك بين القوات الروسية وقواتها فوق سوريا.
وكانت إسرائيل هاجمت القوات المسلحة السورية و»حزب الله» اللبناني حليف دمشق أثناء الحرب الأهلية الدائرة رحاها منذ أكثر من أربعة أعوام في سوريا. وتقول إسرائيل إنها تحمل الحكومة السورية المسؤولية عن أي امتداد للعنف.