القراءة الأردنية للتطورات في الإقليم وفي سورية تحديدا، ماتزال كما هى منذ ولادة الأزمة قبل خمس سنوات؛ واقعية ومتبصرة، ومتحللة من الأوهام.
ماذا عن عام 2016؟
استراتيجيا؛ الحل السياسي ليس قريبا. لاشك أن ذلك يبعث على الإحباط، لكنها الحقيقة، ولابد من قبولها، والتكيف معها. أميركا ليست في وارد تغيير سياستها؛ لقد دفعت ثمنا باهظا في المنطقة، وليس في نيتها تقديم المزيد. المسؤولون الأميركيون وفي اجتماعاتهم مع نظرائهم العرب يطرحون الأسئلة القديمة حول سورية، ولا يقدمون أجوبة.
روسيا إلى جانب النظام؛ قد تتخلى يوما عن الأسد، لكنها لن تتخلى عن النظام. التدخل العسكري الأخير لموسكو، لايزيد على كونه دعما معنويا للنظام، ولن يكون له أثر بالغ في الميدان. روسيا تخشى من خطر الجماعات الإرهابية؛ الآلاف من أبناء الجمهوريات التابعة لها التحقوا بداعش والنصرة. الجيش الروسي قرر ملاحقتهم في سورية قبل أن يعودوا لشن هجمات في المدن الروسية.
العالم بات يدرك خطر الإرهاب والتطرف، لكنه لايملك استراتيجية متكاملة لمواجهة هذا الخطر.
تكتيكيا، أو على الأصح عسكريا؛ عام 2016 سيشهد تركيزا على سورية أكثر من العراق. والهدف محاصرة “داعش” في مناطق سيطرته، خاصة مدينة الرقة. ثمة أفكار بهذا الشأن تعمل على بلورتها دول في المنطقة مع نظيراتها الأوروبية وفي إطار حلف”الناتو”، لتوجيه ضربات قاصمة للتنظيم، وشل قدرته على التمدد والسيطرة. التعاون مع الأكراد في هذا المجال سيكون حيويا وضروريا.
عين الأردن ستكون مفتوحة على جنوب سورية، وبتركيز أكبر على مدينة تدمر التي يسيطر عليها تنظيم “داعش”. تدمر مفتاح دمشق، ونقطة الانطلاق نحو الجنوب. لن يسمح الأردن لداعش بعبورها.
المناطق السورية المحاذية للحدود الأردنية، تحت النظر على مدار الساعة. ثمة قدر من الاستقرار، يجعل منها “مناطق آمنة” بحكم الأمر الواقع.
وفي كل ماشهدته تلك المناطق من عمليات قتالية بين المعارضة والجيش السوري، لم يسجل الجانب الأردني أي استهداف من الجيش السوري، أو حزب الله للأراضي الأردنية.
أزمة اللاجئين باقية معنا في العام المقبل، لكنها لم تعد كما كانت قضية دول الجوار، فقد تحولت إلى أزمة عالمية.
العالم أصبح يقدر دور الأردن بهذا الملف أكثر بكثير من السابق، وصار مستعدا أكثر من أي وقت مضى لمساعدتنا. رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون، وبدعم من المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل قادا جهدا أوروبيا، وبالتعاون مع البنك الدولي، لتقديم دعم اقتصادي للأردن، يتضمن حزمة مساعدات تنموية، تتجاوز التصنيف المعتمد لدى البنك في تقديم الدعم، وإدخال العنصر الإقليمي كمعيار جديد. وسيلمس أثر هذه المساعدات سكان محافظات شمال المملكة.
يملك الأردن خطوط اتصال قوية مع جميع أطراف اللعبة في المنطقة والعالم. علاقاته مع أميركا والدول الغربية قوية واستراتيجية. وهو في ذات الوقت على علاقة وثيقة مع روسيا، ويتبادل معها المشورة فيما يخص سورية وغيرها من القضايا. الاتصالات مع الأطراف السورية قائمة بمستويات متباينة. التنسيق مع تركيا يستعيد زخمه تدريجيا.العلاقات مع السعودية ودول الخليج متطورة جدا، مثلما كانت على الدوام.
خيوط اللعبة متشابكة ومعقدة ومتغيرة باستمرار، لكن صانع القرار يتقن فن التعامل معها باقتدار.