عروبة الاخباري – خاص – كتب سلطان الحطاب – أخذت سلطنة عمان موقعها على الخريطة العالمية كرسول سلام بين الامم بعد ان راكمت نجاحات في هذا المجال واصبحت محط الباحثين من الدول عن حلول لبعض مشاكلها المتعلقة بالخطف والاسر من مواطنها ..
السياسة العمانية المعروفة بالاعتدال وقبول الاخر والتعامل مع كل الاطراف بموضوعية وعدل وانصاف تعمقت ملامحها وغدت مثالا اراد السلطان قابوس بن سعيد تعظيمه واستمرار دفعه للامام ..
نجحت السلطنة في عقد لقاءات على المستوى الدولي بين دول افسدت الصراعات والحروب علاقاتها كما نجحت في اطلاق سراح مخطوفين واسرى كان يترتب على بقائهم خطرا على حياتهم ومزيدا من الصراع مع دولهم..
اطلقت سراح اميركيين من ايران وكذلك انجليز وصحفيات وصحفيين ضلوا سبيلهم اثناء عملهم. كما كانت هناك لقاءات على مستويات دولية مهدت لصفقات كبرى فالقادة العمانيون مهدوا لمحادثات اميركية – ايرانية . وايضا سعودية – ايرانية ولمصالحات خليجية بين دول الخليج نفسها .. بين قطر من جهة والكويت والبحرين والسعودية من جهة اخرى وبين مصر واطراف اخرى. وهذه السياسة للسلطنة كانت عميقة الجذور وقامت في اوقات مبكرة فالسلطنة لعبت دورا في اعادة مصر للصف العربي بعد معاهدة كامب ديفيد حين جرى عزل مصر في زمن الرئيس السادات وكان لحضور السلطان قابوس الى العقبة بالاردن واللقاء مع الملك الراحل الحسين بن طلال الاهمية في تقديم مبادرة اعادت فيها الدولتان علاقاتهما الطبيعية مع مصر ولم يذهبا الى القطيعة معها كما فعلت دول عربية اخرى فقد ظلت سلطنة عمان تحافظ على تصفير اي خلافات لها او يمكن ان تنشأ مع دول الاقليم والجوار وحتى مع دول في العالم ..
وظلت سياسة الحياد الايجابي وعدم التدخل في شؤون الاخر تقترن ايضا بمبادرات عمانية نشطة في تقديم فائض جهد عماني سياسي وانساني للمجتمعات الدولية ولدول صديقة ..
اخر المبادرات العمانية الناجحة كانت تخليص مجموعة من المحتجزين في اليمن لدى الحوثيين في مبادرة عمانية نبيلة شملت اطلاق سراح ( 6) رهائن كانوا محتجزين في اليمن والرهائن هم ثلاثة سعوديين وامريكيان وبريطاني جرى نقلهم الى مسقط على طائرة من سلاح الجو السلطاني ومبادرة من السلطان قابوس الذي ظل يقف وراء سياسات ناجحة في اطفاء العديد من التوترات والخلافات وحتى الحرائق في منطقتنا ..
لقد كان صوت السلطنة محذرا من قبل احداث ما يسمى الربيع العربي وكان الصوت الاعلى لسياسات السلطنة داخل مجلس التعاون الخليجي حين رفضت السلطنة اسلوب الاحتواء والهيمنة والوصاية من اي طرف ورات ان اي صيغة وحدوية او اتحادية او تقربية يجب ان تمر بالمشاورات وموافقة كل الاطراف ومراعاة مصالح الجميع ..
كما ظلت سياسات السلطنة التي اطلعت على كثير من منطلقاتها في هذا المجال من وزير الشؤون الخارجية معالي يوسف بن علوي وكذلك من معالي الدكتور عبد المنعم الحسني وزير الاعلام الذي وضح ابعادا لسياسات السلطنة الاعلامية حتى يظل الاعلام العماني في ركاب نقل ورسم صورة السلطنة وسياساتها الانسانية والايجابية ..
ظلت سياسات السلطنة الخارجية تقوم على مبدا احترام كل الاطراف ومساعدة اي جهة دولية او عربية تريد من السلطنة دورا في هذا السبيل .. خلاف المبادرات الذاتية التي قدمتها السلطنة لاطلاق سراح رهائن او سجناء او مخطوفين ..
كما ظلت السلطنة تقيم علاقاتها الثنائية على اساس مصالحها الوطنية بوضوح وشفافية وترفض التبعية والهيمنة سواء داخل مجلس التعاون الخليجي او في المحافل العربية او الدولية .. وظلت هذه السياسة التي مارستها السلطنة تعطيها مرونة في الحركة والتعامل وتحافظ بها على حرية قراراتها في صباغة علاقاتها ولذا احتفظت السلطنة بعلاقات طيبة ومنفتحة مع كل الاطراف العربية والاقليمية ولم تتورط في صراعات داخلية او اقليمية او عربية اذ احتفظت بنفس المسافة في تعاملها مع مختلف الاطراف فهي تعاملت مع النظام السوري وتفهمت مواقف بعض المعارضين في سوريا كما تعاملت مع الجمهورية الاسلامية الايرانية بوعي واحترام وكانت تقدم نصائحها لها حيث يجب ان تقدم وتقال ورفضت السياسات الاميركية والعربية في معاداة ايران لانها كانت تدرك ان وراء العداء الاميركي والغربي لايران مصالح يمكن التوافق عليها كما حدث في الاتفاق النووي الغربي مع ايران .. وظلت تدرك ان هناك اطراف عربية تورطت في الحرب على سوريا دون ادراك العواقب وحتى الحرب في اليمن وعلى اليمن فان للسلطنة فيها راي ولديها مبادرات لم تبخل في تقديمها ..
لقد اثبتت السياسات العمانية الاستراتيجية في منطقة الخليج والمحيط الهندي وبحر العرب وعلى مضيق هرمز صوابها وعمق الرؤية فيها . فقد ظلت عمان حريصة على مجالها الحيوي الاستراتيجي في الجوار الايراني حيث مضيق هرمز الهام وحيث الواجهة البحرية الايرانية واليابسة الايرانية التي ظلت سلطنة عمان تحرسها لتحرس تاريخها وتحمي مقدرات شعبها ..
السياسة الخارجية العمانية ليست للاعلام وليست استعراضية فكثير من المواقف الصعبة والمعقدة جرى حلها بعيدا عن الاعلام وعبر قنوات سياسية ودبلوماسية ومبادرات سلطانية . وقد راينا دورا للسلطنة في دعم اللاجئين السوريين دون ضجيج او استعراض وفي دعم الشعب الفلسطيني في الداخل وفي المخيمات في الخارج..
لم تضع عمان راسها في الرمل ولم تنأى بنفسها حيث يكون الواجب الانساني ولكنها كانت تنأى عن الفتن والحرائق المفتعلة والتي تنطوي على مصالح خاصة وضيقة ..
وحتى في العلاقة الحساسة مع اليمن لم تشمت السلطنة ولم تقبل تسديد فواتير قديمة بل وقفت الى جانب الشعب اليمني ومكنته واعترضت على اية حروب ضده وحذرت من ذلك واستقبلت كل الاطراف العمانية من قبل ومن بعد وفي كل المراحل .. بعد ان طوت صفحات الماضي حين كانت اطراف يمنية مستقطبة لجهات وتيارات وسياسات دولية خارجية ..
لقد ادركت الحكمة العمانية والسياسة التي ينتهجها السلطان قابوس خطورة الحرب في اليمن وعلى اليمن واستمرارها ولذا لم يتوقف الجهد العماني في سبيل حقن الدماء وفتح الحوار وتحذير كل الاطراف المتورطة في اليمن وغيرها من الساحات العربية حيث سبب التدخل بين البلدان العربية مشاكل وانقسامات وصراعات لن تتوقف تداعياتها حين بلغت هذه التدخلات حد الحروب والتزود بالسلاح ..
اهمية الدور العماني الان تتجلى في ان عمان تملك موقفا محايدا غير متورط في الصراعات العربية العربية وهو ما يؤهلها للوساطة وحقن الدماء والعودة بكل الاطراف الى طاولة المفاوضات وهذا الدور العماني الواضح مازال يستفز بعض الاطراف المتورطة التي لا تريد ان ترى لسلطنة عمان هذا الدور القادر والذي يحظى باحترام دولي وايضا بتقدير الشارع العربي الذي عاد من الصراعات ” بخفي حنين ” ..
الحركة السياسية والدبلوماسية العمانية النشطة خاصة في القضية اليمنية لابد ان تدعم وتؤيد من اطراف عربية عدة خاصة من المملكة الاردنية الهاشمية التي ظلت ترغب ان يكون لها نفس الموقف العماني في عدم الزج بالنفس واستمرار النأي بالنفس عن الصراعات الهدامة ليتسنى للامة ان تدافع عن مصالحها القومية وعن مقدساتها التي يجري انتهاكها واستمرار احتلالها في القدس وغيرها حتى اليوم ..
ومع اقتراب العيد الوطني العماني الخامس والاربعين فان سياسة سلطنة عمان التي يقودها السلطان قابوس بن سعيد تزداد ثمرا وتتعمق رؤياها وتصبح محط انظار كثير من دول العالم.