من المتوقع أن نشهد خلال يوم أو يومين صدور الإرادة الملكية بالموافقة على قانون الأحزاب ، وهو أحد القوانين الناظمة للعمل السياسي في الأردن ، وبعد أن انتهت الحكومة من وضع مسودة مشروع قانون الإنتخاب تكون حلقة قوانين الإصلاح قد شارفت على خط النهاية ، في ما يتعلق بالقوانين التي هي من أهم قوانين الإصلاح على الإطلاق وهي : الأحزاب ، البلديات ، اللامركزية ، ليتفرغ البرلمان ، في دورته العادية القادمة لمناقشة مشروع قانون الإنتخاب الذي هو أهم قانون بلا منازع وبدون جدال .
ولا أخفيكم أن ما قيل عن مشروع القانون منذ المؤتمر الصحفي لرئيس الحكومة في المركز الثقافي الملكي لغاية كتابة هذه السطور ، دفعني للكتابة عنه ثانية ( أتحدث هنا كإعلامي وكناشر ) على اعتبار أنه محور أحاديث المجالس والصالونات واالعشائر وغيرها .
قلت في مقالة الأحد الماضي : ” إذا كان القانون المعمول به للآن ، معتمدا على الصوت الواحد ، وهو الذي أفرز مجلس النواب الحالي الذي سينظر مشروع هذا القانون ، فإن مشروع القانون الجديد اعتمد القائمة وفي نفس الوقت لم يمنح الناخب حرية الحركة بين قوائم يريدها أو أسماء يرغبها ، مما فسره البعض بأنه عودة للصوت الواحد ، والذي أغضب الأحزاب ، كما أعتقد هو أن مشروع هذا القانون لن يسمح لها بالوصول إلى البرلمان ” .
وقلت : ” وأيضا ، فإننا لم نر بعد كيفية احتساب الأصوات عبر نظام القوائم ، أو كيف ستقسم الدوائر ، وهو ما سيتضمنه النظام المرتقب ” .
ولكي أوضح هذه النقاط التي اتصل بي أصدقاء ومهتمون كثر بشأنها ، فإنني لا بد لي من القول : بأن مراجعة حصيفة متأنية للمشروع ، تكشف بأن هناك إيجابيات لا يجوز إغفالها ، ولا أتفق أبدا مع من يقول بأن الصوت الواحد بمعناه المعروف موجود في المشروع ، ذلك أن الإنتخاب بعدد مقاعد الدائرة محسوم بلا جدال ، ناهيك عن اعتماد التمثيل النسبي ( أقصد في الدوائر ) وكذلك الامر اعتمد التقسيم الإداري وفق الدوائر ، والأهم أن مشروع القانون منح كل ناخب حرية الحركة ضمن مقاعد الدائرة ، فكيف يقال بأن الصوت الواحد موجود في القانون بمعناه ومبناه ، إلا إن كنا نريد المضي بعكس السير ، وكنت أتمنى أن يطرح أحد من الأصدقاء أو القراء الذين علقوا قضية النظام الإنتخابي ، لأنه هو مربط الفرس ، وقد اشرت إليه في مقالتي المذكورة ، دون أن أتطرق لقانونيته أو دستوريته .
وفي الحقيقة ، فإنه لا بد من القول أن هناك شبهة دستورية في النظام الإنتخابي المرتقب ، هل يصدر كنظام ، أم أنه قانون يقره مجلس الأمة ، وهي قضية تفتي فيها المحكمة الدستورية وليس سواها ، وهذا الأمر يستحق الوقوف عنده ، وطرحه من رافضي مشروع القانون وجيه ولا غبار عليه ، فالمادة الثامنة من مشروع القانون تقول إن النظام الإنتخابي هو الذي سينظم الدوائر ، وهو ما اعتبره البعض مخالفة دستورية للمادة 67 من الدستور التي تتحدث عن أن تنظيم الدوائر يتم بموجب قانون وليس نظام ، وأعتقد أن هذه النقطة ستكون الأسخن في نقاشات النواب حول مشروع القانون ومن المرجح أن يحولها المجلس للمحكمة .
وأعتقد ايضا ، وبدون لف ولا دوران ، أن مشروع القانون تعمد تقسيم المحافظات الكبرى إلى دوائر صغيرة ، وهو ما قرأه البعض على أنه بعثرة للأصوات ، وا‘ود أن أذكر هنا بأن ظروف بلدنا تستوجب أن نكون حذرين ، وأن نراعي مسائل لا يمكن شطبها بين ليلة وضحاها ، حيث إن المهم ، أن لدينا الآن مشروع قانون انتخاب متقدم ، أما البحث عن أن يكون في ” المقدمة ” فأعتقد أن الامر ” بكير عليه ” ، والقانون بمجمله ممتاز وراعى كل شيء ، وفي نفس الوقت ، مضى إلى الأمام ، وهذا ما كنا ندعو إليه ونسعى لتحقيقه .
أرجو أن أكون بذلك قد أوضحت لقرائي الأعزاء ما التبس عليهم في مقالة الأسبوع الفائت وتحياتي للجميع بلا استثناء .
د. فطين البداد
fateen@jbcgroup.tv