عروبة الإخباري- ومات أنطوان لحد في الـ2015. مات العميل الذي شكّل كابوساً للكثير من اللبنانيين ورمزاً للبطش والتعذيب والتعامل مع العدو، وهو نفسه الذي فرّ هارباً إلى إسرائيل ما إن خرج الاحتلال من الجنوب مهزوماً على يد المقاومة اللبنانيّة.
وهو أيضاً الذي عاش آخر أيامه من سنواته الـ88 متنقلاً بين إسرائيل وفرنسا، حيث مات من دون أن يتلو حتى فعل الندامة.
بقي «كبير العملاء» يعتبر نفسه «بطلاً»، فصرّح منذ حوالي السنة «إنّ ملفاتنا أنظف من أن تلطخ بالعمالة. لولا وجودنا في الجنوب لكانت انتهت الهوية اللبنانية. حافظنا على الناس وعلى الأرض والإسرائيلي احترم حبنا للأرض وإخلاصنا لهويتنا.. ومن هنا أمنوا لنا»! فعاش ومات وفياً لجيش العدو، الذي خذله.
..ومات أنطوان لحد، الذي حلمت «زهرة الجنوب» أن يُقتل برصاصاتها. خلال ثلاثة أشهر من الدخول والخروج إلى منزله، حضّرت المقاوِمة سهى بشارة نفسها لتنفّذ حكم الشعب بالخائن عندما تخرج من حقيبتها مسدسها من نوع 5.5 ملم، ولو أنّ يدي ابنة الـ21 عاماً لم تفلح في إصابة «الشريان القاتل».
اليوم، لم تفرح المناضلة الشيوعيّة كثيراً لخبر موت قائد ما كان يسمى «جيش لبنان الجنوبي» منذ الـ1984. بالنسبة لها، فإنّ العميل كان مشروعاً ومات «عندما عاد أبناء الوطن، أبناء الجنوب إلى الحجر والأرض. مات في 24 أيّار 2000».
ولم يكن أيضاً خبر موته ليشكّل أياً من ردود الفعل عند اللبنانيين غير الفرح لموت «زعيم العملاء»، لولا أنّ عائلته قرّرت دفنه اليوم، في مسقط رأسه في قرية كفر قطرة في الشوف. لم يستوعب كثيرون هذه الوقاحة في أن يُدفن عميل على الأراضي اللبنانيّة، تماماً كما لم يستوعبوا كيف أن الرجل الثمانيني الذي عُرف بولائه لإسرائيل التي سرعان ما تخلّت عنه، وصل إلى فرنسا برغم صدور منع لدخوله في العام 2000.
والمصادفة كانت غريبة حينما غُرّبت البطلة إلى فرنسا (قبل أن تنتقل إلى سويسرا)، في البلد نفسه الذي قضى فيه الجلّاد، تماماً كالمصادفة المقصودة التي حرمت أحد رموز المقاومة من إعطاء الجنسية إلى أولادها، فيما تمتّع العميل براتب تقاعده الذي كان يصله وهو يبخّس بـ «لبناننا».
وبرغم ذلك، الهدف الذي يعني الكثيرين واحد: أن تعود الطائرة التي تحمل جثة لحد أدراجها من حيث أتت. هؤلاء يعدون أن يفترشوا الأرض بأجسادهم حتى لا تمرّ الجيفة إلى الشوف، وحتى لا تكون مقابرنا، مطامر!
ولهذا الهدف، تنظّم «الحملة الوطنيّة لمنع إدخال جثة العميل أنطوان لحد الى لبنان»، التي أنشأت لها صفحة على «فايسبوك» فور انتشار خبر وفاة لحد، اعتصاماً أسمته بـ «التحذيري» رفضاً لدفن كبير العملاء والخونة انطوان لحد في تراب الوطن، عند السادسة من مساء اليوم، عند طريق المطار تقاطع الكوكودي ـ بيروت.
كذلك، كانت ردود الفعل المستنكرة واضحة لدى العديد من اللبنانيين، خصوصاً أنه انضمّ إلى صفحة «الحملة الوطنية» أكثر من 1100 شخص أكدوا مشاركتهم في اعتصام اليوم. كما انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي وسوماً تؤكّد رفض إدخال جثّة لحد إلى لبنان، مثل: #لا_لجيفة_لحد_في_لبنان، #نقبر_بإسرائيل، #لن_يعود_ولو_جثة، #لكل_عميل_حبيب_وسهى… بالإضافة إلى آلاف التعليقات الرافضة.
كما أكد الأمين العام للحزب «الشيوعي اللبناني» خالد حدادة أننا «لن نرضى أن يكون لبنان الذي حرره شعبه بمقاومته، والتي بقيت بعض جثامين الشهداء الطاهرة في مقابر العدو الصهيوني، أن يأتوا لنا تحت أية ذريعة كانت بهذه النفاية القذرة التي تسمى أنطوان لحد. ونقول لن نرضى مهما كلف هذا الامر. ولذلك ننصح الجميع بعدم اختبارنا مرة جديدة».
وحذّر «كل من تراوده نفسه وإلى أي موقع انتمى سياسياً كان أم دينياً أن يحاول الترويج او العمل على دفن هذه الحثالة في لبنان».
وحدهم عناصر ميليشيا «جيش لبنان الجنوبي» الذين يعيشون في فلسطين المحتلة ومحرومون من العيش بكرامة، يترحّمون على لحد، الذي لم تأت وسائل إعلام العدو على سيرته، ولم تؤكّد أي منها خبر وفاته سوى الإذاعة الإسرائيليّة عبر أحد مراسليها.
وفيما عدا ذلك، نبذ المسؤولون الإسرائيليون نعي رجلهم، كما نبذوه في حياته مع عناصره. وحده رئيس حزب «إسرائيل بيتنا» ووزير الخارجية السابق أفيغدور ليبرمان غرّد خارج السرب فنعى لحد على صفحته على «فايسبوك» قائلاً: «لقد كان أنطوان لحد رجلاً شجاعاً، تشارك مع إسرائيل وحدة المصير، وخاض نضالاً الى جانبنا في اطار تحالف حقيقي عقده ورجاله، لكن للأسف الشديد تخلت عنهم دولة إسرائيل».
وهكذا نطق وزير الاحتلال السابق بالصدق، للمرّة الأولى. وهكذا أيضاً، مات أنطوان لحد برغم أنه استحقّ الموت عن جدارة مساء السابع من تشرين الثاني عام 1988 على يد مدرّبة «الأيروبيك»..(السفير)