عروبة الإخباري – تمر الذكرى السادسة والأربعين لإحراق المسجد الاقصى، التي توافق اليوم الجمعة الحادي والعشرين من آب، في وقت يستصرخ الامتين الاسلامية والعربية لحمايته من اعتداءات شبه يومية عليه، في محاولة لازالته عن الوجود وطمس هوية المدينة المقدسة بالكامل .
ففي الحادي والعشرين من آب من عام 1969 ، أي بعد عامين من الاحتلال الصهيوني للقدس ، نفذ اليهودي المتطرف دينيس مايكل روهان، بحقد شديد جريمته البشعة في إشعال النيران في المسجد القبلي من المسجد الأقصى، والتهم الحريق أجزاءً مهمة منه، الا أن الفلسطينيين هناك استطاعوا إنقاذ بقية المسجد من النيران وألقت سلطات الاحتلال القبض على الجاني، وادعت أنه مجنون.
احراق المسجد الأقصى خطوة نحو بناء الهيكل المزعوم أمين عام اللجنة الملكية لشؤون القدس عبدالله كنعان، قال إن احراق المسجد الأقصى جريمة من أبشع الاعتداءات بحق الأقصى المبارك التي هدفت إلى تشكيل خطوة تهويدية فعلية نحو بناء الهيكل اليهودي المزعوم مكان المسجد الأقصى.
واضاف أن هذه الحادثة ستبقى تدق ناقوس الخطر في الذاكرة العربية والإسلامية الفردية والشعبية والرسمية، وتذكرنا شعوباً وحكومات بأن إسرائيل مصرّة على المضي في نهجها العدواني التوسعي الاستعماري وتدمير المقدسات الإسلامية والمسيحية في الأراضي المحتلة وإقامة الدولة اليهودية على أرض فلسطين ضمن سياسة تهويدية ممنهجة بدأت عشية الاحتلال الإسرائيلي للقدس الشرقية عام 1967 بهدم حارة المغاربة .
وبين ان الاعتداءات الاسرائيلية بأشكالها المختلفة استمرت من استيطان واستيلاء على الأراضي وهدم للمنازل والقيام بحفريات تدمر الآثار العربية والإسلامية في القدس بهدف تغيير وطمس هويتها العربية والإسلامية وتزوير تاريخها والقيام باعتداءات شبه يومية على المسجد الأقصى في محاولات منها لإزالته.
واشار الى ان آخر هذه الاعتداءات كان إعلان سلطات الاحتلال عن نيتها طرح مناقصة لبناء كنيس يهودي كبير قرب المسجد الأقصى المبارك، أطلقت عليه اسم “جوهرة إسرائيل” للتعتيم على معالم المسجد الأقصى وخاصة قبة الصخرة ولتضليل العالم بأن لهم في ذلك الموقع تراث ومعابد.
وقال إن الاعتداءات الصهيونية المستمرة تشير إلى ان إسرائيل تعمل وتتجه نحو إقامة دولة يهودية على أرض فلسطين يجب أن يتصدى لها الجميع، ومع أن مسؤولية الحفاظ على المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس هي مسؤولية أردنية كفلتها اتفاقية وادي عربة وأكدتها اتفاقية الوصاية الهاشمية التي وقعها جلالة الملك عبد الله الثاني والرئيس الفلسطيني محمود عباس، إلا أن المطلوب من كافة الدول العربية والإسلامية والدول الراعية للسلام أن تدعم الجهود الأردنية في كبح جماح التوسع والتهويد الإسرائيلي لإحلال السلام في المنطقة وتمكين الفلسطينيين من إقامة دولتهم المستقلة على كامل التراب الفلسطيني المحتل عام 1967 وعاصمتها القدس الشريف.
واكد أن إسرائيل لا تفهم إلا لغة القوة سياسية كانت أم عسكرية بدليل أنها كانت تضع جانباً فكرها الأسطوري الصهيوني عندما تواجه بإرادة دولية وعربية قوية صامدة، الأمر الذي يجب أن يكون في الوقت الحاضر بسبب كثرة الاعتداءات على المقدسات والأراضي وإنشاء المستعمرات التي لا يتوقف العمل في توسيعها.
وأوضح بأن الأقصى ليس بيتا، أو مبنى يمكن أن يشب فيه حريق أو تلتهمه ألسنة اللهب كأي بناء آخر، بل هو رمز إيمان الأمة ووطنيتها وهويتها العربية والإسلامية وجوهر قضية القدس التي هي جوهر القضية الفلسطينية، مؤكدا أن الواجب القومي والديني يفرض علينا حكومات ومنظمات وأفراد أن نعمل بكافة الوسائل للحفاظ على المقدسات الإسلامية والمسيحية من جهة والدفع بالمباحثات نحو السلام وفضح المخططات الإسرائيلية التي تهدف إلى تهويد القدس وغيرها من الأراضي المحتلة خلافاً لما نصت عليه قرارات الشرعية الدولية.
وقال كنعان إن هدف حكومة إسرائيل الأول، إفراغ فلسطين من شعبها وأهلها وإحلال قطعان المستوطنين المتطرفين من جميع أنحاء العالم وغيرهم للسكن مكان الفلسطينيين.
واستطرد :”إن العالم، وعلى رأسه الولايات المتحدة الأمريكية، استنكر جريمة إحراق المسجد الأقصى” متسائلا : لماذا لا تؤخذ قرارات رادعة ضد إسرائيل؟ .. لماذا لا تفرض عليها عقوبات خاصة وهي تضرب بقرارات الشرعية الدولية عرض الحائط، ولماذا هي فوق القانون الدولي وتتحدى العالم أجمع رغم جرائم الحرب التي ترتكبتها وارتكبتها منذ قيامها وحتى الآن؟ .. ويجيب أن هذه تساؤلات يطرحها كل منصف ونزيه ليس في العالم العربي وحده ولكن في جميع دول العالم.
واشار الى ان المستوطنين الذين تحميهم سلطات الاحتلال هم المجرمين وهم الذين يرتكبون أبشع الجرائم بحق الشعب الفلسطيني في القدس وفي كل الأراضي العربية المحتلة يومياً، داعيا الى اتخاذ الإجراءات اللازمة لحماية الشعب الفلسطيني بالتعاون مع المجتمع الدولي.. وآن الأوان لتحرك جامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الإسلامي ولجنة القدس التي يرأسها جلالة ملك المغرب وكل المنظمات التابعة للأمم المتحدة بما فيها مجلس الأمن الدولي والجمعية العامة واليونسكو وغيرها لتضع حدا لانتهاكات إسرائيل لقراراتها وقوانينها وتعليماتها وأنظمتها.
وبين ان ما تفعله إسرائيل في القدس مخالف لكل قرارات مجلس الأمن الدولي والجمعية العامة واليونسكو كما أن الاستيطان في القانون الدولي والشرعية الدولية يعتبر جريمة حرب، مستغربا صمت بعض الدول حتى الآن إزاء الجرائم التي ترتكبها سلطات الاحتلال الإسرائيلي في القدس وغيرها في الأراضي العربية المحتلة، داعيا المجتمع الدولي ان يلزم سلطات الاحتلال بتطبيق قرارات الشرعية الدولية ويعلن قيام الدولة الفلسطينية بتاريخ محدد دون أن ينتظر من إسرائيل موافقتها على ذلك.
وقال :”سيأتي حتما اليوم الذي سيندم فيه حكام إسرائيل الذين لا يدركون أهمية السلام المطروح عليهم، على الجرائم التي ارتكبوها بحق الشعب الفلسطيني؛ لأن الظلم لم ولن يدوم كما أن قوة هذه الدولة لن تدوم والدعم الأمريكي لن يستمر إلى الأبد على الإطلاق، وضعف العرب لن يدوم أيضاً.” واضاف أن الأردن سيبقى دائما وأبدا حريصاً على الوقوف مع فلسطين وشعبها وقيادتها حتى قيام الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشرقية، كما ان اللجنة الملكية لشؤون القدس وهي تستذكر جريمة إحراق المسجد الأقصى لتأمل من الأشقاء جميعاً وكل محبي السلام دعم الأردن على جميع المستويات ودعم دوره في المحافظة على القدس والمقدسات والأوقاف الإسلامية والمسيحية فيها.
اسرائيل حاولت إخفاء الجريمة بادعاء أن المجرم مختل عقليا خطيب المسجد الاقصى المبارك ورئيس الهيئة الاسلامية العليا للقدس، الشيخ الدكتور عكرمة صبري، استذكر الجريمة النكراء، وقال إن الحريق الذي أصاب المسجد الاقصى على يد المجرم مايكل روهان، ادعت سلطات الاحتلال انذاك انه معتل عقليا ، بهدف اخفاء الجريمة ، لأن نفس السلطات المحتلة هي المتورطة والمخططة لهذه الجريمة المشؤومة.
وأضاف أن الاعتداءات بأنواع متعددة لا تزال تهدد وتحدق بالمسجد الاقصى المبارك من حيث الحفريات أسفل الاقصى وفي محيطة وكذلك بالنسبة للاقتحامات المتكررة من قبل الجماعات اليهودية المتطرفة، التي يقودها سياسيون اسرائيليون ونواب كنيست يهود،ما يؤكد أن الخطر محدق بالأقصى لأن الحكومة الاسرائيلية هي التي تدعم هؤلاء .
وأشار إلى أن إسرائيل لا تزال تدعي أن الذين يقتحمون الأقصى هم جماعات قليلة ليست لها تأثير ، ولكن تبين فيما بعد أن الأمر جدٌ خطير لأن حكومة الاحتلال هي التي تتولى موضوع الاقتحامات وتديره كيفما تشاء .
وقال ان مطالب الجماعات اليهودية المتطرفة تتزايد بشكل مستمر ، اذ كان اخرها المطالبة بالسماح لها بإقامة الصلاة التلمودية بشكل علني، مؤكدا خطورة هذا المطلب .
وأكد أن الأقصى ليس لأهل فلسطين وحدهم ، بل هو لجميع العرب والمسلمين في أرجاء المعمورة ، شأنه شأن المسجد الحرام في مكة المكرمة ، والمسجد النبوي في المدينة المنورة، وبالتالي فالمسؤولية مشتركة يتحملها الجميع دون استثناء، شعوبا ودولا وحكومات .
وأوضح بأن الأقصى جزء من عقيدة المسلمين، وهو أمانة في أعناقهم وأن الله سبحانه وتعالى سيسأل كل من يقصر بحق الأقصى ، داعيا الامة العربية والاسلامية إلى تحمل مسؤوليتها تجاه حماية أولى القبلتين وثاني الحرمين الشريفين .
وأشارخطيب الأقصى إلى الفتوى التي كان سماحته أصدرها بأن على الفلسطينيين أن يشدوا الرحال إلى المسجد الأقصى ، فاذا منعوا من الوصول إليه بسبب الحواجز الإحتلالية ، فليصل المسلم حيث وصل ، وتحسب له في الأقصى ، داعيا المرابطين من أهل القدس الى التواجد المكثف وبشكل مستمر وفي جميع الأوقات في المسجد الأقصى ،لان التواجد المكثف هو الذي يمنع الشرطة الاسرائيلية من ادخال اليهود المتطرفين .
الجهود الأردنية لم تتوقف في الضغط على اسرائيل في المحافل الدولية مدير مديرية الاقصى في وزارة الأوقاف والشؤون والمقدسات الاسلامية المهندس عبد الله العبادي قال إن الولاية الهاشمية على المسجد الاقصى كانت حاضرة منذ عهد الرسول الكريم وتم توثيقها في 31 اذار عام 2013 .
وبين أن جهود الاردن لم تتوقف عن دعم القدس والمقدسات الاسلامية، مشيرا إلى ثقل الاردن في هذا المجال ، وأن وزارة الاوقاف تمارس عملها وادارتها للمسجد الاقصى بشكل يومي حيث نتعارك مع سلطات الاحتلال بشكل يومي ، بدعم من المرابطين والمصلين في المسجد المبارك والمدينة المقدسة .
واضاف ان وزارة الاوقاف ترعى المسجد الاقصى وتمارس عملها من خلال الادارة العامة في أوقاف القدس، مشيرا إلى أن عدد موظفي الوزارة هناك يزيد على 700 موظف في القدس لرعاية أكثر من 101 مسجد في القدس الشرقية والمسجد الاقصى المبارك ، إضافة إلى وجود لجنة إعمار المسجد الأقصى المبارك وقبة الصخرة المشرفة التي تم تشكيلها بقانون أردني في خمسينيات القرن الماضي، وتعنى بالمسجد من حيث ترميمه وصيانته والمحافظة على هذه المباني التراثية والتاريخية الأثرية القديمة .
وأشار الى أن البلدة القديمة في القدس واسوارها مدرجة على لائحة التراث العالمي في اليونسكو، حيث قام الاردن بادراجها عام 1981 ثم ادرجت على لائحة التراث العالمي المهدد بالخطر عام 1982 .
وبين أنه وفي كل عام على المستوى الثقافي في اليونسكو هناك معركة بين الاردن وبين سلطات الاحتلال الإسرائيلي بموضوع القدس والتراث العالمي ، مشيرا الى أن أخر قرار للجنة كان في شهر تموز الماضي في الدورة 39 للجنة التراث العالمي في المانيا، حيث صدرت قرارات كان تقدم الاردن بمشروعات لها وتم التصويت لصالحها ، كاعتبار المسجد الاقصى المبارك هو نفسه الحرم القدسي الشريف بما يحيط به، إضافة الى كل الارض الموجودة داخل سور المسجد بما فيها من مساجد وابنية وقباب ومصاطب وساحات والمسجد الاقصى المبارك نفسه ، من تحت الارض الى فوق الارض ، كله المسجد الاقصى المبارك الذي ورد بالاية الكريمة :” سبحان الذي اسرى بعبده ليلا من المسجد …. ” .
وأشار إلى تعبير آخر أدخله الاردن إلى اليونسكو وهو ما يتعلق بساحات البراق بدل ساحة الحائط الغربي أو ساحة حائط المبكى ،لافتا إلى أنه تم الاستبدال رغم وقوف أكثر من دولة مع سلطات الاحتلال الاسرائيلي في لجنة التراث العالمي.
وشدد على أهمية تحصيل القرارات الدولية ضد الكيان الاسرائيلي واعتداءاته على الارض المقدسة ، حتى لو لم تنفذها سلطات الاحتلال ، كي تتمكن الأجيال من بعدنا من تحصيل حقوق العرب والمسلمين وفق مواد قانونية ثابتة .
وأشار إلى انه حتى اخوتنا النصارى الموجودين هناك يدعموننا بشكل كامل في القدس لان وصاية جلالة الملك على المقدسات الاسلامية والمسيحية ، منوها إلى وجود كنائس على اراضي وقف ومؤجرة لاخوتنا النصارى ، لذلك نحن واياهم في القدس مترابطين ومتكاتفين كعرب ضد كل المحاولات الاسرائيلية لطمس معالم المدينة المقدسة. –