الإجرام الإسرائيلي بلا حدود، فهو لا يعترف بالإنسان والأخلاقيات والقيم، وهو مؤسس على عقيدة عنصرية ضد الآخر بطريقة لا تعرف لها البشرية مثيلا. لأنه يقوم على قاعدة من “النصوص المقدسة” تروج للقتل والاغتيال والتصفية والتعذيب دون وخز من ضمير.
النصوص المؤسسة لهذه الحالة غير المعقولة من الإجرام والإرهاب تغذي العقل الإسرائيلي اليهودي بالذخيرة الفكرية والعقائدية لإلغاء الآخر، عبر تصفيته ماديا ومعنويا، وهذا ما يفسر الإرهاب الإسرائيلي في فلسطين، ويفسر العنف الذي يمارسه هذا العقل الإسرائيلي الصهيوني ضد الأسرى الفلسطينيين بطريقة بشعة وخالية من أي بعد إنساني أو أخلاقي، فالكيان الإسرائيلي هو كيان لا أخلاقي بالضرورة.
في هذا الكيان المصطنع والمصنوع من خلطة من التآمر والتخاذل، يتم توزيع الأدوار بين أجهزته المختلفة لإتمام المهمة لإلغاء الفرد الفلسطيني والشعب الفلسطيني والكيان الفلسطيني، ماديا ومعنويا، إلغاء فلسطين الجغرافيا، وفلسطين التاريخ، وإلغاء الإنسان الفلسطيني، وبالنسبة للعقل اليهود فإن “الفلسطيني الجيد هو الفلسطيني الميت”، لأنه من وجهة نظرهم المشوهة العدائية فإن فلسطين خالية من السكان فهي “أرض بلا شعب” سيسكنها اليهود لأنهم “شعب بلا أرض”.
ولهذا فهم يمارسون كل أنواع “الفن الأسود” ضد الفلسطيني وفلسطين، وخاصة فيما يتعلق بالأسرى، ويكفي أن نذكر أن ربع الشعب الفلسطيني في فلسطين المحتلة جرب السجون والمعتقلات الإسرائيلية والتي يطلق عليها “مقابر الأحياء”، فهذه المعتقلات والسجون ممرات إلى الموت، يمارس فيها كل أنواع العذاب والتعذيب، بطريقة وحشية تفتقر للإنسانية، ما يجعل من الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال “مشاريع شهداء” بشكل دائم.
ولعل ما يجري مع الأسير الفلسطيني المحامي محمد علان حاليا يعبر عن هذه الحالة المخزية للعقل والفعل الإسرائيلي اليهودي، فهذا الشاب المضرب عن الطعام منذ شهرين، لإجبار سلطات الاحتلال الصهيوني على إطلاق سراحه، دخل في غيبوبة، ووضع على أجهزة التنفس الاصطناعي، وأعطي حقنة وريدية من المياه والأملاح.
محمد علان معتقل إداري معتقل بلا تهمة، وهو نظام اخترعته بريطانيا التي اخترعت وعد بلفور المشؤوم والشرير، الذي صنع هذا الكيان اللقيط اللاشرعي، وعلى غرار الاحتلال البريطاني يتمسك الاحتلال الإسرائيلي بكل آليات وأساليب الاعتقال التي كانت تستخدمها بريطانيا ضد الشعب الفلسطيني.
رغم أن الأسير محمد علان يواجه خطر الموت في حال واصل الإضراب عن الطعام كما يقول طبيب في المستشفى الذي نقل إليه بعد دخوله في الغيبوبة. فإن الصلف الإسرائيلي رفض الإفراج عنه إلا بشرط مغادرته للخارج لمدة 4 سنوات، مما يعني ترك وطنه فلسطين فريسة للمستعمرين والمستوطنين اليهود، وهو ما رفضه محاميه قطعيا. فهذا الاحتلال يهدف إلى تفريغ فلسطين من سكانها الأصليين بمساعدة العالم الذي يسكت على جرائمه.
لا يتوقف الإرهاب الإسرائيلي الوحشي عند أي حدود، ضد 5000 آلاف أسير فلسطيني من بينهم الشاب محمد علان، وقد أجاز قانوناً يسمح بإجبار المضربين عن الطعام على تناول الغذاء، مما يعد شكلاً من أشكال التعذيب الذي ترفضه الشرائع والقوانين الدولية التي تضرب بها إسرائيل عرض الحائط.
وجود الأسرى الفلسطينيين في معسكرات الاعتقال الإسرائيلية، قضية حياة أو موت، وهي تعادل القتل والاغتيال والتصفية، ولابد من التصدي لها بقوة، وبكل الطرق، ولا بد من استخدام كل الوسائل لإخراج هؤلاء الأسرى من المعتقلات الإسرائيلية الصهيونية اليهودية التي تشبه معسكرات الاعتقال النازية
سمير حجاوي/إجرام لا يعترف بالإنسان
23
المقالة السابقة