لماذا تعجز أميركا التي سحقت جيش صدام حسين في تسعة أيام عام ٢٠٠٣ عن وقف تقدم “داعش” على رغم مرور عام على قيام الائتلاف الدولي لمحاربة الإرهاب الذي يضم اربعين دولة، ولماذا لم تَظهر بعد أي فاعلية للغارات على “داعش” بعد قرار تركيا فتح قواعدها أمام الطيران الأميركي؟
السؤال الأكثر إلحاحاً: هل تريد الإدارة الأميركية فعلاً الحاق الهزيمة سريعاً بـ”داعش” أم انها ستمضي في استثماره سياسياً عبر ايجاد المزيد من الفوضى والعنف في المنطقة، ومالياً بعدما تبيّن ان شركات السلاح الأميركية هي المستفيد الأكبر منه؟
في إحدى جلسات الإستماع التي عقدتها لجنة الدفاع والشؤون الخارجية في الكونغرس سأل جون ماكين: لماذا لا تلقي المقاتلات الاميركية حمولتها من القذائف غالباً عندما تحلق فوق مراكز “داعش” في العراق، وهل صحيح ان القيادة الأميركية تمنع أحياناً طيران الدول الحليفة من قصف الإرهابيين؟
دعونا من كل ما قالته هيلاري كلينتون عن أميركا وصناعة الإرهاب في سوريا والعراق، وتعالوا نتأمل في الوقائع الميدانية للحرب الاميركية على “داعش”، التي لم تكن لتُعلن قبل ذبح الصحافي جيمس فولي والتي لم تعطِ أي نتيجة بعد إعلانها، وهذا ما يعطي صدقية لسلسلة من التقارير التي تتحدث عن ان الإدارة الاميركية لا تريد حسم الحرب على “داعش” وأن باراك اوباما يعتقد ضمناً أن الفوز سريعاً على هذا التنظيم سيكون من دون فائدة لا بل انه قد يؤدي الى نتائج سلبية!
صحيفة “التلغراف” البريطانية حاولت ان ترد على هذه الأسئلة فوجدت ان أوباما بات ينظر الى “داعش” على انه جزء من معادلة متعددة الطرف تضم في العراق والى حد ما في سوريا، كلاً من السنّة والشيعة والأكراد والإيرانيين المتدخلين.
وسط هذه المعادلة يحرص أوباما على عدم دعم العشائر السنيّة التي سبق لها ان هزمت “القاعدة” عام ٢٠٠٨، لئلا يغضب الإيرانيين، الذين تهافت على الاتفاق النووي معهم والذين يتدخلون في العراق وسوريا لمقاتلة “داعش”، لكن أوباما لا يندفع في دعم ‘الحشد الشعبي” الشيعي، لكي لا يعطي “داعش” حججاً إضافية لاستجلاب المزيد من السنّة الى صفوفه، لأن الصراع يجنح الى مطبّات مذهبية وخصوصاً بعد التجاوزات التي حصلت ضد المناطق السنّية التي تم تحريرها.
في سوريا تبدو الرؤية الأميركية متناقضة تماماً، فواشنطن لا ترغب في سقوط سريع لنظام الأسد كي لا يملأ “داعش” الفراغ، لكنها لا تريد هزيمة سريعة لـ”داعش” كي لا يتغوّل النظام أكثر ضد المعارضة وتستفيد روسيا وايران.
أضف الى كل هذا ان هناك شركات أميركية تحقق أرباحاً هائلة من وراء هذه الحرب كما يؤكّد موقع “دايلي بيست”!