قبل كل قول، أتقدم بأحر التعازي القلبية إلى أسر الشهداء الذين كانوا ضحية عمل إرهابي شنيع وقع عليهم وهم قياما لأداء الصلاة في مسجد مقرر لعبادة الله المفروض أن من يدخله يكون آمنا على حياته، والتعازي موصولة إلى كافة منسوبي وزارة الداخلية المكلفين بالسهر ليلا والعمل اليقض نهارا على أمن الأمة والوطن، ولا أستثني من هذا تقديم العزاء لكافة شهداء القوات المسلحة الذين سقطوا في جبهات القتال في جنوب المملكة العربية السعودية دفاعا عن الحدود وأمن المواطنين في مدن وقرى خطوط التماس مع الحدود اليمنية.
وأتقدم بأحر التعازي إلى وزيري الداخلية والدفاع في شهداء الوطن، داعيا الله عز وجل أن يتغمدهم جميعا برحمته وأن يشفي جراح الناجين منهم .
(2 )
تمر دول مجلس التعاون الخليجي، بمرحلة غاية في الخطورة، سياسيا واقتصاديا واجتماعيا وأمنيا. المتربصون، بهذه المنطقة من الوطن العربي كثيرون، منهم الحاقد والطامع والحاسد والباغي، ولكل منهم خلاياه النائمة قد يستدعيها في أي وقت لتحقيق أهدافه والعبث بأمننا وسلامة أراضينا وسيادتنا ونظم حكمنا .
ما حدث في مدينة أبها في جنوب المملكة العربية السعودية مؤخرا ليس عملا إرهابيا يدان ويشجب، وإنما جريمة كبرى، إنه ليس عملا إرهابيا مجردا، لكنه إرهاب له دلالات غاية في الخطورة. اختيار المكان والزمان ونوعية الأفراد المستهدفين يجب أن لا تمر بسهولة . وعلينا جميعا أن نعيد النظر في كل احتياطاتنا الأمنية وسد الثغرات.
( 3 )
يجب أن ندرك جميعا، أن أنظمتنا السياسية الخليجية مستهدفة، وثرواتنا وأمننا وحياتنا كلها مستهدفة وعلى ذلك علينا جميعا أن نكون مجندين لخدمة وطننا وأمننا وسلامة أراضينا، وأن نتحول جميعا رجالا ونساء إلى قوى أمنية مساعدة وعيون ساهرة من أجل امننا ورخائنا واستقرارنا .
صحيح هناك مطالب إصلاحية من أجل النهوض ببلادنا وعلى النظام السياسي الإسراع في تحقيق تلك المطالب العادلة .لكن لن تتمكن القيادة السياسية في دول الخليج العربية من تحقيق أي إنجازات إصلاحية ومعركة الإرهاب تدور على أرضنا لن تستطيع أي دولة كانت أن تحارب على أكثر من جبهة، الحرب الإصلاحية ليست قرارات ولا قوانين إنها معركة شرسة لأنها تواجه إمبراطورية الفساد وهي إمبراطورية لا يستهان بقوتها، وأصحاب المصالح غير الشرعية وهم يشكلون قوة، والحرب على الإرهاب المسلح والذي يعمل في الظلام تحتاج إلى جهود مضنية .
من أجل هذا علينا أن نجند أنفسنا لحفظ الأمن من أجل الاستقرار وتثبيت قواعد الأمن على أن تتفرغ قيادتنا السياسية للإصلاح الإداري والمالي والسياسي والاقتصادي والقضائي .
( 4 )
الإرهاب الذي أودى بحياة أكثر من 15 شهيداً في مدينة أبها من قوى الأمن الخاصة لم يكن الأول سبقه تفجيرات في المنطقة الشرقية وفي أماكن عبادة، ولم تكن السعودية المستهدف الوحيد لقوى الإرهاب فكانت الكويت والبحرين وقد يكون حدث في أماكن أخرى من دول مجلس التعاون لم يعلن عنها.
الإرهاب الذي يستهدفنا جميعا ليس إرهابا مسلحا فقط لكنه إرهاب علمي “الجيش الفضاء الإلكتروني الإيراني “إنه إرهاب خطير وقد يكون أخطر من الإرهاب المسلح، وتملك إيران جيشا إلكترونيا من أقوى الجيوش على المستوى العالمي لأنها تمتلك كفاءات وخبرات تجعلها سادس أكبر الجيوش الإلكترونية في الدنيا .
لقد صرح قائد القوات البرية الإيرانية العميد أحمد رضا بوردستان أن قدرات الجيش السايبري الإيراني في مجال الحرب الإلكترونية قد تضاعفت وأصبحت إيران في هذا المجال في مصاف الدول العظمى (نبيل العتوم 24 / 6 / 2015 ). لقد قامت إيران باستخدام جيشها الإلكتروني في اختراق مؤسسات هامة لدولة خليجية واستولت على نصف مليون وثيقة هامة.
يقول الإسرائيليون إن إيران تمكنت من إبطال عمل هيئة القيادة التي تتحكم في تشغيل وتوجيه الطائرات بدون طيار الأمريكية العاملة في العراق مع العلم أن مقر هذه الهيئة موجود في قاعدة عسكرية داخل الولايات المتحدة الأمريكية. إنه أمر مخيف لدول مجلس التعاون الخليجي .
( 5 )
طبقا لهذه المعلومات فإن مؤسساتنا المالية، ووسائل اتصالنا السلكية واللاسلكية وطيراننا وجيوشنا ومصانعنا ومحطاتنا الفضائية مهدد ة بالحرب الإلكترونية، فهل استعددنا لها؟ إذا كان الجواب نعم فالسؤال المهم كيف استطاعت إيران سرقة أكثر من نصف مليون وثيقة هامة من مؤسسات دولة خليجية؟ !
أخشى أن تكون دول مجلس التعاون الخليجي منشغلة انشغالا لا نظير له بالخلافات البينية، وبالمنافسة غير الشريفة في الأسواق العالمية، والنميمة السياسية، كما أخشى انشغالهم بمحاربة القاعدة وداعش والإخوان المسلمين وملاحقة كتاب الرأي وما يكتبون، وإيران تجيش الخلق والعلم لتحقيق أهدافها وفي مقدمة تلك الأهداف النيل من أمتنا العربية وخاصة دول مجلس التعاون .
(6 )
في شأن الحركات الإسلامية وخاصة “تنظيم الدولة الإسلامية” داعش حاولت أن أفهم ماذا يريدون أن يكون عليه عالمنا العربي والإسلامي، هل يريدون العودة إلى العصر الإسلامي الأول؟ إن ذلك الأمر مستحيل، لأن العالم اليوم ليس عالم ما قبل 1436 عاما، عالمنا اليوم مترابط في الحركة والسكون، والمجال هنا لا يسمح في الاسترسال لشرح ذلك .
وإذا كان هدفهم الدعوة إلى دين الله، فعليهم أن يقرأوا قول الحق “ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعضة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن إن ربك هو أعلم بمن ضل عن سبيل وهو أعلم بالمهتدين (النحل، 125) وقوله عز وجل، ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك فاعف عنهم واستغفر لهم، الآية (آل عمران 195)، ألم يقرأ هؤلاء سورة الكافرون وأسباب نزولها. ألم يمعنوا النظر في قول الحق”قل يا أهل الكتاب لا تغلوا في دينكم غير الحق”، (المائدة 77))
آخر القول: لقد شوهت هذه الحركات جوهر الدين الإسلامي، وكرّهوا الخلق في المسلمين، ديننا الإسلامي دين رحمة وتراحم فلا تغلوا في ديننا كما فعل اليهود والنصارى في عيسى بن مريم عليه السلام