عروبة الإخباري – بقلم داوود الماني – لم أكن اتصور وطائرتي تحط في العاصمة العُمانية مسقط أن الشعر وحده قد يكون الوسيلة الوحيدة لوصف هذا البلد الرائع وشعبه الطيب والمثقف، فكان لا بد لمسافر مثلي، زاده الخيال، على حد تعبير محمد عبد الوهاب، أن امتشق اليراع وفرشاة الرسم لاحاول تذكار ما علق في ذهني من طيب بلاد الطيب والسحر، وبقي تحت أجفاني.
كلما تأملت شيئا في المدينة التي استقبلتني بحب غامر، تذكرت زيارتي الاولى لها عام 1985، لحضور قمة مجلس التعاون لدول الخليج العربية بفندق قصر البستان، وكيف كبرت هذه الجميلة وغدت تنشر ضفائرها العابقة بالبخور واللبان في البحر، وترفع هامتها لتعانق السحاب الذي يأتيها خفيفاً، برقة وله، مدنف، وفي جعبته النسيم والأمال.
مسقط التي عاينتها غير مسقط أمس، وإن تكن سارت بخطى واثقة تحت القيادة الرشيدة والحكيمة لجلالة السلطان قابوس بن سعيد، حفظه الله ورعاه وسدد في دروب المجد والخير خطاه، لتصير مدينة المدن.. عروس الخليج، ذات العمائر والتنظيم والجمال.
ومن نافلة القول أن البناء في عُمان، استند قبل اي شيء آخر الى الانسان، فهو الركيزة الأساسية والاولى في مدماك الحضارة.
غمرتني مسقط بالحب، ولم يقصر الزملاء في الاعلام الخارجي وعلى رأسهم الأستاذ مجيد الرواس مدير الإعلام في وزارة الإعلام ، في أن يكونوا عند حسن ظني وتوقعي، فأحسن صحبة تجدها معهم، وخير جليس.
” أكتب ما تشاء عن عٌمان التي رأيتها”.. بهذه العبارة بادرني أكثر من مسؤول، فهم واثقون مما بناه العُمانويون وما صنعوه، وما يتطلعون إليه.
وفي بحار السياسة التي يجب إلا يخوضها الا من يتقن فن العوم، تبرز عمان اليوم بسياستها الحكيمة التي وضع اسسها ومنطلقتها ” حكيم العرب” جلالة السلطان، لتكون قبلة الذين يبحثون عن مستقبلهم في منطقة تعج بالزلازل والبراكين، الظاهر منها والمستتر.
عُمان المستقرة والمزدهرة دفعتني لأن أردد في أكثر من مناسبة (الله يديم عليكم هذه النعمة)، وهي نعمة يدركها كل عُماني ويعمل من أجل بلده.
جمال مسقط الذي يأسرك للوهلة الأولى، ونظافتها وتنظيمها يشي بأن وراء كل ذلك، جهودا مضنية، وعملا لا يكل.. ومن حق العُمانيين أن يفتخروا بعاصمتهم.. تلك الفاتنة التي يعجز الشعراء، وقلمي، عن وصفها، وتحتاج الى فنان متمرس ليرسمها.
اثناء تجوالي على ساحل القرم في صبيحة أحد الأيام، شاهدت الناس تركض وتمشي وتسبح في السادسة صباحا، وبضعة قوارب تمخر البحر في هدوء فرح، وذو جرس بعيد.
وأينما جلت في مسقط، في سوق مطرح وأزقته، والمطل علي كورنيش مطرح وميناء السلطان قابوس، الذي تهب عليك منه رائحة اللبان، وكلما دخلت محلا اذهلك بما يحويه من تحف وقطع نادرة لم ترها عيني من قبل. أقول.. كلما جلت فيها يستقبلك الناس العاديين بالحبور ويشعرونك بالدفْ وكأنك في بلدك.
وحين تحادث العُمانيين تكتشف كم هم شعب مثقف، ومنفتح، ومتطلع إلى الغد الأرحب.
ها هي مسقط تزدهي على الخليج العربي، عابقة بالسحر والرؤى، وبما أنجز حتى الأن.. وما هو في طور الانجاز.
الاستاذ مجيد الرواس
داود الماني