غالبية القوانين الناظمة للاستثمار في الاردن وتطبيقاتها غير عصرية، معظمها تُغلب التعقيدات والغرامات على التسهيل والترحيب بالمستثمرين المحليين والاجانب، ويمكن بثقة وصفها بأنها تعاني من البيروقراطية والروتين، إذ تعتبر المستثمر ( بقرة حلوبا )، ويميل الموظف العام لتعطيل المعاملات بدون اسباب، ويتم تغليب الشكل على الجوهر، لذلك نجد الكثر من الاستثمارات تسجل لدى الهيئات والجهات المعنية، وغالبا ما تتأخر في الشروع في العمل وفي بعض الاحيان يتم العزوف عنها الى غير رجعة، والخاسر في ذلك الاقتصاد الوطني.
هيئة الاوراق المالية المظلة المسؤولة عن سوق راس المال والاستثمار فيه، يفترض انها تنعقد مرة اسبوعيا، الا انها تؤخر انجاز المعاملات اسبوعين الى ثلاثة اسابيع، وبعد اتخاذ القرار تحتاج الى اسبوع اخر او اثنين لاصدار الكتاب وتسليمه للشركة او المستثمر المعني، وهذا التأخير ينطوي على خسائر لاطراف العملية التي تتطلب البت فيها، وطبعا كأن الامر لايعني الهيئة التي يفترض ان تكون جهة راعية وداعمة للاستثمار في السوق، وفي هذا السياق فأن تردي اوضاع سوق عمان للاوراق المالية طوال السنوات السبع الماضية غير مستغرب من هيئة تسعى للتأكد من شكلية قراراتها، والتشدد في الغرامات التي تصدرها بحق المتعاملين و / او شركات الوساطة.
خلال الـ 15 سنة الماضية شهدت قطاعات الاقتصاد الاردني مجموعة من المبادرات الملكية بدءا من المدينة الاعلامية، الى سكن كريم، المناطق التنموية المختلفة في البلاد، وقبلها منطقة العقبة الاقتصادية الخاصة، وغالبية هذه المبادرات لم ترَ النور وسرعان ما نفذت في مناطق اخرى منها دبي التي قدمت التسهيلات بدون تحفظ، وكان النجاح حليفها، اما في البلاد لا زالت عقلية الموظف العام وغالبية المسؤولين يتعاملون بثقافة قوانين عرفية، وبلغ في البعض وضع المستثمر في خانة التجريم واضفاء ضبابية حوله، وتم خلط الحق مع الباطل.
وزاد الطين بلة المبالغة المستمرة في زيادة الضرائب والتكاليف على المستثمر والمستهلك، بدعوى تنامي احتياجات خزينة الدولة لمزيد من الايرادات، ولم تستطع الحكومات المتعاقبة رسم خط واضح للسياسات الاقتصادية الكلية، فالخصخصة تارة تسير بسرعة في قطاعات معينة وباسعار غير مدروسة، وتارة اخرى تمسك بقطاعات وكأنها طوق النجاة المالي، ومن الامثلة على قطاع الطاقة الذي يكاد ينفرد الاردن في تركيبته وادارة ملفاته، والاتصالات هو الاخر دخل في طريق استثماري يضيق عاما بعد اخر، لذلك نجده يعاني تراجعا قياسيا في ربحيته وتهدد قدرته على النمو..والامثلة كثيرة لامجال لسردها… تشجيع الاستثمار واستقطاب مستثمرين جدد يتطلب ذهنية منفتحة، وممارسات منصفة!!
خالد الزبيدي/البيروقراطية والروتين العقبتان الكبريان للاستثمار..
21