عروبة الإخباري – توفي الداعية الاسلامي البارز الشيخ عبد المنعم ابو زنط، فجر الاحد، عمر ناهز السابعة و السبعين عاماً قضاها في طاعة الله سبحانه و تعالى و في ميدان الدعوة، و قد كتب أحمد نجل الشيخ عبد المنعم ابو زنط عبر صفحته على فيس بوك مع صيحات الله اكبر وبقلوب مؤمنة بقضاء الله وقدره ننعى الى الأمتين العربية والاسلامية فقيد الدعوة الاسلامية سماحة العلامة الشيخ عبد المنعم ابو زنط، جزاه الله عن امتنا خير الجزاء.
ويعتبر الشيخ ابو زنط من كبار علماء بلاد الشام، داعية إسلامي بارز، عضو مجلس النوّاب الأردني عدّة مرات، عضو المؤتمر الإسلامي الشعبي في بغداد، أحد قياديي جماعة الإخوان المسلمين في الأردن، ومن الأعضاء المؤسّسين لحزب جبهة العمل الإسلامي الذي انبثق عن الجماعة في الأردن.
تلقى الشيخ ابو زنط تعليمه الاساسي في مدارس نابلس وداوم على حضور حلقات الشرع الشريف في ركن الجامع الحنبلي في مدينة نابلس، تتبع أثار العلماء القادمين الى فلسطين حتى كان يرتحل من مدينة الى أخرى طلبا للعلم ولحضور الدروس الشرعية، حتى زار دمشق وعمره 17 عاماً والتقى العلامة مصطفى السباعي وحاول الالتحاق بجامعة دمشق إلا ان صغر سنه حال دون ذلك، فأشار عليه السباعي بأن يلتحق بالازهر الشريف.
في شهر أيلول عام 1956 ارتحل الشيخ ابو زنط الى مصر وانتظم في الازهر الشريف ، درس هناك العلوم الشرعية وتتلمذ على يدي كبار علماء المسلمين وقادة الاخوان المسلمين، استمر في الأزهر تسع سنوات بلورت اتجاهاته السياسية وصقلت شخصيته القيادية، ومثّل طلبة العالم الاسلامي الأزهريين في فترة دقيقة وحرجة. تأثّر بالإمام الشهيد حسن البنا ودعوته الإصلاحيّة، والتزم أفكاره ومنهجه الدعوي، ولقي المفكّر الإسلامي الشهيد سيّد قطب، ورافق كثيراً من تلاميذه أمثال الشيخ محمد الغزالي، والشيخ أحمد حسن الباقوري، والداعية عبد المعز عبد الستار، والحاج محمد حلمي المنياوي صاحب مكتبة الكتاب العربي، والدكتور محمود حبّ الله وغيرهم من رموز الجماعة. وخلال محنة (الإخوان المسلمين) الأولى في مصر عام 1962 اعتقل مع إخوانه، بسبب نشاطه في صفوف طلاب الأزهر، وجرى ترحيله من مصر، ثم عاد إلى مصر بوساطة كريمة من قائد معركة القدس عبد الله التل والمهندس أحمد عبده الشرباصي عضو مجلس الرئاسة ونائب رئيس الوزراء المصري. ثم أعيد اعتقاله في عام 1965 خلال محنة الإخوان الثانية التي أعدم فيها الشهيد سيّد قطب ورفاقه، وعاش محنته، وكان لاستشهاده والتنكيل بإخوانه أثر كبير في نفسه.
بعد اعتقاله في مصر تم ابعاده عن القاهرة، وتنقّل بين بيروت ودمشق، ومكث في دمشق مدة من الزمن حاول فيها الالتحاق بجامعة دمشق إلا ان سياسة حزب البعث ونظام حافظ الاسد منعاه من ذلك حتى توجّه إلى العراق لإكمال دراسة العلوم الإسلاميّة في جامعة بغداد، ودخل العراق بعد تدخل من اللواء الركن والعلامة العراقي محمود شيت خطاب
وغادر العراق بعد تخرجه وهو يحمل أطيب الذكريات عن عراق الرشيد وشعبه المضياف، وبقي طوال عمره يعشق العراق ويدافع عن قضاياه. ثم التحق بجامعة لاهور بباكستان ونال درجة الماجستير في الدراسات الإسلاميّة.
قامت قوات الاحتلال الصهيوني بابعاد الشيخ ابو زنط الى الاردن، فتم وضعه على جسر الملك حسين بدون اي اوراق أو اثباتات أو مال، فانتقل الى عمان ونزل في مقر الاخوان المسلمين في وسط البلد، حتى استضافته عائلة الكيلاني سليلة الامام عبد القادر الجيلاني فتزوج منهم ابنة قاضي السلط الشيخ عبد الله بن فهيم زيد الكيلاني.
تعاقد الشيخ ابو زنط مع العربية السعودية عام 1967 وعمل كمدرس في ثانوية الشاطيء في جدة ثم عمل كمحاضر في في الجامعة الإسلامية في المدينة المنورة برفقة العلامة عبد العزيز ابن باز، واقام الشيخ في المدينة المنورة لمدة عامين عقد خلالها المحاضرات والدروس الدينية حتى حضر احدى دروسه الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود وكان وقتها أميرا لمنطقة الرياض.
وكان ممن تتلمذ على يدي الشيخ ابو زنط في هذه الفترة الشيخ أحمد هليل الذي اصبح فيما بعد قاضي القضاة وامام الحضرة الهاشمية.
في عام 1969 عاد الشيخ ابو زنط للأردن وشغل منصب أول مرشد ديني للأمن العام في المملكة الأردنية الهاشمية، شغل الشيخ هذا المنصب في وقت حرج وحساس كانت تشهد فيه البلاد فتنة أهلية، فعمل على رأب الصدع وترأس العديد من اللجان الشعبية الساعية لحفظ الامن والمحافظة على ارواح المدنيين، وعقد عدة اجتماعات مع رئيس الوزراء الاردني آنذاك وصفي التل وذلك في سبيل نزع فتيل الازمة فكان سببا بحقن الدماء في منطقة الهاشمي التي كانت تشهد اشتباكا عسكريا داميا بسبب موقعها الاستراتيجي المطل على القصور الملكية.
اثناء عمله كمفتي لقوات الامن العام في الاردن وبسبب مواقفه السياسية تعرض الشيخ ابو زنط لضغوط شديدة اضطرته لترك عمله والسفر الى الكويت التي عمل فيها كمدرسٍ لمدة ثماني سنوات، تولى خلالها الخطابة في مسجد الشايجي الذي كان يؤمه الالاف من المواطنين الكويتيين والوافدين العرب خصوصا الاردنيين والفلسطينين، وخلال تلك السنوات الثمانية انشأ الشيخ ابو زنط جيلا من المتعلقين في القضية الفلسطينية وانصب جهده على نصرة القضية، حتى داوم العلامة أحمد القطان على حضور دروسه وتأثر به تأثرا عظيما.
في عام 1981 عاد الشيخ عبد المنعم أبو زنط للأردن واستقر فيها وبرز كرمز من رموز المعارضة وقياديا في جماعة الاخوان المسلمين، تعرض لاعتقالات متلاحقة ونُفي لمدينة معان.
تمتع بشعبيّة كبيرة بين مواطنيه فحملوه في الدائرة الثانية بالعاصمة الأردنيّة إلى مجلس النوّاب ممثّلاً عنهم ثلاث مرّات منذ عام 1989 حتى عام 2007؛ فحصد أعلى الأصوات من حيث النسب عام 1989 ثم حصل على أعلى الأصوات مطلقا في برلمان عام 1993، انفرد بحجب الثقة عن حكومة مضر بدران خلافا لرأي كتلة الحركة الإسلامية، وكان من أركان الكتلة الإسلاميّة في البرلمان الأردني، وداعية تصحيح للمسار بتحقيق الأمن السياسي والأمن الاقتصادي والأمن التشريعي والأمن الأخلاقي، لا داعية فتنة وفوضى في المجتمع، ثم دخل البرلمان بشكل مستقل.
اعلن الشيخ ابو زنط رفضه القاطع لمعاهدة السلام “الاردنية – الاسرائيلية” ووصفها بانها معاهدة “الذل والعار” وفي الجمعة التالية لابرام المعاهدة دوى الشيخ ابو زنط من على منبر مسجد ابي هريرة في العاصمة عمان : “أن من يؤجر الارض كمن يؤجر العرض” فتعرض على اثر ذلك لمحاولة اغتيال كادت ان تودي بحياته.
شتغل الشيخ ابو زنط بالعمل الخيري العام من خلال جمعيّة المركز الإسلامي الخيريّة، وساهم في مؤسّساتها التعليميّة والصحيّة.
وتولّى الخطابة في مسجد أبي هريرة بحي نزال فترة طويلة، ومسجد الإمام حسن البنا بجوار المستشفى الإسلامي، والتدريس في مساجد عمّان، فكان خطيباً مفوّها جريئاً في الحق، متمسّكاً بالكتاب والسنّة، داعية حب وإصلاح بين الناس، وكان كثير العطف على الفقراء، شديد الاهتمام بفقراء المسلمين وأيتامهم وأراملهم. وكانت له مواقف جريئة في القضايا السياسيّة والاجتماعيّة يعرفا القاصي والداني، وعمل في العطف على أيتام المسلمين، ورعاية الأرامل والمرضى الفقراء. عبّر بصدق وأمانة عن ضمائر اللاجئين الفلسطينيين في الشتات، وتحت عن جرائم الاحتلال، وكان لسان حق، وقلم صدق.
كان الشيخ ابو زنط خطيباً مفوّهاً من الطراز الأوّل، يجذب قلوب المستمعين بفصاحة لسانه، وجمال منطقه، وعذب كلماته، ويشدّهم إليه دون كلل أو ملل، بسبب مصداقيّة وإخلاصه لقضيّته وجرأته في الحق، وقدرته على استدعاء الشواهد الدينيّة والأدبيّة والتاريخيّة في كل مناسبة، واستخدامه الحكم والأمثال في خطابه الديني والسياسي.
له أكثر من 1000 محاضرة وخطبة تحتاج إلى تفريغ في كتب.
له سلسلة (تأمّلات في سورة الأنفال) تضم 29 محاضرة.
له سلسلة (التميّز الإسلامي فكراً وعقيدة ومنهاج حياة) وهو عبارة عن 33 محاضرة
له سلسلة (تأمّلات في القرآن الكريم) بدأها بستين ضماناً إلهيّاً بزوال إسرائيل (الضمانات الإلهيّة بزوال إسرائيل المزعومة).
له مئات المقالات والمقابلات المنشورة في الصحف المحليّة، والمجلاّت الإسلاميّة تدل على سعة اطلاعه وبعد نظره.
له 500 حلقة في تفسير القرآن الكريم تم انتاجها وبثها بواسطة التلفزيون العراقي.