عروبة الإخباري – يشكل 23 تموز 1970 علامة تاريخية اذ انطلقت من خلالها سلطنة عمان دولة وشعبا إلى بناء دولة عصرية قادرة على تحقيق التقدم والسعادة والرخاء للإنسان العماني، فسلكت عمان منذ اليوم الأول لتولي جلالة السلطان قابوس بن سعيد مقاليد الحكم في البلاد – مسيرة نهضتها المباركة التي حققتها نظرة جلالته الثاقبة في لاحق الأيام بعد 45 سنة من الجد والاجتهاد والعمل الدؤوب على مختلف الأصعدة السياسية والاجتماعية والاقتصادية والتنموية، وكأن أول ما وعد به قابوس في أول خطاب له من البيان التاريخي الأول في 23 يوليو 1970 م قوله «شعبي.. إني وحكومتي الجديدة نهدف لإنجاز هدفنا العام.. كان بالأمس ظلام ولكن بعون الله غدا سيشرق الفجر على عمان وعلى أهلها «.
وتطورت سلطنة عمان في كافة المجالات واصبحت تضاهي الدولة المتطورة في كل مناحي الحياة.
فالسياسة الخارجية تكتسي بملامح الشخصية العمانية وخبرتها التاريخية مقرونة بحكمة القيادة وبعد نظرها في التعامل مع مختلف التطورات والمواقف.
«وقد أثبت النهج الذي اتبعناه في سياستنا الخارجية خلال العقود الماضية جدواه وسلامته بتوفيق من الله ونحن ملتزمون بهذا النهج الذي يقوم على مناصرة الحق والعدل والسلام والأمن والتسامح والمحبة والدعوة إلى تعاون الدول من أجل توطيد الاستقرار وزيادة النماء والازدهار ومعالجة أسباب التوتر في العلاقات الدولية بحل المشكلات المتفاقمة حلا دائما وعادلا يعزز التعايش السلمي بين الأمم ويعود على البشرية جمعاء بالخير العميم» بهذه الكلمات البسيطة سارت عمان على النهج الذي بناه السلطان قابوس بن سعيد منذ الوهلة الأولى في 23 تموز 1970.
تمكنت السلطنة خلال السنوات الماضية من بناء علاقات وثيقة مع كل الدول ،وتمكنت بما اتسمت به من هدوء وصراحة ووضوح في التعامل مع الآخرين من طرح مواقفها والتعبير عنها بثقة تامة، مع الحرص على بذل كل ماهو ممكن لدعم أي تحركات خيرة في إتجاه تحقيق الأمن والاستقرار والطمأنينة, والحد من التوتر.
وتمكنت السلطنة خلال مسيرة نهضتها أن تهيئ للإنسان العُماني كل سبل ومقومات التقدم والنجاح والارتقاء بالذات، وشرعت عجلة النهضة في تنمية وبناء وتأهيل الإنسان ليكون شريكًا حقيقيًا للحكومة في عملية التنمية والرقي.
ولأجل أن يؤدي المواطن دوره من منطلق ما تقتضيه هذه الشراكة، أُقيمت المؤسسات التي تتيح له أن ينهض بدوره في خدمة وطنه وتطور مجتمعه، حيث كان إنشاء مجلس عُمان بمجلسيه الدولة والشورى علامة أخرى ومفصلاً من مفاصل التاريخ.
ومع نهاية دور انعقاد مجلس الشورى السنوي الرابع من الفترة السابعة تكون السلطنة على أبواب استحقاق انتخابات جديدة لعضوية الفترة الثامنة والتي من المؤمل أن تشهد إقبالا كبيرا يعبر عن مدى التقدم والتطور الذي تشهده السلطنة في مجال الشورى.
إن استقلالية وشفافية العملية الانتخابية مضافا إليها الصلاحيات التشريعية والرقابية التي أنيطت بمجلس الشورى، والتي جاءت منسجمة مع التطورات التي شهدتها السلطنة في مختلف المجالات، تشير بأن انتخابات الفترة الثامنة ستشهد زيادة المشاركة في العملية الانتخابية سواء من حيث أعداد المترشحين لعضوية المجلس، أو من حيث ارتفاع أعداد الكتلة الناخبة والتي يحق لها المشاركة في الانتخابات مما يوفر فرصة للمواطن لانتخاب من يراه مناسبا لتمثيله في المجلس.
وحرصت السلطنة على الاهتمام بالتعليم وتوفير مختلف المهارات والمعارف للإسهام في بناء الكوادر البشرية المؤهلة التي تلبي احتياجات مسيرة التنمية في البلاد حاضرًا ومستقبلا.
وكان التعليم العالي وما يزال من الأبجديات التأسيسية لخطاب النهضة العُمانية المعاصرة، وقد تمثل ذلك الاهتمام بإنشاء العديد من مؤسسات التعليم العالي في مختلف المجالات الفنية، والصحية، والمصرفية، والتربوية، ومجال القضاء، والوعظ والإرشاد وغيرها، وذلك لتلبية احتياجات قطاعات العمل المختلفة من الكوادر البشرية العُمانية المؤهلة.
وسعت السلطنة إلى الاستفادة من موقعها الجغرافي في إنشاء مناطق اقتصادية ومناطق حرة للصناعات المختلفة باعتبارها بوابة مفتوحة لجذب الاستثمارات واستقطاب رؤوس الأموال المحلية والأجنبية عبر ما تقدمه من مزايا وحوافز وتسهيلات للمشروعات المقامة بها، كما تساهم المناطق الاقتصادية المتخصصة والصناعية والمناطق الحرة في إنعاش الحركة الاقتصادية وفتح أسواق التصدير أمام الصناعات التحويلية وأداة فعالة لتحقيق الأهداف الاقتصادية المتمثلة في نقل المعرفة والتقنية وتنويع مصادر الدخل وتوفير فرص العمل للمواطنين.
وقد تم حتى الآن إنشاء ثلاث مناطق حرة بالسلطنة، أولاها: منطقة المزيونة الحرة التي بدأت التشغيل في نوفمبر 1999م، وتقع في محافظة ظفار بالقرب من الحدود العمانية–اليمنية، والثانية هي المنطقة الحرة بصلالة التي تم تأسيسها في عام 2006م والتي تدار وتشغّل من قبل شركة صلالة للمناطق الحرة، والمنطقة الثالثة هي المنطقة الحرة بصحار التي جاء إنشاؤها بموجب المرسوم السلطاني رقم (123/2010) الصادر في 20 ديسمبر 2010م وتدار من قبل شركة منطقة صحار الحرة.
وحظي قطاع المؤسسات الصغيرة والمتوسطة باهتمام السلطنة منذ بداية عهد النهضة الحديثة، وقد توّج هذا الاهتمام بإنشاء «الهيئة العامة لتنمية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة».
وحافظت السلطنة على المرتبة الـ (40) في التقرير العالمي للجاهزية الإلكترونية لعام 2014م الصادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي، ويقيس التقرير مدى جاهزية الدول لتطوير قدراتها في قطاع تقنية المعلومات والاتصالات وتعزيز مستوى تنافسيتها.
وتُعدّ جائزة السلطان قابوس للإجادة في الخدمات الحكومية الإلكترونية التي انطلقت في عام 2010م إحدى الآليات لبناء مجتمع معرفي ضمن مبادرة عمان الرقمية، وتم تطوير الجائزة بشكل سنوي حيث شهدت في الدورة الرابعة التي أقيمت خلال عام 2014م فتح باب المنافسة للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة، ويبلغ عدد الفئات التي تتضمنها الجائزة (12) فئة منها (9) فئات للقطاع الحكومي.
ويمثّل قطاع السياحة أحد القطاعات الداعمة للاقتصاد الوطني وتعمل وزارة السياحة بالتعاون مع أحد بيوت الخبرة العالمية حالياً على إعداد استراتيجية بعيدة المدى لتطوير القطاع السياحي من المتوقع أن تكون جاهزة خلال عام 2015م، وتركز الاستراتيجية الجديدة على جعل السياحة أحد المصادر الرئيسية لفرص العمل والدخل القومي مع التركيز على عدد من المنتجات السياحية التي سيتم استحداثها باعتبارها منتجات يمكن للسلطنة أن تنافس بها في السوق السياحية العالمية بأساليب حديثة تساهم في الحفاظ على المقومات السياحية مع تحقيق المنفعة الاقتصادية.
ويحظى مهرجان مسقط الذي يقام في الربع الأول من كل عام ميلادي باهتمام متزايد من قبل المواطنين والمقيمين والسياح من خارج السلطنة خاصة من دول مجلس التعاون الخليجي.
ويعد مهرجان صلالة السياحي أحد المهرجانات الرئيسية بدول مجلس التعاون الخليجي من خلال ما يقدمه من فعاليات متنوعة تواكب التدفق السياحي على محافظة ظفار التي أصبحت مقصداً سياحياً رئيسياً خلال فترة الصيف، نظراً لما تتميز به من مناخ جذاب حيث تكتسي المحافظة برداء أخضر، وتتوارى الشمس خلف السحاب في أغلب الأيام ويهطل الرذاذ في جو معتدل لا تتجاوز درجة الحرارة خلاله (22) درجة مئوية وتتراجع إلى ما دون الـ (15) درجة مئوية على الجبال.
45 عاماً على يوم النهضة العماني
7