المعركة في سيناء لم تنتهِ واعلان الناطق العسكري المصري عن استعادة السيطرة مئة في المئة على المنطقة بعد عامين من العمليات ضد ارهابيي “أنصار بيت المقدس” الذين انضموا الى “داعش” تحت مسمّى “ولاية سيناء”، لا يعني ان الخاصرة المصرية في تلك المنطقة قد ارتاحت.
وعندما تقول الحكومة المصرية انها في “حال حرب” انطلاقاً من المعارك العنيفة التي شهدتها المنطقة في الذكرى الأولى لـ”ثورة ” 30 يونيو”، بعدما كانت قد نفّذت في الأشهر الاخيرة عمليات تطهير واسعة ضد الجماعات الارهابية في رفح والشيخ زويد، فذلك يعني انها حسمت معركة ولم تربح حرباً.
الوقائع الميدانية كشفت ان الارهابيين الذين رفعوا شعارات الحسم ضد الحكومة في ذكرى اسقاط محمد مرسي، كانوا في هذه الجولة أكثر تدريباً وتسليحاً فليس قليل ان يشتبك ٣٠٠ منهم في مواجهة مع أقوى جيش عربي لمدة ١٢ ساعة، وان ينفذوا هجمات ضد ١٦ مركزاً عسكرياً في الوقت عينه، بما يدلّ صراحة على ان هناك جهة او دولة تتولى تمويلهم وتدريبهم، في محاولة لاغراق مصر في الفوضى على ما هو حاصل في بعض الدول العربية.
وسواء كان “الاخوان المسلمون” كلياً او جزئياً وراء “ولاية سيناء” وعملياتها الارهابية، التي اغتالت النائب العام هشام بركات عشية المعارك في سيناء ما يمثّل ضربة قوية لهيبة النظام ولترويع القضاء المصري بعد صدور أحكام الاعدام على قيادات “الاخوان”، فمن الواضح ان تنفيذ هذه الأحكام لن ينهي عمليات التخريب، فسيظل المدد الأرهابي يتدفق من الحدود الليبية ومن البحر المفتوح على المخربين ومن الأنفاق التي تضخ المتطرفين!
انها معركة كسر عظم، فالدولة او الدول التي تدعم الارهابيين في سيناء تستهدف اغراق مصر في الفوضى، لأن مصر هي في النهاية مفصل القوة الحيوية التي يمكن ان تساعد على استعادة الاستقرار العربي على المدى البعيد في الاتجاهين:
سواء بالنسبة الى حدودها الغربية ودورها في استنقاذ ليبيا التي تضخّ الفوضى شرقاً وغرباً، وسواء بالنسبة الى دورها الممتد حتى باب المندب في الشمال الشرقي، وفي ظل الاستهدافات الاقليمية الاسرائيلية والتركية الايرانية المتقاطعة وحتى المتكالبة على المنطقة، تبقى مصر الدولة القادرة والوازنة التي تستطيع ان تساعد على ارساء قوة عربية تواجه هذه الأدوار والأطماع.
ثم ان المعركة ضد “داعش” الذي ينبت مثل الفطر في أنحاء العالم العربي تحتاج الى الدور المحوري المصري، وخصوصاً مع تكرار واشنطن وغيرها ان مسؤولية تدمير “داعش” الذي اختطف الاسلام تقع في النهاية على الدول الاسلامية .
هي ايضاً معركة مصير لـ”الاخوان المسلمين” الذين لن يمسكوا بالسلطة في أي بلد عربي ولو بعد ٨٠ سنة أخرى، وفي وسع باراك اوباما وغيره ان يذرفوا الدموع!