عروبة الإخباري – الفرقة الهاشمية لانشاد التراث، تمثل أنموذجا متميزا سواء فيما يتعلق بما تقدمه من اناشيد ومدائح، او من حيث التنظيم، او من حيث الجماهيرية”، هكذا كان تعليق مدير مهرجان جرش للثقافة والفنون، محمد ابو سماقة العام الماضي بعد انتهاء فعالية الفرقة في جرش، ولذلك كان طبيعيا ان تكون الفرقة الهاشمية خيارا متجددا للمهرجان، فهي تنتمي الى اللون الروحاني والوطني، باختيارات دقيقة من الموشحات والمدائح والقصائد الكلاسيكية والمعاصرة.
والمدائح التي تشكل عنصرا رئيسيا من برنامج الفرقة، تتميز بانها قصائد في مدح سيدنا محمد عليه السلام، في سلوكه ووصفه، ومدح صفاته واوصافه، وسيرته العطرة، والاشادة بشمائله ومواقفه، وهي اشعار مفعمة بالعاطفة الدينية والمفردة الصادقة العفوية المعبرة، فيها الصدق والاخلاص لانها صادرة من قلب محب، وباحساس نبيل، ومتعلق بسيد البشر. ولذلك ياتي هذا التاثير لها في وجدان المتلقي، وهذا الوقع الروحاني الذي ياخذ المتلقي الى فضاءات من المحبة ومعاني النقاء والصفاء.
ان هذا النجاح والجماهيرية لم يأتيا من فراغ، انما هناك منهج يضع ضوابط دقيقة سواء لاختيار المدائح والاناشيد والقصائد، او الاصوات الجميلة التي تقدمها، او التناغم في الاداء الجماعي الاحترافي، وبالطبع ان يكون العضو منسجما مع رسالة الفرقة، والفرقة فيها قسم للرجال واخر للنساء، وهناك فرقة الاطفال، التي تمثل رافدا دائما ومستمرا للفرقة، للتجديد والحلول مكان الاعضاء الذين يغادرون.
وبالطبع فان الاختيارات تخضع لمعايير دقيقة، حيث العودة الى التراث، وهناك رصيد كبير من المدائح النبوية في تراثنا العربي والاسلامي، الى جانب الانشاد الديني، وان كثيرا من الشعراء هم نجوم معروفون لتفوقهم في هذا المجال، ومثله الانشاد الديني، وايضا فان الفرقة تجدد ذاتها باختيار قصائد معاصرة مما يتوافق مع منهجها واسلوبها.
وهناك ذكاء باختيار الالحان، فالفرقة تسعى للتطوير والتجديد، فبالاضافة الى الانغام الكلاسيكية المعروفه، فان الفرقة تاخذ اغنية تراثية معروفة، او اغنية معاصرة، وتقوم بتعديل المقام في بعض الالحان، ولذلك نجد هذا الجمهور المتنوع، ومن اعمار مختلفة، حيث ان الاختيارات، واجادة الاداء وجمالياته تجذب الجمهور اليها، والفرقة تتميز بهذا الجمهور العاشق لما تقدمه، الذي يلاحقها حيثما ذهبت، وان تجربتي جرش في المدرج الشمالي والجنوبي تمثلان دليلا على حجم جماهيرية الفرقة، والاحترام الذي تحظى به، وعلى جانب اخر فان كثيرا من الناس متعطشون الى هذا اللون الذي يرتقي بالروح، وتتسامى معه النفوس.
والفرقة لاتستخدم الا ادوات النقر، الدف والطبل والصنج، ورغم ان هذه الالات لاتغطي غياب الالات الموسيقية الاخرى، الا ان مطربي الفرقة، والاداء الجماعي المتناغم، يغطون هذا النقص، وانه يتم تطويع هذه الالات لصالح دلالات المفردة، فهي اما انها تهيئ لاجواء المديح والانشاد، او انها تاخذ السامع بعيدا معها بحيث يندغم النقر من المفردة ليعطيها تاثيرا اكبر، وشحنة عاطفية عالية تتناسب واجواء ماتقدمه الفرقة.
وبمقدار ماتهتم الفرقة بالجانب الروحي، وتهذيب النفس، واستحضار السيرة العطرة لسيد الخلق، فانها لاتغفل ايضا الجانب الوطني، ذلك انها تختار قصائد وطنية، وتصوغ لها الالحان المناسبة، ذلك ان مفهوم الوطن عند الفرقة له دلالاته، وان الارتباط بالارض، وهي اختيارات وطنية مدروسة بعيدة عن التزلف.
الفرقة الهاشمية لإنشاد التراث تشــــارك فــــي مهرجـــان جــــــرش
18
المقالة السابقة