بعد سنة من حكم الرئيس عبد الفتاح السيسي يرى بعض المصريين كيف أتت رياح الربيع العربي على الأخضر واليابس حولهم، ويعتقدون أن بقاءهم في بلدهم من دون أن يتحولوا إلى لاجئين في دول أخرى هو أهم إنجاز للسيسي، بغض النظر عن حركة البناء والتشييد وإعادة إعمار البنية الأساسية المتهالكة في البلاد، أو تحسن الأحوال المعيشية نسبياً عن العقود السابقة. ويرى بعضهم أن إزاحة حكم «الإخوان» والاستجابة إلى الرغبة الشعبية العارمة في عزل مرسي وضرب تجربة الإسلاميين في مقتل وإنقاذ البلد من مصير كان محتوماً أهم إنجازات السيسي. وأن تصديه للإرهاب وإصراره على المضي في المواجهة مع الجماعة إلى آخر المطاف وعدم خضوعه للتهديدات أو تراجعه أمام ضغوط الغرب وتآمر دول وجهات وشخصيات في الخارج والداخل على مصر سيحسب له ويصب في ميزان إنجازاته.
ويعتقد مصريون آخرون أن قدرة السيسي على إعادة الروح إلى مؤسسات الدولة المتهالكة، التي تجمدت بفعل أعاصير الربيع العربي، وانهارت بفعل إدارة «الإخوان» لها أو صدامها مع الجماعة، يُعد الإنجاز الأهم، ما مكن الرئيس من تحقيق نجاحات في التنمية وتحسين الأحوال المعيشية وتقوية أداء الأمن لمواجهة الإرهاب و»الإخوان» وسهل له دخول المشاريع الكبرى.
بالطبع مقابل هؤلاء هناك معارضون للسيسي، أو قل أيضاً كارهين له، وأولهم «الإخوان» وبعض عناصر وأعضاء جماعات وتنظيمات وائتلافات لمعت مع تفجر الأحداث في 25 كانون الثاني (يناير) 2011 وجذبت الكشافات والمصابيح وصارت مطلوبة تلفزيونياً وإعلامياً في السنوات الثلاث التالية، ثم وجدت نفسها لاحقاً وقد انحسرت عنها الأضواء، أو كُشف ما كانت تفعله خلف الأسوار وبعيداً من الأضواء، أو فقدت ما كانت تتمناه من مواقع ونفوذ.
دعك من خطاب «الإخوان» السياسي والإعلامي، أو مواقف قطر وتركيا وإعلامهما، إذ كلها ردود فعل طبيعية ومنطقية تتناسب مع حجم الإحباط الذي سببه لها السيسي والجيش والشعب المصري، والأحلام التي تحولت كوابيس والقصور التي سكنها «الإخوان» سنة كاملة ثم انتقلوا بعدها إلى السجون. لم يأت السيسي إلى سدة الحكم في ظروف طبيعية محلياً وإقليمياً ودولياً، والأمر معروف، وطوال سنة كاملة ظل يتعرض إلى حملات تشويه وتشهير سياسياً وإعلامياً، وإرهاب وأعمال عنف وحرق وتعطيل داخلياً، و»الإخوان» والنشطاء يأخذون عليه اعتماده على الجيش في ضبط الأمن وأعمال الطرق وتشييد العقارات والمشاريع الكبرى والبنية الأساسية، بل الزراعة وتصنيع المواد الغذائية وبيعها، على أساس أن المهمة الأساسية للجيش هي حماية الحدود والحفاظ على تراب الوطن، علماً أن حدود مصر العام الماضي ربما صارت أكثر أمناً من أي وقت مضى! غير أن آخرين يحبون الجيش ويقدرونه ويرون في الأمر ميزة كبرى، ويشيرون إلى أن القوات المسلحة هي المؤسسة الوحيدة التي ظلت على رغم أعاصير الربيع العربي موحدة ومتماسكة ومحتفظة بقدراتها العالية من دون أن تتأثر كغيرها من المؤسسات التي طاولتها شظايا ذلك الربيع، وأن تجاوب الجيش مع طموحات السيسي في التنمية وبكفاءة عالية ميزة تحسب له والجيش في آن.
مؤكد أن هناك خللاً أو أكثر في السنة الأولى من حكم السيسي، كما أن هناك أخطاء وقعت ومشاكل تفجرت ومعضلات مازالت قائمة وأزمات تكاد تعصف بفئات من المصريين وفساداً لم يتم القضاء عليه، واهتراء في معالجة أمراض مزمنة يعانيها المجتمع المصري وتردياً في مستوى الخدمات في بعض القطاعات، لكن هل تسلمها السيسي ناصعة البياض خالية من العيوب مزدهرة الاقتصاد منتعشة الحياة وردية اللون؟
الفارق الجوهري أن هناك نوراً في نهاية النفق يلاحظه المصريون ويذهبون نحوه، بينما في عهود سابقة لم يكن هناك سوى الظلام. هناك أمل بأن تزدهر مصر إذا ما استمر معدل العمل لمصلحة البلد والمواطنين على المستوى نفسه وبالإيقاع ذاته حتى في ظل حملات التشهير الإخوانية والأعمال الإرهابية، بينما طوال سنة من حكم «الإخوان» كان البلد مهدداً بالتقسيم، وأنصار النظام الحاكم يحاصرون المحاكم ويقطعون الطرق ويهددون الإعلام ويسبون الجيش ثم يحضرون الاحتفال بانتصاراته!
محمد صلاح/السيسي في سنة!
22
المقالة السابقة