آخر المهازل ان ترتفع في موازاة البراميل التي يلقيها النظام السوري والجرائم التي يرتكبها تنظيم”داعش”، أصوات اسرائيلية تريد ان تتعامل مع سوريا وكأنها أرض سائبة، يأتي ذلك طبعاً في بداية محاولات كثيرة ستتصاعد تباعاً لاستثمار الوضع الكارثي الذي يعصف بعدد من الدول العربية.
في الأربعينات قبل قيام اسرائيل طرحت الصهيونية شعارها المعروف “أرض بلا شعب لشعب بلا أرض”، كان المقصود إنكار وجود شعب فلسطيني والإيحاء بأن أرض فلسطين مشاع دولي ويمكن ان تكون وطناً للشعب اليهودي الذي ليس له أرض، والمثير ان هذا الشعار يتكرر الآن عندما يدعو وزير التعليم نفتالي بينيت العالم الى الإعتراف بضمّ الجولان الذي احتلّته اسرائيل عام ١٩٦٧ وضمّته عام ١٩٨١!
بينيت يريد تكريس السيادة الاسرائيلية على الهضبة المحتّلة ويقول إن وضعها مختلف عن وضع الأراضي الفلسطينية، فهي “تشكّل منطقة تعزل اسرائيل عن الإضطرابات التي تجري على بعد مئات الأمتار فقط بعدما فقدت الحكومة السورية السيطرة على الجولان”، بما يعني ضمناً وفي شكل واضح انه لطالما كانت تل ابيب مرتاحة ومطمئنة عندما كان هذا النظام يسيطر على الهضبة، والآن بعدما فقد سيطرته تريد تكريس ضمّ الجولان.
يتساءل بينيت”لمن تريدوننا ان نعطي الجولان ؟ لبشار الاسد، أم لجبهة النصرة، أم لتنظيم الدولة الإسلامية، أم لـ”حزب الله”، ولكأنه يملك الجولان ليعطيه او لكأن الجولان أرض لا تعود ملكيتها الى سوريا وعلى العالم ان يعترف بشرعية الإحتلال الاسرائيلي لها!
كلام بينيت يأتي في سياق السعي إلى توظيف الفوضى الدموية التي تصيب بعض الدول العربية، في تنفيذ خطط اسرائيل لتهويد كل الأراضي الفلسطينية إضافة الى هضبة الجولان السورية، وكان بنيامين نتنياهو قد أعلن في نهاية الشهر الماضي أن “مبادرة السلام العربية” التي كان قد اقترحها الملك عبدالله بن عبد العزيز في قمة بيروت عام ٢٠٠٢ وأقرتها كل القمم العربية تباعاً منذ ذلك التاريخ، لم تعد تتلاءم مع التطورات في المنطقة.
منتهى العدوان لأن اسرائيل لم تقبل في لحظة من اللحظات مجرد البحث في المبادرة التي شكّلت وستشكل دائماً محوراً لأي تسوية سلمية لأزمة الشرق الأوسط، ومنتهى الوقاحة عندما يدعو نتنياهو الدول العربية التي ترفض التدخلات الإيرانية السلبية في المنطقة، الى “حشد يدعم عملية للسلام والأمن الإقليميين”، كأنه لم يعد ينقصه سوى المطالبة بإدخال اسرائيل الجامعة العربية!
ليس مستغرباً ان تبلغ فظاظة نتنياهو ووقاحته هذا الحد، عندما يرضخ بان كي – مون مثلاً لضغوط الصهاينة فيحذف اسم اسرائيل من “قائمة العار” التي نشرتها الأمم المتحدة عن الدول التي انتهكت حقوق الأطفال، على رغم انها قتلت أكثر من ٥٠٠ في عدوانها على غزة!