كان الملك الحسين رحمه الله من تجربته وإتساع زوايا الرؤيا والأفق لديه يعلم إن الضفة الغربية بما فيها القدس هي الهدف الحقيقي للحرب وإن كانت الحشود العسكرية الإسرائيلية على الجبهة المصرية والسورية ، حتى إن أحد الصحفيين كتب عن زوجة ليفي أشكول أن زوجها ليلة الخامس من حزيران كان يتقلب ليلاً وغير قادر على النوم وعندما سألته قال لها : إنني قلق جداً لأننا قريباً جداً سوف نجد أنفسنا أمام أرامل وأيتام علينا تحمل مسؤليتهم ولكن عزاؤنا الوحيد أننا سنستعيدها وعندما سألته عما يقصده قال لها القدس ، سوف نأخذها كاملة . حتى الإسم الرمزي للعملية الإسرائيلية عام ١٩٦٧ كان عبارة ( ضربة صهيون ) إشارة للحلم والأطماع الصهيونية بالضفة الغربية والقدس وليس بسيناء والجولان .
كان الملازم وليد محمد الغزاوي يعمل مهندس رادار في قاعدة الرادار الأردنية المتطورة في أعلى قمم جبال عجلون والتي ترتفع أكثر من ١٢٠٠متر عن سطح البحر وتكشف معظم القواعد والمطارات الإسرائيلية وحتى سواحل البحر المتوسط والبحر الأحمر ،وقد تم إعتمادها من قبل قيادة الجبهة الشرقية بقيادة الفريق المصري عبد المنعم رياض وهيئة أركانه المصرية كمحطة إنذار مبكر وتم إعتماد كلمة سر تبعثها القيادة الشرقية الى القيادة المصرية عند إقلاع طائرات حربية من المطارات الإسرائيلية وكلمة السر هي ( عنب ) . وبالفعل في صباح الخامس من حزيران رصدت قاعدة رادار عجلون قيام أول موجة من الطائرات الإسرائيلية متوجهة للأراضي المصرية للضربة الأولى فأرسل مهندس الرادار على عجل رسالة التحذير بواسطة عامل اللاسلكي الى غرفة العمليات في العبدلي وبدوره أرسل عبد المنعم رياض التحذير لاسلكياً حسب كلمة السر مكرراً ذلك ثلاث مرات ، ولكن قيادة الدفاع الجوي المصرية لم تلتقط الإشارة لأن عامل اللاسلكي قام بالصباح الباكر بتغيير تردد اللاسلكي حسب التعليمات بتغيير التردد كل ثلاثة أيام دون أن ينتبه أحد لذلك وبقي الإنذار معلقاً بالهواء ولم ينتبه إليه أحد وضاعت الفرصة الثمينة بإنذار القيادة المصرية بالهجوم الإسرائيلي قبل وقوعه ، كان من الممكن أن يتغير وجه المعركة بالكامل لو تم إستلام الإنذار في الوقت المناسب ، إثر ذلك تعرضت قاعدة رادار عجلون لغارة جوية إسرائيلية أخرجتها من الخدمة وأوقفتها عن رصد حركة الطيران الإسرائيلي .
د.عصام الغزاوي/الخامس من حزيران يوم أسود في تاريخ العرب الحديث
21
المقالة السابقة