عروبة الاخباري- خاص – كتب سلطان الحطاب – سنة الحياة هي التغيير، ولكل شيء بداية ونهاية اكتمال ونقصان .. هذا الموقع التاريخي حمل بصمات من افتتحه وكان يؤمن ببناء الاردن وتطوره .. هنا كان الملك الباني الراحل العظيم الحسين .. بيده وضع حجر الاساس لبناء المحطة ( الاقمار الصناعية في البقعة) وهنا ايضا افتتح هذه المحطة ليعلن دخول الاردن الى مرحلة جديدة كان فيها رائدا وسباقا .. كان يومها مزهوا بالانجاز وباضافة معلم جديد الى معالم اخرى بدات تتجمع لتكوين الاردن ..
كانت الجامعة الاردنية مطلع الستينيات.. وكانت مدينة الحسين للشباب ..
كانت المحطة هي الجسر الذي نقل البث التلفزيوني الاردني الى العالم حيث ارتبط التلفزيون الاردني بمنظومة ” السواتل ” ( الاقمار الصناعية عام 1972 ومن ساعتها جرى نقل الاحداث عبرها .. وراى الاردنيون نزول الانسان على القمر وراوا المباريات الرياضية العالمية منقولة في اتجاهين الينا ومنا .. راوا الدراما الاردنية . ورأوا الانجاز الاردني الذي كان بحاجة الى تسويق .. كانت محطة البقعة هي الشرفة التي يطل منها الاردن الى العالم او يستقبل العالم عبرها وقد ولّد المنظر المبهر آنذاك والذي كان يمر به الاردنيون وهم يرتحلون شمالا وجنوبا شرقا وغربا لتختزن ذاكرتهم المنظر وتآلفه وتصبح المنطقة عنوانا يتناقلونه في الوصف ..
ارتبط المكان بذكريات لمن كان يسكن المنطقة فقد سبق مخيم البقعة والذي كان من مظاهر النكسة عام 1967 قيام المحطة . كما ان هناك من سكنوا بجانب المحطة وجاوروها وحتى من حرسوها وتعودوا مشاهدتها اصبح لديهم فيها ذكريات وقد راى صورتها اطفال المدارس الصغار انذاك والذين اصبحوا الان رجالا كبارا في مواقع مختلفة ..
حدثني ابو جميل حين زرت المكان قبل سنتين عن ذكرياته في المكان وقال ” انه جاء شابا في عمر (22) سنة ليعين حارسا وانه الان تجاوز الستين وتقاعد قبل سنتين وانه امضى اربعين سنة يحرس المكان ويستقبل ويودع المهندسين والزوار الذين كان منهم حسب روايته ضيوف ومسؤولين كبار كانوا ياتون مع مسؤولين اردنيين وانه يحتفظ بكثير من الصور الابيض والاسود” ..
لقد آلت ملكية محطة الاقمار الاصطناعية الى شركة الاتصالات الاردنية بمواقعها الثلاثة حيث المحطات الموجهة للمحيط الهندي والمحيط الاطلسي واخر للوطن العربي ..
كان ذلك ” صرعة ” وكان الزمن يشير للمستقبل كان عام 1970 هو البداية .. وضع حجر الاساس كان المساحة عليها المحطة واسعة فقد تجاوزت الـ (200) دونم ..
التطور الان فرض التغيير . فالوسائل الان غيرها في الماضي .. وكذلك الكفاءة وبلوغ الاهداف وما تراه شركة الاتصالات الاردنية – اورانج اصبح مختلفا وازالة المحطة لن يكون ترفا وانما لحاجة ولكن الذكريات التي يحسها ابو جميل وغيره ستبقى خالدة في النفوس والصور فقد اصبحت المحطة اثرا تعز ازالته وهناك من سيحزن او يتاثر ممن الفوا المنظر والمكان وعاشوا لحظة وضع حجر الزاوية واطلاق العمل ..
لقد استنفذت المحطة في ادائها السابق وامكانياتها اغراضها وحان وقت ولادة جيل جديد يقوم بخدمة افضل واوسع واكثر تطورا ليلبي حاجة الاردن على مستويات مختلفة ولما كانت شركة الاتصالات الاردنية والتي هي المالك لمحطة الاقمار الصناعية في البقعة منوط بها ذلك فانه سيترتب عليها استثمارات جديدة لتواكب الحاجة الاردنية ..
ستغادر انظار الاردنيين المشهد لتحل مشاهد اخرى مختلفة ولذا لن يفاجا الاردنيون بازالة هذا المعلم المرتبط بتاريخ وهناك الكثيرون سيحتفظون بصور وذكريات عن هذه المحطة التي عاشوا معها طويلا واطلوا من خلالها على عالم الفضاء والاتصالات والتواصل ..
وداعا للمحطة ومعالمها وهذه لحظات اخيرة لالتقاط الصور قبل الازالة فربما تخصص ” اورانج ” يوما لذلك يسبق موعد الازالة حتى لا تحرم الكثيرين من ذكرياتهم ..
محطة الاقمار الصناعية في البقعة وداعا!!
89
المقالة السابقة