عروبة الإخباري – كتبت النائب الدكتورة مريم اللوزي- إن الإنتماء لنظرية قابلة للتطبيق وغير مخالفة لأي تشريع سماوي صحيح هي ليست ذنباً من الذنوب، فليس الإنتماء للطائفة والدين والعشيرة والمنطقة والوطن والقومية والحقوق ذنباً، ولكن الذنب والجريمة أن تتحول هذه الإنتماءات الى تعصب وأدوات قتل تحت مسميات مختلفة مثيرة ومخالفة تماماً للدور الانساني المتعلق بتشريعاته السماوية وبعقائده الدنيوية. وتبقى حرية تكوين الجماعات والمجموعات التي تقبع تحت مسميات مختلفة هي الوجه الديمقراطي الحقيقي والصحيح لممارسة التعددية الفكرية ضمن عقلانية وتوجهات وإرث المجتمع الأصيل، دون أي تجاوز أو تضمين لأي مخالفة شرعية سماوية أو دنيوية. و مادام هناك ظاهرة واضحة لاتخفي في باطنها معتقدات مخالفة ومخيفة، فسنبقى نخضع زمنيا ومكانيا للتشريعات الدنيوية المرتبطة بالتحقيق السماوي للتشريعات السامية. ويجب كشف المستور ومناقشة كل القضايا الساخنه بشفافية ومعالجة الأخطاء حتى لا نقع في متلازمات مبطنة بظاهرها العفة والاستحياء، وفي باطنها الشذوذ الفكري والجسدي وتحت مختلف التراهات الديماغوجية التي تجعلنا نستسلم طواعية للمخالفات التاريخية. ولا يمكن لأي سبب ممارسة “الضغط على الهوية” تحت مسميات الحرية الفكرية المتعلقة بالتفسير العشوائي لحقوق الانسان ومواثيقه المرتبطة بأجندات يبارك لها من يخالفون ذاك القانون ومواثيقه. فهناك ممارسات تحصل بين الحين والآخر تأسر عقل المجتمع والتاريخ وتتصرف وفقاً لغرائزها فقط، فتحاول بين الحين والآخر صناعة تاريخ فردي بلا عقلية مرجعية تشريعية عقائدية ظناً من مباركيها والقائمين الخفيين عليها أنها تقود الانتصار على مبررات التأثر المجتمعي بالتاريخ العقائدي الذي بنى أجيالاً اختلفت بمفهومها وعقيدتها ونظرياتها الثورية عن الواقع الحالي، فكأن القديم لم يكن ذات يوم هو من قاد الثورات وحمى الأجيال الحية في زمننا هذا، وكأن المعتقدات التاريخية المجتمعية الملتزمة بالعقائد والتشريعات السماوية السامية، باتت تخالف فكر الجيل الحديث الذي بات يناقش حريته بالقانون متناسياً أن حريته بدأت منذ الأزل، وأن الدستور السماوي لم يمنع بأي شكل من الأشكال ممارسة الحرية الفردية والمجتمعية بطريقة سليمة غير شائبة ولا يختفي ورائها ممارسات الرذيلة.
من الطبيعي جداً أن يكون هناك انحياز آيديولجي، لكنه يجب أن يكون عن معرفة مبتعداً عن المصلحة الذاتية المرتبطة بالأجندات المختلفة التي تهين الفرد والمجتمع. فالانحياز يكون أخلاقياً يمتلك ذاك الضمير الحي مدافعاً عن معتقداته، وأن لا يكون هناك تغييباً صريحاً للأنا من أجل إرضاء الذات ومن أجل سجن الأنا في قوالب الفكر الغربي الممتنع عن السماح لنا بالنهوض تحت مسميات مختلفة. فالتشريع السماوي هو ظاهرة حقيقية إنسانية، حاضرة في ثقافة كل الشعوب ، وتشكل نظرة إلى الحياة والموت والخلق والأخلاق والقيم، وذو طقوس عبادة فردية وجماعية مرتبطة بأساليب العبادة ولا تخالفها بأحكامها بل تجتهد لتصب في أركانها. ولكن اللاهوت بات يسعى لإضفاء تأويل عقلي للترسيمات الدينية، لينجب القناعة بأجوبة ذات طابع عام مشتقة من الدين. فالمثلية الجنسية هي ليست جزءاً من أي تشريع سماوي، بل هي توجه خاص أطلقه ملهمو الحرية والعقائد الدنيوية ليتغلبوا على التشريعات السماوية بأفكار نفسية في محاولة منهم للسمو على الأديان. وبات هذا التوجه شيئاً فشيئاً يلقى القبول والتسهيل لنشر أفكاره خوفاً من مباركيه الأقوياء، و ضعفاً في تصنيفه على اعتبار أن السياسيون قد شرعوه كأحد المواثيق التي تنسجم مع حقوق الإنسان. متناسيين أن هذه التوجهات وغيرها مما خفيت علينا بظاهرها، هي جزء رئيسي في قلب الحقائق، محاولين كأصحاب التوجهات النفسية أن يصبوا غضب المجتمع الدولي على ضعفاء النفوس ممن يحرمون ممارسة الفرد لحريته المخالفة أصلاً للحرية.
فيزيدون الضغط علينا بهذه الأسباب ويشنون الحروب علينا كوننا ضعيفين ولا نطبق مواثيق الانسان ولا نحترم حقوقهم على حد قولهم مما يجعل ذلك ذريعة لهم ولمباركيهم لمزيد من الاملاءات والاستبداد من أجل تحقيق أعلى سقف لمطالبهم. فباتت حقوق المثلية الجنسية هي نفسها حقوق الانسان بحد قولهم وتعبيرهم وأن الدعم المبارك هو دعم للاستقلالية الفكرية الفردية المحصورة بعدد بسيط من أصحاب التوجهات المشبوهة، ورغم إدراكهم بأن “الحقوق” هي ملك الدولة ومخزونها القانوني المرتبط بطبيعة حكم وتشريعات الدولة الذي لا يمكن مخالفته بنية صريحة أو مخفية، كونه الهرم التشريعي للقوانين التشريعية التي لا يمكن تجاهلها. ويجب أن يتم التوضيح لأصحاب التوجهات المشبوهة أن المواطنة لا تخضع لدين أو مذهب أو عقيدة، ولكنها ترفض التوجهات المشبوهة غير المرتبطة بأي دين منزل وأن توجهاتهم لا تخضع لديننا السماوي التشريعي الأصيل وأن توجهاتهم تبقى محتضرة في ظل التمسك المجتمعي برفض هذه الهجمات بالمبررات المجهولة. كما يجب على منظموا العمل القانوني الحكومي والخاص محاربة هذه الأفكار السوداوية وعدم الاكتفاء بتجاهلها لأن التجاهل فرصة لإعطاء حصة ولو بسيطة من نصيب الأسد. بل يجب أيضاً عدم السماح بتعديل أي قانون قد يسمح لأصحاب التوجهات اللادينية والمحاربة للأصول المجتمعية تحت أي ظرف كان وأن لا نخضع بأي حال من الأحوال لموائمة التشريعات لتصبح نافذة لهم فيهتكون مجتمعنا مجتمعين ويحظون بلذة الانتصار على قوامنا ودستورنا الدنيوي والسماوي فنحن مسؤولون عنه أمام أجيالنا بالرفض والممانعة ومقاومة التغيير السلبي ليكسبه حفنة من الأشرار.