البعض بين ظهرانينا لا يجيد إلا العزف على أوتار الطائفية البغيضة، فهؤلاء اصطفوا مع الشعب السوري في ثورته ضد دكتاتورية حكم بشار الأسد ودمويته، ليس لحبهم في الديموقراطية والمشاركة في الحكم والمساواة وحرية التعبير إلى آخر مفردات النظم الديموقراطية، فهم يعيشون في مجتمعات معظمها فاسدة وغير ديموقراطية وربما استبدادية وقمعية، لكن بدرجة أقل من نظام الأسد، فهم وقفوا ضد الأسد ونظامه بسبب أن الأسد ينتمي الى الطائفة العلوية! وهي طائفة لا تتجاوز نسبتها 5 في المئة من الشعب السوري، فمن يساند نظام بشار في سوريا هم الأغلبية السنية هناك، وهي التي تشكل معظم مفاصل نظامه، ولكن عميان البصيرة وليس البصر، تركوا كل ذلك وساندوا جبهة النصرة القاعدة، ثم ساندوا داعش، وقبلها وقفوا مع آكلي الأكباد، لأنهم وضعوا نصب أعينهم انتماء بشار الأسد الى المذهب العلوي.
أما العراق، بعد تحريره من نظام صدام، فقالوا فيه ما لم يقله مالك في الخمر، كل ذلك لأنه أجريت انتخابات حرة نزيهة وفاز ائتلاف الأغلبية السكانية من الشيعة، بمقعد رئيس مجلس الوزراء، ذلك أن الدستور ترك منصب رئيس الجمهورية للأكراد السنة، ورئيس المجلس النيابي للعرب السنة، ورئيس مجلس الوزراء للعرب الشيعة، فما المشكلة؟ صدام حسين (وزمرته الدموية) حكم العراق عقوداً، عاث فيها فسادا ودمارا ودماء، وقتلا وحروبا عبثية، لكن أحدا لم يعاير أهل السنة الكرام بانتماء ذلك الوحشي البشري إليهم، لأنه لا دخل للانتماء المذهبي بإجرام الإنسان أو إنسانيته، ما عدا فكر العازفين على أوتار الطائفية!
****
الآن هناك مجازر وفظائع تحدث لمسلمي بورما من طائفة الروهينجا المسلمة التي يبلغ عدد أفرادها مليون نسمة، ولم تدرج ضمن إثنيات بورما البالغة 135 إثنية في إحصاء السكان الذي تم مؤخراً في تلك البلاد، وقد طفش أو هاجر هائماً على وجهه أكثر من 100 ألف من تلك الطائفة المظلومة المنسية مؤخراً. صحيفة التايمز اللندنية، وهي صحيفة مسيحية سلطت الضوء على مظلومية البورميين المسلمين، لكن إخواننا المسلمين دولاً وجماعات وأفرادا، أكلت لسانهم القطة، ولم ينبس أحد ببنت شفة عن تلك المظلومية، مثلما صدعوا رؤوسنا بمظلومية سنة العراق وإيران وسوريا.. الخ
والجواب يكمن في عدم وجود عنصر الإثارة الطائفي البغيض الذي ترعرع هؤلاء الطائفيون على الدندنة على أوتاره!
..ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
هامش:
ندين ما قام به مؤخراً قطيع من السفهاء بحرق المبنى التابع للوقف السني والبيوت المجاورة في أعظمية بغداد، مما يثبت أن العازفين على أوتار الطائفية لا يقتصرون على مذهب واحد، فهؤلاء ينتمون الى كل المذاهب والطوائف.. قلل الله من أمثالهم.