عروبة الاخباري – خاص – كتب سلطان الحطاب – اللقاء مع الاستاذ الدكتور كمال بني هاني ظل يحمل جديدا، فالحديث عن الجامعة الرسمية الثانية التي تضم في حرمها اكثر من (30) الف طالبة وطالب، والتي تصنف الاولى في المملكة من حيث الاعتماد على النفس ماليا، اذ انها الوحيدة التي لم تسجل دينا ولم تقدم عرض حال لطلب المساعدة الحكومية .. حتى أنها شطبت من ذمم المطالبات التي لها على الحكومة اكثر من ( 16) مليون استحقت لها من الحكومات السابقة بعد ان لم تجد استجابة ..
فقد كانت إجابة الحكومة ( غنوا في عبكم واستحمدوا ربكم انكم مش محتاجين ) ويبدو ان الاموال تذهب الى جامعات مرهقة ومديونة كالجامعة الأم الاردنية التي تحمل ديونا ثقيلة وتطلب دعما ومساعدة ..
الساعة التي امضيتها في حوار مع الاستاذ الدكتور بني هاني تركت للجامعة في نفسي ومعرفتي علامات فارقة . فالتميز ليس في التوازن فقط، وإنما أيضا في أسلوب الإدارة الذي اتخذ قرارات الاعتماد على النفس وإعادة تقييم المدخلات والمخرجات المالية وكيف يمكن التحكم في الصرف ووقف اي انفاق ..
لقد اتخذت الجامعة اسلوب تحفيز المداخيل وتفعيلها وتعظيمها وتحصيل مستحقات الجامعة وديونها وتسويق ما لديها من امكانيات ومرافق اصبحت تدر المزيد من الاموال . وكذلك صيانة المال العام للجامعة وتحديد اوجه الانفاق ..
لم يكن مشوار بني هاني وفريق الجامعة سهلا . ولكن الرجل الاخصائي في الطب تعامل مع مشاكل الجامعة وامراضها التي ورثها وواجهها وما زاد عليها من تحديات بالعلاج الهاديء واحيانا بالدوز العالي واخيرا بالجراحة، مؤمنا بأن ” آخر العلاج الكي ” وقد تحمل في سبيل ذلك الكثير، لكنه صمد وبذل جهدا وجعل من الاصرار على التزام العمل الايجابي طريقه وبوصلته، فوجد نتائج ايجابية مكنته من صناعة النموذج في الجامعة الهاشمية، التي أصبحت الجامعات الشقيقة الرسمية الكبيرة والصغيرة تحسده عليها، حين جعل الجامعة الهاشمية اقرب الى الانتاج بكلفة الجامعات الخاصة التي تربح دون أن ينال ذلك من المستوى العلمي او امتيازات وحقوق العاملين ..
لـ ” بني هاني” فلسفة خاصة سهلة ولكنها تحتاج الى الايمان بالعمل المواظب والتغيير والصبر على النتائج . ولذا بدأ بكهربة الجامعة التي ظلت كلفة كهربتها تقترب من مليوني دينار سنويا، ليجعل هذه الكلفة صفرا وذلك بتمكين الجامعة من انتاج كهربتها وتوفير الطاقة والا لماذا هي جامعة وما قيمة البحث العلمي وتوظيف المعرفة ان لم يقيم بذلك صاحب المعرفة نفسه وهي الجامعات ..
وفي هذا السياق كان انشاء محطة لانتاج الطاقة الشمسية بسعة (5) ” ميجاوات ” وقد بدات مشاريع انتاج الطاقة في الجامعة ومثال ذلك المشاغل الهندسية ورئاسة الجامعة ..
كما التفتت الجامعة الى مشروع تحلية المياه ومحاصرة المياه المالحة وتحسين نوعيتها في الابار التي تنتج الماء في الجامعة وكان العمل الذي يجري قد واجه كلفة المياه التي وصلت الى 400 الف دينار لتعطي بالمقابل وبعد انجاز المشروع محطة طاقتها ما يزيد عن 650 متر مكعب في اليوم ..
اما في ميدان الزراعة فهناك ثورة حقيقية خضراء لتغطية مساحة تزيد عن (4) الاف دونم وباشجار زادت عن (800) الف شجرة .. ولم يعد يوم الشجرة يوم مناسف واحتفالات ولكن يوم زراعة بلغت اوجها العام الماضي وهذا العام وقد رافق ذلك توفير مياه في خزان سعته 600 متر مكعب ..
وفي بعد اخر وتفعيلا لمكونات اضافية ظل مردودها المالي متراجعا فقد جرى اطلاق شركة الجامعة الهاشمية للمناطق الحرة والذي سيدر دخلا يقدر بـ ( 12) مليون دينار سنويا وهذا المشروع يتخلص الان من عقبات تجميده ووقفه ..
كنت انصت لمزيد من الانجازات التي امتدت من اعوام 2009 الى عام 2014 ومازالت هذه الانجازات تتوالى ولم يؤثر فيها ما جاء من مخالفات في سنوات سابقة ذكرها تقرير ديوان المحاسبة وقد جرى تبريرها او الاشارة الى دوافعها وكيف جرى التعامل معها ..
الاسئلة اثارت اجابات قاطعة ولذا بدا بني هاني يعد على اصابعه .. هنا الجامعة الاولى ثم صمت وقال الوحيدة التي حفظت حقوق اعضاء هيئة التدريس والاداريين بصندوق ادخار ومكافأة نهاية الخدمة ..
وعلى الاصبع الثانية قال : هنا الجامعة الوحيدة التي لديها فصلين صيفيين وهذا يرتب حوافز للموظفين ومردود اضافي للجامعة ..
هنا يسمح للموظفين في الجامعة بالدراسة وتحصيل مستوى علمي اعلى مما كان عليه الموظف ضمن اسس وضعتها الجامعة ..
هنا في هذه الجامعة نحن في المرتبة الثانية من حيث دفع الحوافز الاضافية للعاملين بعد جامعة العلوم والتكنولوجيا ..
هنا الجامعة الاولى في الايفاد للجامعات الاميركية من الاداريين لحضور الدورات .
وهنا مجلس للمدراء على غرار مجلس العمداء..
وظل الدكتور بني هاني يعدد امتيازات وفروق وانجازات حتى استنفذ عد اصابع يديه .. قبل ان يتحدث عن اعضاء هيئة التدريس وعن كلية الطب المتميزة في الجامعة وعن مبنى ” الحارث الرابع ” الملك النبطي الذي سجل اسمه العربي واضحا في التاريخ والذي يعرف عنه بني هاني الكثير ويريد ان يضعه على لوحة امام المجمع الجديد الذي سيحمل اسمه ( الحارث الرابع )..
الجامعة اذن متوازنة .. لا ديون .. لا خسائر .. ميزانية رابحة .. وفيها عوائد للدولة .. وهي الاقل عدد موظفين اذ كل موظفيها لا يصلون الى الالف في حين ان احدى الجامعات الاصغر من الهاشمية تصرف على (4) الاف موظف .. ولا تستطيع دفع رواتبهم اخر الشهر الا باعتمادها على ما تقدمه الحكومة ..
ولم يخف الدكتور بني هاني ما حققته الجامعة في مجال البحث العلمي .. والايفاد لدرجات علمية عدة والترقيات العديدة التي حصلت وكل ذلك ظل يرافق ارتفاع وتيرة البحث العلمي وتحفيزها ..
وحين وصل توصيف الدكتور الى الموارد البشرية والمالية قال انه مستبشر فما جرى تحصيله من رسوم البرنامج الدولي وصل قرابة ( 17) مليون دينار وقد صاحب ذلك وقف التعينات تماما وعدم التجديد لمن وصل عمر الستين .. وقد نجح تمرين الترشيد واللياقة الادارية فالرئيس لم يعد له مجموعة نواب ومساعدين كما في الماضي . وجرى اجتثاث الترهل ودمجت كثير من الوظائف او اعيد تسميتها وتكثيفها وتولى صاحب الموقع اكثر من عمل ..
وحين كان الدكتور بني هاني يتحدث عن جلب المزيد من الموارد توقف عند مورد مهم هو القرية الطلابية التي زاد الدخل منها الى (80) الف دينار سنويا وهناك قائمة طويلة من التوفيرات ووقف النزف وهدر المال وخاصة في عطاء النظافة الذي جرى التوفير فيه باكثر من (300) الف دينار وتخفيض فاتورة الضيافة من ( 40) الف الى (4) الاف وكذلك زيادة نسبة الفوائد على اموال الجامعة بحوالي (2) مليون دينار بفارق زاد على ( 70) الف دينار سنويا .. وزيادة الايرادات من تاجير ممتلكات الجامعة كالمطاعم والاكشاك وابراج الاتصالات بحوالي (300) الف .. وكذلك تحصيل الديون المعدومة .. ووقف شراء السيارات الفخمة للرئيس ومساعديه .. وهناك بنود عديدة جرى الضغط او التوفير فيها واخرى جرى تعظيم مردودها ..
لقد بقيت اتابع ما يقوله الدكتور حتى سلمني ورقة في تقرير الانجازات يتحدث عن الوفر المباشر على الجامعة بالدينار فكان الرقم الابرز للتامينات الصحية حيث جرى توفير حوالي (3) ملايين دينار في حين بلغ الوفر العام ما يقارب ثلاثة ملايين ومائتي الف دينار تقريبا غير ارقام التوفير غير المباشر وعندها ادركت لماذا توقفت الديون والخسائر وحل مكانها التوازن وتغطية الانفاق والزيادة عليها ..وهذا ما جعلني اعتقد بنجاح تجربة الجامعة الهاشمية وقدرتها على التميز لتكون الجامعة الرسمية الاردنية الوحيدة غير المديونة بل والتي تزيد مداخليها عن مصروفاتها ..
انه نموذج يحتاج الى تعميم والى تكريم ..