عروبة الإخباري – أكدت دراسة مستقلة وجود “حاجة ماسة لبذل مزيد من الجهود لحماية الأطفال السوريين المنفصلين عن أسرهم والمقيمين في الأردن من أشكال العنف المختلفة، والزواج المبكر، وعمالة الأطفال”، فيما أشارت مصادر إلى أن عدد الأطفال اللاجئين دون ذويهم يفوق 4 آلاف طفل.
وبحسب الدراسة الصادرة عن مركز المعلومات والبحوث التابع لمؤسسة الملك حسين بالتعاون مع منظمة إنقاذ الطفل، فإنه “رغم أن بعض خدمات التعليم والصحة والرعاية النفسية والاجتماعية متاحة للأطفال المشمولين في عينة الدراسة (أطفال من مخيم الزعتري وعمان)، لكن هناك حاجة لبذل المزيد من الجهود لضمان وصول تلك الخدمات إلى هؤلاء وبالتالي الحفاظ على حقوقهم وحمايتهم من الإساءة”.
وكانت مسؤولة قسم حماية النساء والأطفال في مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين زينة جدعان، قالت في تصريحات صحفية مؤخرا إن أعداد الأطفال السوريين الذين لجأوا إلى الأردن دون ذويهم بلغ 4395، غالبيتهم قدموا مع أحد أقاربهم من الدرجة الثانية، في حين أن 17 % منهم دخلوا وحيدين بدون مرافقة أي من أقربائهم.
وأشارت الدراسة الى أرقام المفوضية العليا لشؤون اللاجئين ومنظمة الأمم المتحدة للطفولة “اليونيسيف”، والتي بينت انه خلال الأشهر الستة الاولى من العام 2014، تم تسجيل نحو 1367 طفلا سوريا لدى المفوضية والمنظمة عبروا الحدود دون رفقة أي من والديهم، وتم تعريفهم وتسجيلهم وتقديم الخدمات لهم، ويعكس هذا الرقم تزايدا كبيرا في أعداد الأطفال الذين يعبرون الحدود دون رفقة ذويهم مقارنة مع الأعوام السابقة.
وبحسب الدراسة، فإن غالبية هؤلاء الأطفال بعد وصولهم الى الاردن يعيشون مع أحد أقاربهم كالأجداد ومن ثم الأعمام والأخوال، أو الشقيق الأكبر.
ولفتت إلى أن الاتجاه العام يتمثل “بفصل الأشقاء عن الشقيقات، حيث يتم إبقاء الفتيات مع أسر غالبية أبنائها من الإناث، أما الأولاد فيقيمون مع أسر أفرادها من الذكور، فضلا عن الأخذ بعين الاعتبار الحرمة الشرعية في تحديد مع من سيقيم مع الطفل”.
وعزت تزايد أعداد الأطفال الذين يعبرون الحدود الى الاردن دون ذويهم، إلى رغبة الأهل في تمكين أبنائهم من العيش في أمان وضمان توفير الخدمات الأساسية لهم، فضلا عن أن بعض الفتيات تم إرسالهن إلى الأردن بهدف حمايتهن من العنف الجنسي خلال الصراع في سورية.
ولفتت الى ان بعض الاطفال “يعيشون مع أسر قرائبية لفترة مؤقتة لحين لم شملهم مع والديهم، سواء في الاردن أو سورية، والبعض الآخر يعيشون مع أقاربهم لفترات طويلة نتيجة وفاة الوالدين، أو العجز، أو الطلاق، او عدم قدرة الأبوين على رعاية اطفالهم والبقاء معهم”.
وأشارت الدراسة الى أن هناك تغييرات سلبية تشهدها العلاقة بين الطفل والأسرة التي يقيم لديها في حال استمرت الإقامة لفترة طويلة، وترتبط بالعامل المادي والضغوطات النفسية والاجتماعية التي تصيب أسر اللاجئين، فيما دعت إلى ضرورة توفير خدمات ادارة الحالة لهؤلاء الأطفال لضمان بقائهم في الأسر البديلة ضمن أجواء صحية وآمنة للطفل.
وأظهرت أن الاطفال الذين يقيمون مع أجدادهم أو مع أقارب غير متزوجين أو ليس لديهم أبناء يشعرون براحة أكبر، ويبقى الحب والاهتمام والاحترام هي العناصر الأكثر أهمية لدى الأطفال مقارنة مع الجوانب المادية وقدرة الأسرة البديلة على توفير متطلباتهم المادية.
في المقابل، أوضحت الدراسة أن أبرز سلبيات الإقامة مع أسرة قريبة، تتمثل في “التمييز بينهم وبين أبناء الأسرة، أو التمييز المبني على الجنس لجهة تفضيل الذكور، الى جانب الأعباء المالية التي يتحملها مقدمو الرعاية، وما اذا كانوا سيحصلون على كل احتياجاتهم، والخوف من عدم التقبل في الأسرة البديلة، وتحديدا من قبل شريك أقربائهم، فضلا عن إمكانية أن يتعرض هؤلاء للإساءة أو أن ينخرطوا في عمالة الأطفال”.
وأضافت أن بعض الأطفال الذين يعيشون مع أقاربهم المتزوجين (عم، خال، عمة، خالة) ولديهم أبناء، يشتكون “من التمييز وأنهم لا يتلقون القدر الكافي من الحب، ويتعرضون لمعاملة مختلفة، لجهة الفرص في التعليم، وتوزيع المهام المنزلية، وحرية الحركة، واللعب، والعقاب، والزواج المبكر، أما الفتيات فيتحدثن كذلك عن تمييز مبني على أساس النوع الاجتماعي لمحدودية الحركة، وعدم السماح لهن بالذهاب إلى المدرسة”.
واقترحت الدراسة مجموعة من التوصيات لتحسين خدمات الرعاية لحماية الأطفال السوريين المفصولين عن أهاليهم والمقيمين في الأردن، تتطلب تعبئة الجهود التي يبذلها العديد من أصحاب المصلحة، بما في ذلك الحكومة؛ والأمم المتحدة والوكالات الدولية؛ والمجتمع المدني والمنظمات العقائدية، ووسائل الاعلام، والمهنيون ومقدمو الرعاية والآباء والأطفال، وأعضاء من آليات حماية الطفل المجتمعية.
كما أوصت بتعزيز الخدمات الاقتصادية والمساعدات للأسر، خاصة لمقدمي الرعاية الضعيفة مثل كبار السن، وزيادة خدمات الدعم الأسري بما في ذلك الخطط الإيجابية للآباء والأمهات والجدات والأجداد والعمات والأعمام وغيرهم.
ودعت إلى تعزيز الدعم المقدم للرصد وإدارة القضايا لحالات الأطفال المنفصلين لمواصلة الاستجابة لاحتياجات الأطفال ومقدمي الرعاية، والحد من مخاطر التمييز وسوء المعاملة.
وركزت التوصيات على أهمية تعزيز الآليات المجتمعية لحماية الطفل، لتحديد ورصد والاستجابة، وإعداد حملات التوعية الإعلامية وتعزيز عدم التمييز وحماية الطفل، وفرص التعليم، وزيادة الفرص في حصول الطفل على خدمات الرعاية النفسية والاجتماعية.