عروبة الإخباري – قال العين سمير الرفاعي لا يخفى على أحد، حجم التأثير النوعي، لوسائل الإعلام في التوعية, مبينا إن البعد التثقيفي، هو أحد أبرز وظائف الاتصال الجماهيري الدائمة.
واضاف ان الإعلام يعمل على ربط الفرد بثقافته، وبتراثه، لربط حاضر ومستقبل أي أمة بماضيها وتاريخها، و يلعب دورا رئيسا في رفع الصدام بين الأفكار والاتجاهات إلى مستوى النقاش, مبينا إن الإعلام جزء، لا يتجزأ، من ثقافة أي أمة، وهو، بذلك، ليس مجرد سلعة، تخضع لمعايير السوق والربح والخسارة, باعتباره رسالة سامية، جدير بمنْ يتصدى لها، أن يكون على درجة عالية من الكفاءة والأهلية والوعي, مستذكرا رواد الإعلام العربي،في مطلع القرن العشرين، حيث كانوا هم أنفسهم، رواد عصر النهضة، وقادة التنوير، ولعبوا دورا مهما في انفتاح المسلمين على الحضارات والثقافات الأخرى، وفي التواصل مع العالم وتقديم الوجه المشرق لحضارتنا وثقافتنا العربية الإسلامية.
واشار الرفاعي خلال افتتاحه فعاليات مؤتمر “الخطاب الاعلامي التوعوي بين الشريعة والقانون ” الذي عقد في جامعة الزرقاء اليوم , انه ومع ثورة الإعلام الالكتروني، ودخولنا عصر إعلام التواصل الاجتماعي، ازدادت أهمية الإعلام، كما ازدادت خطورته، وتأثيره في عمليات التشبيك والنشر والترويج للأفكار, والتي فرضت التحولات الكبرى في عالم الإعلام وصناعته من معطيات جديدة، لم تأخذ حقها الكافي من القراءة والتحليل, إذ أصبح أي مواطن إعلاميا قادرا على صياغة الرسائل ونشرها.
واكد على ان أكثر منْ استثمر هذه الثورة التكنولوجية الكبيرة، هم دعاة التطرف والفكر التكفيري والذين امتلكوا أدوات الإعلام الحديثة، ووظفوا أحدث تقنياتها، لترويج أكثر الأفكار تخلفا وظلامية, وهذه المفارقة العجيبة، تستدعي منا أن نمتلك الجرأة الأدبية لمناقشة واقع إعلامنا الرسمي والتقليدي، والذي يمتلك الأفكار المستنيرة، ولكنه ما زال حتى اللحظة أسير الوسائل القديمة، غير الفاعلة ولا القادرة، على حمل رسالة الاعتدال والوسطية، في المجابهة القائمة والتي تأخذ طابعا ثقافيا؛ فهي مجابهة بين النور والظلام، بين الاعتدال والغلو، وبين الطاقة الإيجابية وطاقة أخرى سلبية مدمرة، تنتشر وتتمدد، وتستثمر ظروف الناس الصعبة والأوضاع الاقتصادية وفشل مشاريع التنمية، لتدمير المجتمعات ونسف السلمي الأهلي وتشويه الخطاب الثقافي وتحويله إلى خطاب كراهية وعنف.
وقال إن فئة الشباب، هي الفئة الأكثر استهدافا من قبل الفكر الإرهابي، حيث يسعى سماسرة هذه التنظيمات لاستقطاب الشباب، والاستثمار في طاقاتهم، وتوظيف قدراتهم وإمكاناتهم العالية والحديثة، لصالح تدمير مستقبلهم، وتحويلهم إلى أدوات في الحرب على أوطانهم ومجتمعاتهم, ويترتب على ذلك، أن إعلام الوعي وإعلام التنوير والاعتدال، يجب أن يمتلك القدرة، أيضا، على مخاطبة الشباب، بلغة العصر وأدواته، بعيدا عن الأسلوب التقليدي القائم على التلقين وطرح المسلمات, مبينا ان لابد لأي جهد إعلامي تنويري، من أن يبدأ من تحديد فئة الشباب كجمهور له، كون الشباب يمثلون الشريحة الأوسع والأكبر في كل مجتمعاتنا، وهم الطاقة الكبيرة، وهم من سيقودون مستقبل أمتنا.
واشار الى أن أي جهد إعلامي تنويري موجه للشباب، يجب أن يوازيه جهد تنموي، وإصلاح اقتصادي يكفل توفير فرص العمل الكريمة واللائقة، وتوسيع الطبقة الوسطى ودعم دورها الرائد في المجتمعات, وهذا واجب الحكومات المتعاقبة، بأن تضع البرامج الواضحة القابلة للقياس، وأن تكرس الشراكة مع القطاع الخاص الوطني، ممثلا بغرف الصناعة والتجارة، وأن تحفز الاستثمار النوعي الدائم والمستقر؛ فالإصلاح الاقتصادي القائم على رؤية تنموية، تسعى بكل جد، لخلق شروط أفضل للمستقبل وتبث الروح الإيجابية، هو متطلب أساسي، لتوفير بيئة النجاح لفكر الاعتدال وثقافة الوسطية.
وقال أنه تم إطلاق وثيقة الخطة العشرية،لتكون الفرصة مواتية لتصحيح الاختلالات في القوانين والتشريعات التي تم تقديمها وإقرارها، مؤخرا، على نحو غير منسجم، وبعيد عن النظرة الشمولية، التي تربط بين الاقتصاد ومفاهيم ومتطلبات الأمن الاجتماعي والأمن الثقافي, مبينا ان جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين ,وانطلاقا من رسالة آل البيت الأشراف، قام بتبني ودعم وتوجيه مجموعة من المبادرات التنويرية، النوعية,من أبرزها “رسالة عمان”، والتي جاءت في وقت مبكر، واستشرافا، للخطر الذي داهم أمتنا وأدى خلال الخمس سنوات الماضية إلى تفتيت وحدتها وتدمير مجتمعات عديدة، وتهجير وقتل وتشريد مئات الآلاف, فقد استطاع هذا الخطر الجارف أن يأخذ منحى طائفيا، وأن يهدد بحرب أهلية طائفية خطيرة، قد تستمر، لا قدر الله، لفترة طويلة، ما لم تستعد هذه النخبة من العلماء والمستنيرين وقادة الرأي زمام المبادرة.
واكد إن “رسالة عمان”، والتي حظيت بدعم ومباركة وتأييد علماء الأمة، ومؤسساتها الدينية، تجرم التكفير، وتعترف بالتنوع المذهبي، كنقطة قوة للأمة، وتحث على الانفتاح والتواصل بين الحضارات. وهي جديرة اليوم، أن تكون منطلقا لأي جهد مبارك، يهدف إلى استعادة وحدة الأمة، وتنقية خطابها الفقهي والإعلامي والسياسي، مما علق به من شوائب, مبينا إن “رسالة عمان”، بما تمثله من مبادرة مهمة، وجهد نوعي وخطاب مستنير، لم تأخذ حقها الضروري والملح من الاهتمام والتفاعل والنشر والتوعية. ولعلها واحدة من القضايا المهمة التي سيوليها هذا المؤتمر ما تستحقه من البحث والاهتمام، وكيف يمكن تحويلها إلى برنامج عمل وخطة وإلى خطاب إعلامي وثقافي.
وبين رئيس الجامعه الدكتور محمود الوادي، إن الجامعة تهدف أن تكون منارة للمفكرين والعلماء من خلال عقدها العديد من المؤتمرات والندوات العلمية، وإن الخطاب التوعوي يعاني من الفوضى، وتعدد الآراء والاجتهادات واختلافها، وعدم الالتزام بمعايير حرية التعبير من النواحي الشرعية والقانونية، مما انعكس على أبناء المجتمعين العربي والإسلامي، مبينا ان هذا المؤتمر جاء لتسليط الضوء على خطورة ترك الخطاب الإعلامي بلا ضوابط تحكمه وتحدد مساره من مختلف الجوانب، متمنياً الخروج بتوصيات تسهم في الوقاية والعلاج لمشكلة الفكر المتطرف وآفة الإرهاب، داعياً للتمسك بمبادئ الإسلام، ونبذ خطاب الكراهية والتطرف والإرهاب، حتى لتوصيل رسالة الإسلام للعالم أجمع.
وأوضح رئيس المؤتمر وعميد كلية الصحافة الدكتور ابراهيم ابو عرقوب، ان الخطاب التوعوي يعاني من الفوضى وتعدد المرجعيات والإجتهادات والمصادر وعدم الإلتزام بأخلاقيات الخطاب الفعال وبمعايير حرية التعبير عن الرؤى الإعلامية والشرعية والقانونية، مبينا إن الهدف المنشود من المؤتمر تسليط الضوء على القضية من مختلف جوانبها، والخروج بتوصيات تدعو الى تجديد الخطاب الإسلامي ليكون خطاباً راشداً يحمل رسالة الإسلام السمحة الى العالم كافة.
وأوضح العلامة الدكتور زغلول النجار المتحدث باسم المشاركين في المؤتمر ، ان الاعلام اليوم فقد رسالته الحقيقة لفقده الضوابط الشرعيه بالرغم من كثره القوانين والتشريعات والضوابط المهنية التى وضعت لذلك، مبينا ان الخطاب الاعلامي التوعوي المعاصر يركز على المكاسب الماديه العاجلة ويتجاهل أمانه الكلمه وأدب الخطاب , مبينا ان الاعلام اصبح يعاني من تضارب الاراء وتباينها، و ان العالم الغربي اطلق الاعلام بدعوى الحرية من منطلقات ماديه بحته من غير ضوابط دينية او اخلاقيه وانه انبهارا بنجاح الغربيين حيث انتقل الخلل في السلوك للعديد من وسائل الإعلام، لافتاً الى الفوضى التى تسود الاعلام اليوم نتيجه للحرية التى تمارس بغير ضوابط تشريعيه دقيقه.
واكد على ضرورة المبادرة بإصلاح الاعلام التوعوي في العالم الاسلامي وذلك بوضعه في أطره الاسلامية الصحيحة المنضبطة، حتى يستطيع الاعلام القيام بدوره في إصلاح المجتمع ومواجهة التحديات أمام الأمه الاسلامية.
ويتضمن المؤتمر الذي يعقد على مدار يومين والذي تنظمه كليات الشريعه والحقوق والصحافه والاعلام عدد من المحاور أبرزها، المحور الشرعي ويتضمن ترشيد الخطاب الاسلامي ومعالجه تعدد مرجعيات الخطاب الاسلامي، والوسطية والاعتدال في الخطاب الاسلامي، وعالميه الخطاب الاسلامي والحوار مع الآخر، ويضم المحور القانوني الخطاب الاعلامي التوعوي مسؤولية وطنية ودولية والخطاب الاعلامي التوعوي بين الحقوق والحريات، والحماية القانونية للخطاب الاعلامي التوعوي وتطورها، والمسؤولية القانونية الناشئة عن الخطاب الاعلامي، أما المحور الاعلامي ويناقش الخطاب الاعلامي في المواقع الالكترونية وشبكات التواصل الاجتماعي، وتجارب في الخطاب الإعلامي الإسلامي، ومضامين رسالة عمان الاعلامية والإسلامية، بالإضافة إلى الخطاب الاعلامي الغربي اتجاه الاسلام والمسلمين.
وترأس جلسات الافتتاح، مفتى عام المملكة سماحه الشيخ عبد الكريم الخصاونه، ورئيس هيئة الاعلام المرئي والمسموع الدكتور أمجد القاضي، والتى تناولت عدد من القضايا أبرزها، أدب الاختلاف في الخطاب الاعلامي من منظور القرآن الكريم وأثره في تحقيق وحده الأمة الإسلامية، وصوره الاسلام من خلال الخطاب الاعلامي الغربي، وعلاقة الخطاب الاسلامي بمنهج الاعلام والاتصال التوعوي، وعالميه الخطاب الاسلامي والحوار مع الآخر، والوسطية والاعتدال في الخطاب الاسلامي، بالإضافة لدور وسائل الاعلام في الرد على الارهاب.
وفي ختام أعمال افتتاح المؤتمر الذي حضره محافظ الزرقاء عادل الروسان، ورئيس مجلس الأمناء معالي الدكتور راتب السعود، ونخبه من الأكاديميين والمختصين والعلماء، قدم المنسق العام للجامعة أسامه ابو شعيره هديه تقديريه للعين سمير الرفاعي راعي المؤتمر، كما وسلم العين سمير الرفاعي الدروع التقديريه على المشاركين.
الرفاعي يفتتح مؤتمر “الخطاب الاعلامي التوعوي بين الشريعة والقانون” في جامعة الزرقاء
16
المقالة السابقة