رداً على سؤال: “ماذا كان عليهم أن يفعلوا؟” الذي طرحه عليّ المسؤول الأميركي السابق الكبير نفسه الذي تعاطى من موقعه مع قضايا دولية وشرق أوسطية عدة من بينها إيران، بعدما قلت له أن العرب والمسلمين يُلامون أكثر من أميركا بالنسبة إلى الأزمة السورية، أجبتُ: كان عليهم إن يعرفوا أن أميركا مصمّمة على عدم التورّط عسكرياً في المنطقة، وأن التيارات الإسلامية المعتدلة والمتشدّدة تنمو في العالم الإسلامي السنّي، وأنها تساهم في تنمية المشاعر المعادية لأميركا والغرب لأسباب كثيرة، أولها دورهما في إنشاء إسرائيل وحمايتها وعجزهما عن أو عدم رغبتهما في إقناعها بتسوية سلمية مقبولة مع الشعب الفلسطيني. وكان عليهم أن يعرفوا أن إرسال جيوش مسيحية أي غربية إلى العالم الإسلامي ليس مستحباً. انطلاقاً من ذلك كان عليهم أن يدعموا الثورة السورية، بتوحيد فصائلها السياسية وبدعم “الجيش السوري الحر”، وبعد ذلك يستطيعون مطالبة أميركا بالمساعدة. لكنهم بدلاً من ذلك اختلفوا في ما بينهم على الثورة السورية فقسّموها وسمحوا بذلك للرئيس الأسد وحليفتيه إيران وروسيا باستعمال كل الوسائل للصمود. وفي مواجهة ما اعتبروه مشروعاً إسلامياً شيعياً إيرانياً برز عندهم مشروعان إسلاميان سنّيان واحد تركي وآخر ميليشياوي متشدّد جداً. ووجد “أصحاب” المشروعين أنفسهم مضطرين ورغم تصارعهم إلى الاعتماد على منفذي المشروع الميليشياوي من تنظيمات عنفية مثل “النصرة” و”داعش” و”القاعدة”. أما أميركا فإن مسؤوليتها مهمّة أيضاً لأنها لم تضع استراتيجيا لمواجهة الوضع السوري، ووقعت في مخطط الأسد وإيران الذي رمى إلى تحويل الثورة إرهاباً، وصدقت أن الثوار صاروا إرهابيين. وراحت تدعو إلى المحافظة على المؤسسات في أي حل سياسي ومنها الجيش والأجهزة. ومع ضرورة الحل السياسي بسبب العجز عن الحسم عند النظام وعند الثوار وعند المتشدّدين كان على أميركا أن تعرف أن المؤسسات المشار إليها لم تعد سورية بل فئوية. طبعاً لا بدّ من التفاوض مع الاسد لحلّ الأزمة. لكن بعد الحل يفترض ان يخرج مع معاونيه وان يتركّز البحث على حماية طائفته ودورها في سوريا. والتفاوض معه لا يكون على أساس أنه رئيس سوريا، علماً أنه لا يزال كذلك رسمياً، لأنه لا يسيطر الآن إلا على 25 في المئة من مساحتها، بل على أساس انه أيضاً “أمير حرب” يسيطر على منطقة. علّق المسؤول الأميركي السابق الكبير نفسه: “من هنا صار اتفاق الطائف الذي أنهى حربكم أنموذجاً يطالب الكثيرون باعتماده في العالم العربي لحل الأزمات وإنهاء الحروب”. ردّيت: اتفاق الطائف كان حلاً معقولاً لو أن سوريا، التي فوَّضها العرب والعالم مساعدة لبنان على تطبيقه، قامت بمهمتها. لكنها لم تفعل، واستعملته لتحويل لبنان محافظة سورية باسم دولة. وعزّزت خلافات اللبنانيين وأيقظت المذهبية عند المسلمين مع تعزيز الصراع الطائفي بين المسلمين والمسيحيين. والهدف كان استمرارها في لبنان “إلى الأبد”. لذلك فشل الطائف. واخشى أن يفشل في الدول العربية الغارقة في الحروب الأهلية ذات التدخّلات الخارجية، لأن الخارج دائماً يعتمد سياسة فرِّق تسُد. طبعاً لا بدّ أن أذكّر هنا أن الطائف كان مهماً وربما لا يزال مهماً لأنه شرّع الوضع الطائفي، لكنه فتح الباب مستقبلاً لدولة لاطائفية مدنية من خلال إلغاء الطائفية السياسية، وإنشاء مجلس شيوخ يضمن حقوق الطوائف والمذاهب والأديان وحريات المنتمين إليها.
ما هي انعكاسات ما يجري في السعودية بل محيطها وسوريا على الأردن؟ سألت. أجاب: “ما يجري في السعودية وما تخوضه حالياً من معركة عسكرية جوية حتى الآن لا يؤثر كثيراً على الأردن. ذلك أن علاقة مليكه عبد الله الثاني بالسعودية، وهي جيدة، لم تكن يوماً علاقة خاصة أو شخصية. لكن الأردن في وضع قابل للعطب. صحيح حصل الملِك على تأييد كبير شعبياً ومعنوياً في المجتمع الدولي بعد قتل “داعش” الطيار في سلاحه الجوي الكساسبة. لكن ذلك موقت. ربما يعتقد الملك أنه دائم. الإسلاميون موجودون في الأردن. وتفشي ما يجري في سوريا في الاردن ممكن. وهناك مشكلة لاجئين سوريين فيه. لكنه حسّن وضعه على ما يبدو في الأشهر الأخيرة”.
علّقت: في موضوع إيران وإسرائيل وإيران والسعودية ربما عليكم الاستعانة بعُمان التي أظهرت حكمة ونضجاً ووعياً. بماذا ردّ؟
sarkis.naoum@annahar.com.lb