قالت النائب رولى الحروب ان قانون الاعلام المرئي والمسموع الجديد الذي اقره مجلس الامة وسينشر خلال أيام في الجريدة الرسمية هو قانون غير دستوري.
وقارنت خلال مشاركتها الثلاثاء بورقة علمية في مؤتمر البث الإذاعي والتلفزيوني: السياسات والتحولات والتحديات، الذي أقامه معهد الاعلام الأردني بين قانون الاعلام المرئي والمسموع المؤقت لعام 2002 والجديد الذي اقره مجلس الامة لعام 2015 وانعكاسه على قضايا الحريات والاستثمار وامن العاملين في قطاع الاعلام المرئي والمسموع والتوازن بين الحرية والمهنية والمسؤولية ودور الهيئة الجديد في القانون وتضارب المصالح والنزاهة والشفافية وغير ذلك.
واشارت الى ان هنالك مخالفات دستورية واضحة لنص المادة 15/ج من الدستور والتي لا تجيز تعطيل عمل الصحف ووسائل الاعلام او الغاء ترخيصها الا بأمر قضائي وفق احكام القانون ، والقانون الجديد يمنح مدير الهيئة صلاحيات وقف بث أي برنامج على الهواء بذريعة انه يمس بالامن الوطني او الاقتصاد الوطني او يخدش الحياء العام ، ويمنح مدير الهيئة أيضا حق الغاء ترخيص أي محطة إذاعية او تلفزيونية ان تاخرت في دفع الرسوم والغرامات دونما قرار محكمة. وهذه مسألة خطيرة جدا
الدراسة التي قدمتها الحروب
التشريعات الإعلامية الأردنية: التطبيقات والفجوات
إعداد: النائب د. رلى الفرا ( الحروب)
مقدمة:
تنزع التشريعات الاعلامية في الاردن الى التقلب وعدم الثبات، ومع أن قانون الاعلام المرئي والمسموع المؤقت الصادر عام 2002 شهد ثباتا نسبيا استمر أكثر من اثني عشر عاما قبل أن ينظرمجلس الأمة فيه ويستبدله بقانون دائم أقر قبل بضعة أسابيع وسينشر في الجريدة الرسمية خلال أيام، إلا أن التشريعات الأخرى التي تمس الصحافة المطبوعة والورقية لم تحظ بالثبات ذاته، فقد عدل القانون تسع مرات خلال الاعوام من 1998-2015، بل إن قوانين أخرى كقانون منع الارهاب المعدل وقانون محكمة امن الدولة المعدل قد حدت من الحريات الإعلامية وحرية التعبير والرأي ووسعت دائرة التجريم، هذا عدا عن استمرار المدعين العامين في تكييف الجرائم المرتكبة بوساطة وسائل الاعلام على اختلاف انواعها بتهم منصوص عليها في قانون العقوبات تتيح الحبس والتوقيف والحكم بالأشغال الشاقة المؤقتة، بعيدا عن القوانين الإعلامية الخاصة التي يفترض ان تنظم أعمال المهنة ومخالفاتها.
ومع إدراك بعض رموز الدولة لهذا المأزق المتعلق بتذبذب التشريعات الاعلامية وأثره في مناخ الحريات العامة، جاءت توجيهات جلالة الملك عبد الله الثاني لحكومة دولة د. معروف البخيت الثانية لتطالب برفع سقف الحريات الإعلامية وتحقيق التوازن بين الحرية والمسؤولية ورفع مهنية الاعلام الرسمي وفتحه أمام التعددية الفكرية وتنوع الاراء، وهو ما دعا الحكومة آنذاك إلى وضع استراتيجية إعلامية للأعوام من 2011- 2016 بالتشاور مع الجسم الإعلامي، تضمنت أهدافا طموحة عبرت عنها بالفقرة التالية:
“تهدف هذه الإستراتيجية إلى تعزيز البيئة الموائمة لإيجاد إعلام أردني مستقل ومستنير يقوم على الأسس الآتية:
– بيئة تشريعية مواتية توازن بين الحرية والمسؤولية.
– مهنية عالية للإعلاميين تقوم على التدريب الموضوعي المستدام.
– التنظيم الذاتي للمهنة والالتزام بأخلاقياتها.”
وبما أن العمر الزمني للاستراتيجية أوشك على النفاذ، فإنه يصبح من المشروع السؤال عما إذا كانت هذه الأهداف الثلاثة قد تحققت عبر التشريعات التي عدلت في الاعوام من 2011-2016؟
وبالنظر إلى القوانين التي سنها مجلسا الأمة السادس عشر والسابع عشر، فإننا نجد أن المجلسين قد عدلا أربعة قوانين مهمة هي:
– المطبوعات والنشر المعدل لسنة 2012 الذي أدخل عليه المجلس السادس عشر تعديلات اعتبرها الجسم الصحفي لصالح تعزيز المسؤولية على حساب الحرية الصحفية، ومع أنها نجحت الى حد ما في ضبط ما وصف بفوضى المواقع الالكترونية، إلا أنها تسببت في الوقت ذاته في مصادرة الكثير من أوجه حرية النشر عبر الشبكة العنكبوتية من خلال الشروط التي حددها القانون من مثل الالزام بالترخيص وبتعيين رئيس تحرير مسؤول عضو نقابة واعتبار التعليقات جزءا من المادة الصحفية وغير ذلك، كما أحدثت هذه التعديلات حالة من الجدل المجتمعي وجلبة صحفية كبرى، خاصة مع حجب المواقع غير المرخصة وامتناع بعضها عن الترخيص احتجاجا على القانون، وهو ما انعكس سلبا على صورة الحريات العامة وحرية الصحافة والتعبير بشكل خاص في الاردن، وكان سببا لتوجيه انتقادات عدة للمملكة في مجلس حقوق الانسان وغيره من المحافل الدولية.
– المطبوعات والنشر المعدل لسنة 2015 والذي أقره المجلس السابع عشر وتضمن تعديلات شكلية لمواءمة التغيرات التي طرأت على دائرة المطبوعات والنشر بعد ان الحقت بهيئة الاعلام، وكان عدد من النواب قد طالب برد التعديلات لاجبار الحكومة على الاتيان بقانون معدل يزيل التشوهات التي تعتور القانون، ولكن التعديلات مرت تحت القبة ولم يكتب لهذه المحاولات النجاح.
– نقابة الصحافيين المعدل لسنة 2014، الذي عدله المجلس السابع عشر، وطرأت عليه تغيرات بين السلبية والايجابية، ولكنه فشل في احتواء معظم الصحافيين العاملين في المؤسسات الاذاعية والتلفزيونية تحت مظلة النقابة، وقصر باب قبول العضوية على محرري نشرات الاخبار والبرامج الاخبارية ومقدميها، وتحت شروط صعبة، وألزم المؤسسات الاعلامية بما فيها محطات البث الاذاعي والتلفزيوني بدفع رسوم لصالح النقابة، حتى وإن لم يكن لديها صحافيون عاملون أعضاء في النقابة.
– الاعلام المرئي والمسموع المؤقت لسنة 2002 الذي ناقشه المجلس في شهر مارس الماضي وأقره ولكنه لم ينشر بعد في الجريدة الرسمية، والذي يفترض أن يصدر باسم قانون الإعلام المرئي والمسموع لعام 2015.
– جرائم أنظمة المعلومات المؤقت لسنة 2010، والذي أقره المجلس السابع عشر قبل اسابيع تحت اسم جديد هو قانون الجرائم الالكترونية لسنة 2015، ولكن دون أن تطرأ على أحكامه تغييرات جوهرية، باستثناء تغليظ بعض العقوبات على بعض الأفعال التي يجرمها القانون، بالأخص ما يتعلق بقرصنة المعلومات.
– كما أن الحكومة كانت قد تقدمت بمشروع قانون معدل لقانون ضمان حق الحصول على المعلومات في مطلع عمل المجلس السابع عشر في العام 2013، ولكنه ما زال يقبع في أدراج لجنة التوجيه الوطني النيابية حتى اليوم دون نقاش أو إقرار من اللجنة، وفيه بعض التعديلات الايجابية التي اقترحتها الحكومة ولكنها غير كافية لتفعيل حق الحصول على المعلومة. هذا ولم يطرأ أي تعديل على قانون حماية أسرار ووثائق الدولة الذي يتضمن الكثير من المواد التي تعيق حق الحصول على المعلومات. في المقابل، فإن مدونة السلوك التي أصدرتها حكومة دولة سمير الرفاعي والتي حدت من الاشتراكات والاعلانات الحكومية في الصحف ومنعت تعيين الصحفيين في مواقع تسبب ازدواجية او تعارضا في المصالح تم تجميدها من قبل الحكومات اللاحقة، وإن كانت لم تلغ، وما زال لها أثر سلبي على إعلانات الصحف واشتراكاتها، وإن كانت الحكومة الآن تقوم بإجراءات هامة بالتعاون مع لجنة التوجيه الوطني في البرلمان لإنقاذ الصحافة الورقية، بما في ذلك تخفيض الضرائب والرسوم على مدخلات الانتاج، وربما تسفر عن إعفاء إعلانات الصحافة الورقية من ضريبة المبيعات، وهي إجراءات تتطلب اصلاحات تشريعية على مستوى النظم والتعليمات وليس القوانين بالضرورة.
هذه الدراسة ستركز على قانون الاعلام المرئي والمسموع فقط وما طرأ عليه من تغيرات إيجابية وسلبية بين الاعوام 2002 و 2015 وفجوات التشريع التي ما زالت قائمة وتلك التي تم تجاوزها، وانعكاس هذه التغيرات التشريعية بشكل عام على البيئة الناظمة للبث الاذاعي والتلفزيوني في المملكة.
أسئلة الدراسة:
انطلاقا من نص الاستراتيجية الاعلامية للحكومة وأهدافها ومضمونها، تطرح هذه الدراسة الاسئلة التالية:
1. هل وازن القانون الجديد بين الحرية الاعلامية والمسؤولية المهنية والقانونية فيما يتعلق بأعمال البث والترخيص والمحتوى الإعلامي والغرامات والعقوبات؟
2. هل حمى القانون الجديد مهنة الصحافة الإذاعية والتلفزيونية ورعى الدور الرقابي للعاملين في قطاع الاعلام المرئي والمسموع ؟
3. هل عزز القانون الجديد التنظيم الذاتي للمهنة؟
4. هل استجاب القانون الجديد للتطورات الفنية والتقنية التي طرأت على القطاع منذ عام 2002 حتى اليوم؟
5. هل تضمن القانون الجديد عناصر ترفع من سوية المهنة والعاملين فيها ؟ وهل عزز من بيئة الاستثمار في قطاع الاعلام المرئي والمسموع؟
6. هل طور القانون الجديد عمل هيئة الإعلام وعزز من دورها التنظيمي والرقابي؟
وسنبدأ بالإجابة عن هذه الأسئلة تباعا:
للإجابة عن السؤال الأول: هل وازن القانون الجديد بين الحرية الاعلامية والمسؤولية المهنية والقانونية فيما يتعلق بأعمال البث والترخيص والمحتوى الإعلامي والغرامات والعقوبات؟
نشير إلى أن القانون قد أحدث تعديلات إيجابية وأخرى سلبية، أبرزها ما يلي:
أولا: التعديلات الإيجابية فيما يتعلق بأعمال البث والترخيص والمحتوى الإعلامي
1. ألغى القانون العقوبات السالبة للحرية فيما يتعلق بالقنوات غير المرخصة وتلك التي تخالف مواد القانون او شروط اتفاقية البث بالإضافة الى متداولي المصنفات الفنية واستبدلها بالغرامات المالية، وهذا تطور إيجابي يعزز حقوق الإنسان كما يوفر شعورا بالأمن لدى المستثمر من أن المخالفات المرتكبة من قبل طاقم المؤسسة الإعلامية التحريري أو الإداري لن تؤدي الى سجنه، وإن كانت لا تعفيه من الغرامات.
2. تم تعديل بعض المواد المطاطة المتعلقة بالمخالفات المرتكبة عبر وسائل الاعلام المرئية والمسموعة من مثل تعديل الفقرات ل ون وس من المادة 20واستبدالها بصيغة أكثر تحديدا وأقل عمومية، حيث أصبحت التزامات المرخص له بخصوص المحتوى الاعلامي تقتصر على ما يلي:
– احترام الكرامة الانسانية والخصوصية الشخصية وحريات الاخرين وحقوقهم وتعددية التعبير
– عدم بث ما يخدش الحياء العام او يحض على الكراهية والارهاب او العنف او اثارة الفتن والنعرات الدينية والطائفية والعرقية او يلحق الضرر بالاقتصاد والعملة الوطنية او يخل بالامن الوطني والاجتماعي.
– عدم بث المواد الكاذبة التي تسيء الى علاقات المملكة بالدول الأخرى
– عدم بث مواد اعلامية او اعلانية تروج للشعوذة والتضليل وخداع المستهلك
3. تم حصر متطلبات الترخيص بالشروط الواردة في المادة 16 من القانون بإلغاء البند 8 من الفقرة (ب) الذي كان ينص على أي بيانات أو وثائق أخرى تطلبها الهيئة. وفي هذا تعزيز لمبدأ الشفافية وعدم استحداث شروط تعجيزية أو مزاجية من قبل الهيئة قد تحد من قدرة مقدم الطلب على الحصول على الرخصة.
4. تم خفض مهلة الستين يوما الممنوحة لمجلس الوزراء لإصدار قراره بالموافقة او الرفض الى ثلاثين يوما في القانون الجديد، وفي هذا تقليص للفترة الزمنية التي كان على المستثمر أن ينتظرها ليعرف مصير مشروعه.
5. اشترط القانون الجديد أن يكون قرار مجلس الوزراء برفض ترخيص القناة التلفزيونية او الاذاعية معللا بالأسباب، ومنح المتضرر حق اللجوء الى القضاء لنقض القرار، وهي خطوة تقدمية في باب النزاهة والشفافية والعدالة وحرية البث، وإن كان حق اللجوء الى القضاء لنقض أي قرار إداري هو حق أصيل في النظام القضائي الاردني بحكم وجود المحكمة الادارية ، إلا أن عدم وجود ما يلزم مجلس الوزراء في القانون السابق بتعليل الرفض كان يؤدي الى خسارة أي متضرر قضيته حين يشتكي الى محكمة العدل العليا.
في المقابل، فإن التعديلات السلبية تضمنت:
1. اشترط القانون الجديد في أي فضائية تعمل في المملكة وموجهة للجمهور الاردني الحصول على رخصة بث من الهيئة بغض النظر عن مصدر بثها، وهو ما سيؤدي الى إغلاق فضائيات تبث من الخارج عبر قبرص او البحرين او غيرها ما لم تصوب اوضاعها بالحصول على ترخيص، علما بأن الموافقة على الترخيص ليست مضمونة لأنها غير مرتبطة باستيفاء شروط الترخيص، وإنما خاضعة لقرار مجلس الوزراء وتنسيب المدير، وهو ما يمكن تصنيفه ضمن باب التضييق على حرية البث التي كانت متاحة لتلك القنوات قبل صدور القانون الجديد، وزيادة العبء الاداري في الحصول على الترخيص من مجلس الوزراء والمالي في دفع الرسوم للهيئة، كما يمكن تصنيفه في باب الهيمنة والسيطرة على قنوات لا تبث من الأردن بالأساس. ولكن من جهة أخرى، فإن البعض قد ينظر إليه من باب السيادة وحق الدولة في تنظيم أي محتوى إعلامي موجه للجمهور الاردني.
2. تم الحد من حرية البث الشبكي بتعريف البث الجديد في المادة (2)، والزام القنوات التلفزيونية والاذاعية التي تبث من خلال الانترنت بالحصول على ترخيص للبث ودفع الرسوم تحت طائلة الإغلاق ومصادرة الاجهزة والمعدات والغرامات المالية الباهظة. وهذا يبقي السؤال مفتوحا حول مصير المحطات التي كانت تبث قبل صدور احكام القانون، وهل يبقى القديم على قدمه باعتبار ان القانون الجديد يسري بأثر فوري وليس باثر رجعي، أم ان الهيئة ستبادر الى اصدار تعميمات على كل المحطات القائمة والتي لم تكن مرخصة من قبل تطلب فيه تصويب اوضاعها وفق احكام القانون بالترخيص والتسجيل ودفع الرسوم تحت طائلة العقوبات؟
3. منح القانون الجديد صلاحيات لمدير الهيئة بوقف بث اي برنامج في حال كان يضر بالامن الوطني او يخدش الحياء العام ، وهذه مخالفة صريحة لاحكام المادة 15/ج من الدستور الاردني يفترض ان تتصدى لها المحكمة الدستورية، كما منح صلاحيات لمدير الهيئة بالغاء ترخيص اي قناة او اذاعة تتأخر في دفع الرسوم والغرامات دونما أمر قضائي، ومنح صلاحيات لمجلس الوزراء بالغاء رخصة اي قناة او اذاعة بعد استصدار حكم قضائي.
ثانيا: الغرامات والعقوبات بين الايجابيات والسلبيات
1. منح القانون الجديد جهتين حق فرض الغرامات على المرخص له بالاضافة الى القضاء، وهما مدير الهيئة ومجلس الوزراء، ( المواد 10، 18، 21، 28، 29 ) ويمكن للاطراف الثلاثة فرض غرامة على المرخص له عن نفس المخالفة المرتكبة، أي استيفاء الغرامة ثلاث مرات عن نفس المخالفة أو الجرم، لأنه لا يوجد في القانون ما يمنع تكرار العقوبة على ذات الفعل، وفي هذا تجن على المرخص له ومجافاة لقواعد العدالة والانصاف، فلا يجوز تغريم الشخص ثلاث مرات عن الجرم ذاته.
2. في المقابل، أحدث القانون الجديد تعديلا إيجابيا، حيث ألغى العقوبات السالبة للحرية، ولكنه غلظ الغرامات، فارتفعت قيمة الغرامة لمن يخالف أحكام المادتين 26 و 27 الى ألفي دينار بالحد الادنى وعشرة الاف دينار بالحد الاقصى ، بدلا من خمسمائة الى خمسة الاف دينار، ولكن عقوبة الحبس من أسبوع الى ستة أشهر تم الغاؤها بموجب تعديلات المادة 28/ أ.
3. في الوقت ذاته تم الابقاء على عقوبة إلغاء رخصة التداول للمصنفات الفنية في حال تكرار مخالفة أحكام القانون أكثر من مرة، وهي مسألة جدلية بدورها بين المؤيد لمثل هذه العقوبة من باب الردع والمعارض لها بسبب الاوضاع الاقتصادية الصعبة التي يمر بها المواطنون الاردنيون باعتبار ان الغاء الرخصة هو إقفال لباب الرزق.
4. كما أدخل القانون الجديد تعديلات إيجابية على المادة 29 بإلغاء عقوبة الحبس عن من يمارس أعمال البث دون الحصول على رخصة، وأبقت على غرامة لا تقل عن 25 ألفا ولا تزيد عن 100 ألف دينار، تضاعف في حال تكرار المخالفة.
5. تم إدخال تعديل ايجابي آخر على القانون الجديد بتخفيف الغرامة عن الشخص المعنوي الذي يخالف شروط اتفاقية الترخيص حيث نزل حدها الأدنى من 10000 دينار الى 5000 دينار، ونزل حدها الاعلى من 50000 الى 30000 دينار، مع الالزام بالتعويض وإزالة الضرر الناشئ عن المخالفة، وتضاعف العقوبة في حال التكرار.
6. في المقابل، فإن إبقاء حق إلغاء رخصة البث بتنسيب من رئيس الوزراء وقرار من مجلس الوزراء جراء استمرار مخالفة أو تكرارها تم تحديده في القانون الجديد بصدور حكم قضائي اكتسب الدرجة القطعية، وهو تعديل هام وانتصار لأحكام الدستور، ولكنه لم يأت متسقا مع تعديل آخر سبقه في مواد القانون الجديد يمنح مدير الهيئة- دونما اصدار حكم قضائي- حق الغاء الرخصة في حال عدم الالتزام بسداد الرسوم والغرامات وهو ما يشكل مخالفة دستورية صريحة لأحكام المادة 15/ج من الدستور الاردني.
7. منح القانون لموظفي الهيئة حق الضابطة العدلية والحق في دخول القنوات التلفزيونية والاذاعية ودور العرض وأي مكان آخر يتم فيه تداول المصنفات الفنية لتدقيق المستندات والموجودات والتحفظ على أي منها دون أن يشرط ذلك الدخول القسري بارتكاب مخالفة أو فعل يجرمه القانون، كما منحهم حق دخول المحطات غير المرخصة وضبط ومصادرة الاجهزة والأدوات وغيرها مما يستخدم في البث او اعادة البث. وإن كان دخول المحطات غير المرخصة مقبولا، إلا أن دخول المحطات المرخصة في أي وقت ودون ارتكاب جرم او مخالفة يعد مسألة مستهجنة وغير مقبولة ومضرة بحرية الاستثمار وأمنه.
للإجابة عن السؤال الثاني: هل حمى القانون الجديد مهنة الصحافة الإذاعية والتلفزيونية ورعى الدور الرقابي للعاملين في قطاع الاعلام المرئي والمسموع ؟
نوضح المسائل التالية:
اقتصرت احكام هذا القانون ومواده على الأشخاص الاعتباريين، وهو ما أحدث فراغا تشريعيا يتعلق بمحاكمة الاشخاص الطبيعيين الذين لم يعد بمقدورهم الاستفادة من نصوص هذا القانون الخاص، خاصة وأن القانون الجديد لعام 2015 قد ألغى عقوبة الحبس من سلم العقوبات لمخالفي أحكام القانون.
وقد أدى حذف الشخص الطبيعي من تعريف الشخص في المادة (2) وابقاء الشخص الاعتباري فقط، مع عدم وجود أي أحكام في القانون تتطرق الى المخالفات التي يرتكبها الشخص الطبيعي، إلى تحويل القانون الى قانون للأشخاص الاعتباريين فقط، أي أنه لا ينطبق إلا على المرخص له وهو الشخص المعنوي وفق احكام المادة (16)، وهو ما يترك العاملين في الاعلام المرئي والمسموع بلا أي غطاء قانوني في هذا القانون الخاص، ويحيلهم عند ارتكاب المخالفات بالتالي الى القانون العام وهو قانون العقوبات الذي يتضمن التوقيف المسبق وعقوبات السجن التي قد تمتد إلى الاشغال الشاقة المؤقتة في بعض الجرائم، مع أنها أفعال مرتكبة علانية عبر وسائل الإعلام، ومع أن الكثير من الدساتير والقوانين لا تعتبر الأفعال المرتكبة علانية عبر وسائل الإعلام جرائم تستحق العقوبة الجزائية، وإنما مخالفات تستوجب المطالبة بالحق المدني والتعويض فقط.
يترتب على ذلك أن العاملين في الاعلام المرئي والمسموع لا يتمتعون بما تمتع به زملاؤهم في المطبوع والالكتروني بوجود قانون المطبوعات والنشر والذي منعت تعديلاته توقيف الصحفي توقيفا مسبقا على ذمة قضايا المطبوعات، ما لم يكن تكييف التهمة من الادعاء العام يحيل الى قانون العقوبات أو منع الارهاب وليس قانون المطبوعات.
وهذا يجعل الصحفيين الاذاعيين والتلفزيونيين، خاصة وأن معظمهم ليسوا أعضاء في نقابة الصحافيين، في مرتبة غير متساوية مع زملائهم الآخرين في الاعلام المطبوع والالكتروني، مع أنهم يقومون بنفس العمل ويرتكبون نفس المخالفات. وهذه بحد ذاتها شبهة مخالفة دستورية، فكيف يمكن محاسبة الاشخاص الذين ارتكبوا نفس المخالفة أو الجرم وفق أكثر من قانون وبأكثر من عقوبة؟ هذا يخرق المادة (6) من الدستور، ويخرق مبدأ منح الحصانة من التوقيف للعاملين في مهنة الصحافة بغض النظر عن الوسيط الاعلامي المستخدم وعضويتهم في النقابة من عدمها، ويجعل الصحفيين تحت رحمة الاجتهاد الشخصي في تكييف التهمة من قبل الادعاء العام، ولا يعزز حرية الصحفي الاذاعي والتلفزيوني بل يبقي حالة الخوف من الملاحقة الجزائية قائمة، ومن ثم، فإن مقص الرقابة الداخلية المسبقة على اختيار الموضوعات والأشخاص سيبقى العنصر الأكثر حضورا لدى العاملين في هذا القطاع.
للإجابة عن السؤال الثالث: هل عزز القانون الجديد التنظيم الذاتي للمهنة؟
لم يتشكل مجلس شكاوى مستقل ينظم المهنة ذاتيا كما ورد في الاستراتيجية الاعلامية للاعوام 2011-2016، وهذا يعني أننا ضيعنا فرصة كان يمكن استثمارها في هذا القانون، وبقي النظر في الشكاوى من اختصاص هيئة الإعلام، مع تعديل جوهري هو أن مدير الهيئة كان يفصل في هذه الشكاوى سابقا بموجب القانون السابق، في حين ان القانون الجديد قد أحال صلاحية النظر في الشكاوى المقدمة من الجمهور او من مرخص له على مرخص له آخر الى لجنة من المختصين يشكلها المدير لهذا الغرض، وهذه الصلاحية كانت من اختصاص المدير سابقا في قانون 2002 ، ولكن القانون الجديد فضل إحالة هذه الشكاوى الى لجنة من المختصين يشكلها المدير، وهي مرحلة على الطريق ان صح التعبير بين الهيئة كجهة تنظر الشكاوى ومجلس الشكاوى المستقل.
كما لم ينص القانون على اعتبار ميثاق الشرف الاعلامي أو مدونة السلوك جزءا من القانون، نظرا للجدل القانوني حول الزامية مواثيق الشرف ومدونات السلوك، ولكن إجراءات توقيع اتفاقية البث بين الهيئة والمرخص له تشمل التوقيع على هذا الميثاق.
للإجابة عن السؤال الرابع : هل استجاب القانون الجديد للتطورات الفنية والتقنية التي طرأت على القطاع منذ عام 2002 حتى اليوم؟
نقول إن القانون الجديد قد عالج الكثير من القضايا الفنية والتقنية التي لم تكن مثارة في العام 2002، وواكب التطورات التقنية تحديدا في القطاع ، وأبرز تلك التعديلات تضمنت ما يلي:
1. تعريف التردد: تم استبدال التعريف السابق بآخر أكثر دقة ليصبح كالتالي: ” رقم يقع ضمن حيز معروف ومحدد في الطيف الترددي يدل على موقع الموجة الاذاعية او القناة التلفزيونية الصادرة من محطة البث أو اعادة البث وهو أداة للتعريف بالمحطة ليتم استقبالها من قبل الجمهور.
2. تعريف البث: غطى التعريف الجديد الجوانب الحالية والمستقبلية المحتملة، وجاء من الاتساع والعمومية بحيث يستوعب أي تغيرات مستقبلية تطرأ على عملية البث المرئي والمسموع، وبحيث تبقى تلك الوسائط الاعلامية المستحدثة بغض النظر عن التقنية التي توظفها خاضعة لأحكام القانون، دونما حاجة لتعديل القانون في المستقبل. وقد شمل التعريف الجديد للبث التقنية الرقمية وتقنية البث عبر الانترنت، التي كانت مستثناة في التعريف السابق من أحكام هذا القانون باعتبار أنها ليست بثا تلفزيونيا أو اذاعيا، ولكن، ومع انتشار المحطات التي تبث من خلال الشبكة العنكبوتية، طور المشرع مفهوم البث، وارتأى اخضاعها لذات أحكام البث الفضائي عبر الاقمار الصناعية والبث الاذاعي الهوائي بموجاته القصيرة والطويلة.
3. تعريف رخصة الانتاج: تم اضافة تعريف جديد هو رخصة الانتاج لتمييزها عن رخصة البث ، نظرا للتطور في عالم هذه الصناعة وتطور معرفة المنظم والمشرع بالتقنيات والطرق المختلفة التي تحكمها. ويمكن القول بأ، التعريفات بشكل عام أصبحت أكثر دقة في القانون الجديد.
4. تم وضع قيد في المادة 15 /ب من القانون الجديد يمنع المرخص له بممارسة أعمال البث من تقديم خدمات الاتصالات دون الحصول على رخصة من هيئة تنظيم قطاع الاتصالات، وهذه كانت ثغرة في القانون السابق ضيعت على الهيئة مئات الآلاف من الدنانير، تم تداركها في هذا القانون.
5. عبر اخضاع محطات اعادة البث لشروط دفع الرسوم والتسجيل لدى الهيئة صحح القانون خللا فوت على الهيئة مئات الالاف من الدنانير في العقد الماضي، وإن كان هذا يعتبر عبئا ماليا اضافيا على هذه المحطات، إلا أنه تطور مقبول في الاجراءات من طرف الهيئة.
للإجابة عن السؤال الخامس: هل تضمن القانون الجديد عناصر ترفع من سوية المهنة والعاملين فيها ؟ وهل عزز من بيئة الاستثمار في قطاع الاعلام المرئي والمسموع؟
1.تم اضافة شرط في المادة 16/ب/2 هو توفر القدرة المهنية لدى المتقدم للحصول على ترخيص البث التلفزيوني او الاذاعي، الى جوار المتطلب السابق بتوفر القدرة الفنية والادارية، كما تم اضافة شرط تقديم شهادة ملاءة مالية من بنك معتمد في البند الثالث من الفقرة ب من ذات المادة، اضافة الى الشرط السابق بتوفير بيانات وافية للتعريف بمقدرة مقدم الطلب المالية ومصادر التمويل المتاحة له.
2. لم يوضع في القانون نص يضبط الملكية المتعددة لوسائل الإعلام، حيث لم تلق قبولا لدى اعضاء اللجنة باعتبارها تدخلا في حرية السوق والاستثمار الاعلامي.
4. استمرت في هذا القانون مسألة معيقة للاستثمارفي المادة 18/ج هي اعتبار رخصة البث رخصة شخصية لا يجوز للمرخص له التنازل عنها او عن أي جزء منها إلا بموافقة مجلس الوزراء وبتنسيب من الوزير ( أي رئيس الوزراء)، وهو ما يعقد مسألة التنازل عن الرخصة او إدخال شركاء استراتيجيين في حال تعرض المحطة للخسارة، ويهدد المستثمرين بتعريض استثماراتهم للخطر في حال رفض مجلس الوزراء ادخال شركاء بحصص معينة او التنازل بالكامل عن الرخصة، وهو ما يجعل الاستثمار في هذا القطاع مخاطرة ومغامرة ويحول الاستثمار الى استثمار غير آمن في بيئة يصعب التنبؤ بها.
5.ألزم القانون الجديد محطات اعادة البث الفضائي والاذاعي بالتسجيل لدى الهيئة وفق نظام يصدر لهذه الغاية، وهو ما يعني استيفاء المزيد من الرسوم لصالح الهيئة وتحسين ايراداتها، ولكنه سيضيف في الوقت ذاته عبئا ماليا لم يكن قائما على هذه المحطات بموجب القانون السابق
6.ألزم القانون الجديد المحطات بالاحتفاظ بكامل محتوى بثها لمدة ستة أشهر بدلا من شهر التي نص عليها القانون السابق، وهو ما سيضيف عبئا ماليا في شراء خوادم (servers) بسعة عالية .
7.اضيف التزام جديد بموجب القانون على المرخص له بتسديد رسوم الترخيص السنوية ، وتم فرض غرامة تستحق من تاريخ الاستحقاق، تضاعف الى 50% من رسوم الرخصة، وفي حال عدم الدفع، يتم إلغاء الرخصة الممنوحة وفق نظام يصدر لهذه الغاية.
8.في المقابل، فإن إلغاء الحبس عن الشخصية الاعتبارية مالكة المؤسسة الاعلامية هو تعديل ايجابي يحد من مخاوف المستثمرين حول مسؤوليتهم القانونية عن اعمال البث، كما أن تعديل الفقرات ل ون وس من المادة 20 المتعلقة بالتزامات المرخص له فيما يتعلق ببث المحتوى الاعلامي واستبدلت بصيغ أكثر تحديدا ودقة وأقل عمومية، أدى إلى حصر المخالفات المرتكبة في محتوى البث ، وهو ما يحسن موقف الشخصية الاعتبارية أمام القضاء مقارنة بالمواد المطاطة والعمومية التي كانت في القانون السابق، والتي تجعل التجريم مسألة اجتهادية وقابلة للتأويل.
9.اضاف القانون الجديد شرطا لاعفاء الدوائر والمؤسسات الحكومية وغيرها من رسوم رخص البث شريطة عدم بثها للإعلانات التجارية، ورغم أن هذه الاضافة أثارت جدلا لدى بعض الاذاعات، إلا أنها تحقق نوعا من العدالة بين القطاع الخاص والعام والاعلام المجتمعي، فقد كانت تلك الإذاعات تحظى بحصة الاسد في سوق الاعلان، دون أن تلتزم بدفع شيء من الرسوم للدولة، في حين يدفع القطاع الخاص كل الرسوم دون نصيب كاف من الإعلان التجاري. مع ذلك، فإن القانون أبقى على امتيازات مؤسسة الاذاعة والتلفزيون الرسمية وحافظ على إعفائها من كل الرسوم والرخص مع أنها تبث إعلانات تجارية، وهذا يعيدنا إلى مسألة العدالة الانتقائية والمعاملة التمييزية التفضيلية للقنوات والاذاعات الحكومية بموجب القانون والانظمة والتعليمات الصادرة بمقتضاه.
10.نص القانون السابق على ان المرخص له ان توقف عن البث أو إعادة البث مدة تتجاوز ستين يوما متتالية جاز للهيئة إلغاء رخصة بثه، ولكن القانون الجديد مدد المدة الى تسعين يوما متتالية ، وفي هذا تخفيف على المستثمرين، فلا يعقل أن يخسر المستثمر استثمارا بالملايين جراء انقطاع بثه لظرف أو لآخر مدة شهرين، خاصة وأن قمرا كالنايل سات يحتكر البث الفضائي ويفرض شروطه عبر عقود إذعان على القنوات الفضائية ويقطع البث كما يحلو له دونما قدرة على مقاضاته، وهناك أمثلة عديدة لقطع النايل سات بث بعض القنوات تعسفيا.
11. هذا بالإضافة الى ما ذكر سابقا في إجابة السؤال الأول في هذه الورقة حول ايجابيات وسلبيات أحكام القانون الجديد في قضايا منح الترخيص وإلغائه والعقوبات والغرامات لأنها جميعها قضايا متعلقة بالاستثمار تيسيرا أو إعاقة.
للإجابة عن السؤال السادس: هل طور القانون الجديد عمل هيئة الإعلام وعزز من دورها التنظيمي والرقابي؟
لم يتشكل بموجب القانون مجلس ادارة مستقل للهيئة، وهو مطلب قديم للجسم الإعلامي، كما أن الصلاحيات المضافة للهيئة ومديرها قد حولتها إلى ما يشبه وزارة للاعلام بموجب تعديلات القانون. ومن أبرز التعديلات التي طرأت على الهيئة وعملها ودورها وصلاحياتها ما يلي:
1. اسم الهيئة: تم تغييره لتصبح هيئة الإعلام ، مع شطب المرئي والمسموع من الاسم، وذلك لأنها أصبحت شاملة للمطبوعات والنشر، بالاضافة الى المصنفات الفنية.
2. مرجعية الهيئة : استبدل وزير الاعلام برئيس الوزراء أو من يفوضه من الوزراء. وهذا التعديل قد يكون له سلبيات منها، أنه يأتي معاكسا لاتجاه هذه الحكومة في اعادة ارتباط الهيئات المستقلة بالوزراء ذوي الصلة بدلا من رئيس الوزراء، كما أنه يحد من صلاحيات وزير الدولة لشؤون الاعلام الذي أصبح بلا دور ، خاصة بعد استعراض مهام الهيئة وصلاحياتها التي سحبت من صلاحيات الوزير الكثير، وهو ما قد يستدعي الغاء موقع وزير الدولة لشؤون الاعلام في المستقبل، والاكتفاء ربما بناطق رسمي باسم الحكومة، أو قد توكل هذه المهمة لرئيس هيئة الإعلام، الذي استعاد من خلال القانون الكثير من صلاحيات وزير الإعلام التي انقضت بإلغاء الوزارة.
3. صلاحيات الهيئة: تبنى القانون الجديد ادوارا جديدة للهيئة لم يكن منصوصا عليها في القانون السابق، وأخرج الهيئة من كونها جهة منظمة ومرخصة ومراقبة الى جهة منفذة ومجرية للدراسات والبحوث ومدربة، بل وواضعة خطط اعلامية، وهو ما سيدخل وزراء الدولة لشؤون الاعلام في حالة تضارب صلاحيات مع مدراء الهيئة أو يهمش دور الوزراء تماما باعتبار ان صلاحيات مدير الهيئة في وضع الخطط الاعلامية وتنفيذها منصوص عليها بالقانون، في حين ان صلاحيات وزراء الاعلام غير منصوص عليها بأي نص ساري المفعول، كما سيتضارب مع نشاطات تقوم بها نقابة الصحفيين والمراكز المتخصصة من مثل مركز حماية وحرية الصحفيين فيما يتعلق بالتدريب وعقد المؤتمرات وغير ذلك، هذا عدا عن أنه يقزم التوصية الواردة في الاستراتيجية الاعلامية للاعوام من 2011-2016 والتي تنص على انشاء مجلس شكاوى مستقل ويحول المجلس الى لجنة تشكلها الهيئة وهي جهة حكومية بالأساس، كما يضعف مبدأ التنظيم الذاتي للقطاع الذي نصت عليه الاستراتيجية باعتباره ضمن اولويات عمل الحكومة، ويعيد كل شيء الى ملعب الحكومة بالكامل تخطيطا واشرافا وتنفيذا ورقابة وتنظيما وتدريبا وبحوثا.
والمهام التي اضيفت للهيئة هي:
– تنفيذ السياسة الاعلامية العامة والمقرة من قبل الحكومة
– اعداد خطط التوجيه الوطني وتعميمها على المرخص لهم
– تنظيم أنشطة إعلامية لرفع سوية مهنة الإعلام وتأهيل وتدريب الإعلاميين وإجراء الدراسات والبحوث وعقد المؤتمرات والندوات وإقامة المهرجانات وغيرها
– تشكيل لجنة من ذوي الاختصاص للنظر في الشكاوى المقدمة من الجمهور أو أي جهة أخرى متعلقة بالمحتوى الإعلامي أو المواد المبثوثة أو المسجلة لغايات العرض أو تداول الجمهور أو من مرخص له على مرخص له آخر
– وضع أسس ومعايير منح الرخص
– هذا بالإضافة الى أي مهام إعلامية أخرى يكلفها بها مجلس الوزراء
في حين ان الهيئة في القانون السابق كانت مكلفة فقط بما يلي:
– تنمية القطاع وتنظيمه وخلق بيئة استثمارية فيه
– دراسة طلبات الترخيص
– مراقبة اعمال الجهات المرخص لها
– اجازة المصنفات ومنح الرخص اللازمة
– اعتماد مكاتب مراسلي محطات الاذاعة والتلفزيون
– ترخيص الاجهزة والوسائل المستخدمة لاعمال البث
بالإضافة الى ذلك، فقد كان من صلاحيات مدير الهيئة في القانون السابق متابعة تنفيذ السياسة العامة للإعلام والخطط الوطنية المقررة بشأنها. وقد يقول قائل إن هذا الدور هو دور تنفيذي ، ولكن واقع الحال يقول إن متابعة التنفيذ هو دور أقرب الى الرقابة، ولأن هذا الوصف رقابي، فقد اضاف القانون الجديد وصفا تنفيذيا للهيئة في المادة الرابعة منه.
4.صلاحيات مدير عام الهيئة: طرأ على هذه الصلاحيات إضافات جوهرية منها:
– أضيفت بحكم المادة 8، (الفقرتين ن و س ) صلاحيات جديدة للمدير منها إغلاق أي قناة فضائية او إذاعية أو دار عرض غير مرخصة وإيقاف بث أي مادة أو برنامج في يضر بالأمن الوطني أو السلم المجتمعي أو يبث مواد اباحية، بعد الحصول على امر قضائي من قاضي الامور المستعجلة.
– الغى القانون الصلاحية السابقة الممنوحة للمدير بالتنازل عن بعض صلاحياته خطيا لأي من موظفي الهيئة ، ولكن الغاء هذا الحكم من القانون لا يعني ان المدير لا يستطيع تفويض صلاحياته، لان هذا جائز بموجب نظام الخدمة المدنية.
– جميع المهام المضافة للهيئة في المادة الرابعة من القانون الجديد ، والتي أشرنا اليها أعلاه، هي صلاحيات تم اضافتها للمدير في واقع الأمر.
5.تعيين مدير الهيئة: كان التعيين يأتي بتنسيب من وزير الاعلام وقرار من مجلس الوزراء، اصبح التعيين بموجب القانون الجديد بتنسيب من رئيس الوزراء ( او الوزير الذي يفوضه الرئيس) وقرار من مجلس الوزراء، لأن كلمة الوزير في كل القانون استبدل فيها وزير الاعلام برئيس الوزراء أو من يفوضه من الوزراء.
6.واجبات المدير: كان المدير مسؤولا امام الوزير عن سير اعمال الهيئة ، فألغى القانون الجديد هذه المسؤولية امام الوزير وتركها مفتوحة، ويعتبر البعض هذا التغيير تعزيزا لاستقلالية المدير، في حين يعتبره آخرون خللا في سلسلة القيادة، ولكن، وبما أن معظم الهيئات المستقلة ( التي لم تغير قوانينها في عهد هذا المجلس) ما زالت ترتبط برئيس الوزراء، فإن المدير يخضع تلقائيا لهذه المحاسبة حتى وإن لم ينص عليها القانون.
7.الشفافية والنزاهة في عمل الهيئة: نصت تعديلات القانون الجديد على بعض الأحكام التي أثرت على مسألة تضارب المصالح، ومنها:
– كان القانون السابق يمنع الأزواج والأقارب حتى الدرجة الثانية لأي من المدير أو موظفي الهيئة من أن يكون لهم منفعة مباشرة او غير مباشرة في اي استثمار في قطاع الاعلام المرئي والمسموع طيلة مدة عمل هؤلاء في الهيئة، في حين ان القانون الجديد قصر هذا القيد على الأزواج والأبناء فقط.
– كان القانون السابق ينص على ضرورة ان يقدم المدير قبل مباشرة عمله تصريحا خطيا للوزير بعدم وجود أي منفعة له او لزوجه او لاقاربه حتى الدرجة الثانية في هذا القطاع، ولكن القانون الجديد قصرها على الزوج والابناء فقط.
– ألزم القانون الجديد جميع موظفي الهيئة بتقديم إقرار خطي بعدم وجود منفعة للموظف او لزوجه او أبنائه في قطاع الاعلام المرئي والمسموع، بعدما كان الالزام لموظفي الهيئة التنفيذيين الرئيسيين فقط بموجب القانون السابق.
– في القانون الجديد شطبت الفقرة (ج) من المادة التاسعة التي كانت تنص على ملاحقة المدير او موظفي الهيئة بجريمة استثمار الوظيفة او اساءة الائتمان وترك تكييف التهمة للقضاء وفق القوانين سارية المفعول دونما تحديد في نص هذا القانون.
8.موظفو الهيئة: كانوا يخضعون لنظام خاص، ولكن بعد اعادة هيكلة مؤسسات الدولة عام 2011 اخضع الجميع لنظام الخدمة المدنية، ما اقتضى تعديل المادة ( 6/هـ ) لتتواءم مع ذلك.
9.إدارة الهيئة: ألغى القانون في المادة (6/ أ) عبارة “تتألف الهيئة من : المدير والجهاز التنفيذي”، ولكنه أبقى على المدير والموظفين فعليا في باقي المواد، وقد يتيح هذا التغيير في المستقبل تشكيل مجلس ادارة للهيئة حتى وإن لم ينص عليه القانون، باعتبار ان المسكوت عنه مباح، خاصة في ظل وجود مطالبات سابقة لدى المختصين في قطاع الاعلام بإنشاء مجلس ادارة للهيئة مشكل من شخصيات اعلامية مستقلة بالاضافة الى شخصيات من القطاعين الخاص والعام في مجال الاعلام بالاضافة الى قطاع الاعلام المجتمعي، وهو ما قد يتيح لرئيس الوزراء مستقبلا اصدار قرار بتشكيل هذا المجلس، أو ربما يعبر عنه بنظام يصدر وفق احكام المادة 32.
التوصيات في مجال التشريع:
– بعد هذه الإطلالة المقتضبة على أبرز التعديلات التي جاء بها القانون الجديد، تتضح الحاجة الى استحداث قانون موحد يجمع أحكام المطبوعات والنشر والمرئي والمسموع ويخضعها لفلسفة قانونية واحدة وأحكام واحدة وعقوبة موحدة لمرتكبي الفعل الواحد بغض النظر عن الوسيط الاعلامي المستخدم، ودونما تقييد الخاضعين للنص بتعريف الصحفي ( عضو نقابة الصحفيين)، بحيث يستفيد من أحكام القانون كل ممارسي المهنة بغض النظر عن عضويتهم في النقابة من عدمها.
– القانون الموحد الجديد يفضل أن يتضمن نصوصا صريحة وواضحة ومحددة ودقيقة تشمل كل المخالفات التي يمكن ارتكابها عبر وسائل الإعلام المتعددة، كي لا يترك ثغرات تسمح للمدعين العامين بالاحالة الى قانون العقوبات، وهي المشكلة التي يعاني منها الكثير من العاملين في المهنة.
– يجب التحول في التشريع نحو ترجمة نصوص الدستور بكفالة حرية الرأي والتعبير والصحافة، ومواثيق حقوق الانسان ، بما يعزز الحريات الصحافية، ويحمي الدور الرقابي الهام للعاملين في مهنة الصحافة باختلاف وسائطها، وبغض النظر عن عضويتهم في النقابة، وهو ما يستدعي التحول من اعتبار الأفعال المرتكبة علانية عبر وسائط الاعلام المتعددة جرائم إلى مخالفات، تستوجب الادعاء بالحق الشخصي، وليس الحق العام، وفق قواعد القانون المدني وليس الجزائي، وإسقاط عقوبة الحبس كليا من هذه النوعية من الأفعال.
– هناك حاجة ماسة لمراجعة ما يقرب من أحد عشر قانونا تعيق الحريات الاعلامية منها قانون الاحداث وقانون انتهاك حرمة المحاكم ومحكمة امن الدولة ومنع الارهاب وحماية اسرار ووثائق الدولة وحق الحصول على المعلومات وغيرها بما يعزز مناخ الحريات ويزيل العوائق القانونية امام عمل الصحافيين في مختلف وسائل الاعلام.
– ما زالت معيقات الاستثمار في قطاع الاعلام قائمة، منها ما ذكرناه في هذه الورقة في إجابة السؤالين الأول والخامس، ومنها ما يتعلق بالسياسات الاعلامية التي تنتهجها السلطة التنفيذية، وهو ما يستوجب توفر ارادة سياسية حقيقية لإزالة تلك المعيقات وتشريع الأبواب للاستثمار في هذا القطاع دونما قيود مبالغ بها أو هواجس أمنية وسياسية.
– يفضل ان تلتزم الهيئة بدور تنظيمي رقابي دونما دور تنفيذي، كي لا تتحول الى خصم وحكم في الوقت ذاته بالنسبة للمؤسسات الإعلامية.
– آن الأوان لإنشاء مجلس شكاوى مستقل يتمتع بسلطة أخلاقية وقدرة على التنظيم الذاتي للقطاع.
– تدريب الصحافيين في قطاعات الإعلام المتعددة يفضل أن يناط بالنقابة وبمعهد الإعلام الاردني.
– وبعيدا عن التشريع، فإن مشكلة الاعلان في قطاع الإعلام المرئي والمسموع ما زالت قائمة في ظل غياب ثقافة إعلانية لدى المعلن الاردني وعدم وجود قناعة عربية ودولية بنضج السوق الاعلاني في الاردن، وهو ما يستوجب دعم الحكومة لهذا القطاع بإزالة كل العوائق أمامه ومنح إعفاءات من الرسوم والجمارك والضرائب بأنواعها، واستحداث مراكز دراسات محايدة غير تجارية تظهر الارقام الحقيقية لنسب الاستماع والمشاهدة، بما يساعد المعلنين في اتخاذ قرار اعلاني صائب ومجدٍ، وتوزيع الاعلانات الحكومية بعدالة على الوسائط الاعلامية المتعددة وعلى القطاعين العام والخاص وفق تعليمات تصدر لهذا الغرض.
المراجع:
– الاستراتيجية الاعلامية للاعوام 2011-2016 المنشورة على موقع رئاسة الوزراء الالكتروني.
– قانون الاعلام المرئي والمسموع المؤقت رقم (71) لسنة 2002 المنشور على موقع ديوان التشريع والرأي.
– قانون الاعلام المرئي والمسموع لسنة 2015 ( لم ينشر بعد في الجريدة الرسمية).
– قانون نقابة الصحافيين المعدل رقم (24) لسنة 2014 المنشور على موقع ديوان التشريع والرأي.
– قانون المطبوعات والنشر المعدل رقم (4) لسنة 2015 المنشور على موقع ديوان التشريع والرأي.
– قانون المطبوعات والنشر المعدل رقم (32) لسنة 2012 المنشور على موقع ديوان التشريع والرأي.
– قانون جرائم أنظمة المعلومات المؤقت رقم (30) لسنة 2010 المنشور في الجريدة الرسمية في العدد رقم 5056 بتاريخ 16/ 9/ 2010، ص 5334.
– قانون الجرائم الالكترونية لعام 2015 ( لم ينشر بعد في الجريدة الرسمية).
– قانون ضمان حق الحصول على المعلومات رقم ( 47) لسنة 2007 المنشور على موقع ديوان التشريع والرأي.
– مشروع قانون معدل لقانون حق الحصول على المعلومات لسنة 2013 ( لم يقره مجلس الامة بعد).
– مدونة سلوك تعامل الحكومة مع وسائل الإعلام المنشورة على موقع مرصد الاعلام الاردني.