كشفت الازمة التي أثارتها الصواريخ الروسية المتطورة لطهران مدى تعقيد العلاقات التي تربط إسرائيل وروسيا. فعلى رغم القلق الشديد الذي اثاره الاعلان الروسي عن الافراج عن شحنة الصواريخ واعتبار إسرائيل نفسها المستهدفة الاساسية بهذا السلاح المتطور حتى لو كان دفاعياً، فإن مسؤوليها لم يتجرأوا على توجيه انتقادات حادة الى روسيا خوفاً من تعريض شبكة العلاقات الخاصة التي تربط البلدين للخطر.
هناك أكثر من سبب وراء هذا الحذر الإسرائيلي غير المألوف. من ذلك حرص بنيامين نتنياهو على عدم تعكير علاقاته مع حكومة فلاديمير بوتين وان يضيف ذلك الى سجل اخفاقاته الخارجية وخصوصاً في ضوء تدهور العلاقة مع إدارة باراك أوباما. وهناك أيضاً اقتناع المسؤولين الإسرائيليين بان الخطوة الروسية ليست موجهة ضدهم بقدر ما هي رسالة موجهة الى الغرب والى الولايات المتحدة الأميركية بصورة خاصة على خلفية الازمة الأوكرانية والعقوبات التي فرضت على روسيا عقب ضمها شبه جزيرة القرم. ومن المعروف ان إسرائيل التزمت منذ بداية الازمة الأوكرانية سياسة الوقوف على الحياد وعدم التدخل في النزاع حفاظاً على علاقاتها الحسنة مع روسيا، وهي لا تريد اليوم ان توتر هذه العلاقات. والاهم من كل هذا التقدير الإسرائيلي ان الخطوة الروسية تدخل في اطار الصراع على النفوذ في الشرق الأوسط مع الولايات المتحدة تحديداً، ورغبة روسيا في التحول الى لاعب اساسي من خلال تقربها من جميع دول المنطقة من دون استثناء وليس من إيران تحديداً.
مع ذلك، رأى عدد من الخبراء الإسرائيليين في قرار الافراج عن صفقة الصواريخ مؤشراً لتبدل السياسة الروسية في الشرق الأوسط، الامر الذي يثير تساؤلاً هل يكون ذلك على حساب العلاقة الجيدة التي تربط حالياً روسيا بإسرائيل؟
تقوم علاقة إسرائيل مع روسيا على المصالح المتبادلة، وحتى الآن لم يحصل تضارب كبير بينهما على رغم الاختلافات في التوجهات السياسية. فعلى رغم الدعم الذي تقدمه روسيا الى محور إيران – سوريا – “حزب الله”، فقد استجابت لمطلب إسرائيل قبل سنتين عدم تزويد الأسد صواريخ متطورة تعتقد إسرائيل انها ستصل في النهاية الى يد “حزب الله”، والتزمت موسكو الصمت خلال عملية “الجرف الصامد” التي شنتها إسرائيل الصيف الماضي على “حماس” في غزة. في المقابل، التزمت إسرائيل عدم بيع دول مجاورة لروسيا أسلحة متطورة، ووقفت على الحياد في الازمة الأوكرانية. لكن هذا قد يتغير اذا فضلت روسيا علاقاتها مع إيران على علاقتها بإسرائيل.