عروبة الاخباري- خاص – كتب سلطان الحطاب اطلق رئيس الوزراء السابق والذي يشغل موقع عين ومهمة رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الاعيان الضوء في وجه المديونية التي تنمو كالفطر في ظل حالة اشبه بالتعتيم والبعد عن الشفافية تسمح بتوفر مناخ وبيئة رطبة ولزجة لنموها ..
الرفاعي الذي لم تعمر حكومته طويلا لظروف ذاتية وموضوعية محيطة اتسمت بالاضطراب الذي عكسته مرحلة الربيع العربي على الاردن كان قد تقدم لاول مرة ومن اول حكومة ببرنامج واضح يسهل قياسه يحدد الاولويات ويرتبها وزمن الانجاز من جهة السقف والعتبة وقد ناقشنا هذا البرنامج باتساع في المركز الثقافي الملكي حيث اخضع برنامج الحكومة سلفا لنقاش واسع من شرائح عديدة مهنية ونقابية واقتصادية واجتماعية وكان واضحا ومرضيا ..
المناخ المحيط والمعطيات الموضوعية جرفت حكومة الرفاعي التي استبدلت بحكومات تقليدية عادت برامجها الى الارتجال والتخمين ..
نقرا الرفاعي مجددا والذي لم ينصرف الى الاجازة او اللعب مع الاحفاد او السفر وبناء المشاريع في الداخل والخارج والذي لم تاخذ الرطانة والاشاعات الى بيته ليحجز نفسه فيه بزعم حلول مرحلة الفتنة وانما يخرج بين الحين والاخر ليدلي برايه صريحا .. فقد قراته قبل اسابيع وهو يناقش الاوراق الملكية بهدوء وعمق ودلالة ليشكل بذلك نموذجا للدارسين ويرسل للمشتركين في القرار ان عليهم ان يقراوا..
وكان قد خرج من قبل في الجامعة الالمانية وتحدث عن التحولات الاقتصادية والاجتماعية والبرامج والخطط الاصلاحية مؤكدا على الوحدة الوطنية كهدف واحترام الانسان الاردني وجعله الاولوية الاولى وقد كان في ملاحظاته جريئا وعميقا ومبادرا ..
مرة اخرى يطلع الرئيس الاسبق سمير الرفاعي ليعلق الجرس ويتكلم عن المديونية التي صمت الكثيرون ممن تسببوا في ارتفاعها علموا ام لم يعلموا وقصدوا ام لم يقصدوا . مما ادى الى استشراء اثار الدين وعواقبه على الاردنيين الذين دفعوا ومازالوا وسيدفعون الثمن دون ان تقول جهات فاعلة كفى !!..
نعم يا دولة الرئيس ارتفاع المديونية التي تذهب الى ما يزيد عن (30) مليار دولار امر اكثر من مقلق ويمكن ادراج كلمة مقلق في باب الدبلوماسية . ولان الشمس لا تغطى بغربال او حتى رغيف، فان الفهلوة والخطابات والتسويغ واللف والدوران وشراء بعض النواب والتدليس والتباكي ورفع شعارات لا صوت يعلو فوق صوت المعركة .. او الادعاء بمخاطر اكبر يزيد خطرها عن المديونية كل ذلك لا يجوز ولا يجدر باحد مهما كان ان يواصل بيعه علينا..
كلام دولة الرئيس الاسبق ياتي في وقته وفي ساعات حاسمة وصعبة وهو يكتب لذلك روشيتة بعد معاينة وتوصيف ويطالب بضرورة صرفها وان تكون الحكومات القائمة والقادمة قادرة على صرف الروشيتة وليس فقط كتابة اسم الدواء او العودة الى مربعات التشخيص الذي غالبا ما تغير مضامينه..
حكومات متعاقبة.. طغت عليها النزعة البيروقراطية وقصور الفهم العميق لطبيعة الاردن وامكانياته ودوره ..
مارست سلطاتها بشكل قسري بعيد عن التشاور او سؤال المعنيين وراحت تسقط حلولا واراء ما انزل الله بها من سلطان الى ان هرب او جفل المستثمرين فعادت هذه الحكومات لتمسك بالسهل في تدفيع المواطن مزيدا من الضرائب وكذلك في رفع الاسعار ولذا خرّبت علاقة القطاع الخاص الذي صودرت وعطلت الكثير من الامتيازات لمزيد من فرص الاستثمار ..خرّبت هذه العلاقات بالقطاع العام وجعلت بين القطاعين سدا.. بل انها استعدت على القطاع الخاص والحقت اضرارا تشريعية واجرائية وبوسائل مزاجية مع كثير من قطاعاته وخاصة في الجامعات والمستشفيات والشركات ومواقع اخرى ..
اقدر مبادرة الرئيس الاسبق واطلاقه مواقف واضحة في محاضرته في فندق الاردن امس الاول والتقاطه للتحدي الاكبر والذي يجري التعامل مع اعراضه الخطرة بحبات اسبرين وكذلك بعبارات انشائية تفخيمية عن التحديات والقدرات وما الى ذلك ..
لم يجب احد على اسئلة الشباب، ولا على مخرجات التعليم ولا على اوضاع سوق العمل ولا على ازدياد منسوب البطالة او حالة الادمان المزمنة لكثير من القضايا القائمة والمرّحلة .. فمن الذي رفع المديونية خلال ثلاث سنوات لتضاعف ومن المسؤول عن استمرار التعامل باساليب تقليدية عقيمة مع هذه المسالة ..
لابد من تغيير معطيات اللعبة السياسية والاقتصادية والاجتماعية لتغيير الظواهر والاعراض ويصل الدم الى كل الجسم الاردني بلا تخدير او تهميش او قفز عن الحقائق ..
فهده اللعبة التي تركن الى حكومات تنفيذية ضعيفة ومجالس نواب ضعيفة والتفكير بعقلية الوظيفة وغياب المبادرة والابداع وتحمل المسؤولية ومواصلة الاختباء وراء الملك او التظاهر بتحقيق ما يرضيه والابتعاد عما يعتقد هؤلاء انه لا يرضيه.. هذه لعبة اصبحت مكشوفة وغير مسلية ادرك خداعها حتى اطفال المدارس ..
المسالة ليست اصلاحا او عدمه وليس اجراءات او عدمها .. انها مسالة ضرورية تتعلق بضرورة ان تبعث في مجتمعنا ثورة بيضاء تصيب كل مكوناته للبناء عليها بشكل تكاملي . فالمواطن لا ياكل شعارات ولا يتعشى خطب ووعود . يريد شيئا ملموسا ينعكس على حياته اليومية .. وهذا ما اراد الرئيس الاسبق سمير الرفاعي التوقف عنده والتاشير اليه ..
الحجر الذي القاه الرفاعي في مستنقع الاستثمار الراكد كشف مدى عدم صلاحية قانون الاستثمار الحالي وهو ما يذكر بتفسير المعتزلة للقرآن حين عرض على اهل السنة وعلى فقيههم ومفسرهم ابن كثير فكتب على غلاف كتاب الزمخشري مفسر مذهب الاعتزال واسمه الكشاف فيه كل شيء ما عدا التفسير.. فهل اصاب الرفاعي الحقيقة حين قال عن قانون الاستثمار فيه كل شيء ما عدا تحفيز الاستثمار ..
الرفاعي يعود مرة اخرى ليطرق حديدا يعتقد انه اصبح ساخنا بالمشاكل والتوترات في محاولة لاعادة التشكيل له فهو يطرح قضايا الشباب برؤية مختلفة وكذلك الاستثمار كما يعود لتاكيد قضية كثر عليها الجدل وهي قضية خدمة العلم ليربطها بطلب الوظيفة واعتبارها احد المستندات للعبور الى الوظيفة لان هناك شرطين للمواطنة يشكلان الواجبات فيها وهما خدمة العلم ودفع الضريبة وكل ما عدا ذلك نوافل ولا يجوز لاحد تحت شعار التغني بالانتماء ان يطلب اكثر في حين ان حقوق المواطن غير محدودة مقابل هذين الشرطين الاساسيين ..
فخدمة العلم تعني الكثير وتؤسس للكثير في بناء الاجيال الطالعة واستمرار وقفها يعني الكثير من الاعراض السلبية الاجتماعية والحضارية والنفسية والقيمية قبل اي شيء اخر ..
اذن انتهى موسم البكاء على السلام والذي لا تقدر اسرائيل الدموع المذروفة فيه وعليه وهل الغت حل الدولتين من جانبها وتركت الامر معلقا والفراغ خطيرا ولذا يجب ملؤه بالاستعداد والحيطة والحذر واعقل اولا وتوكل .. وكلمة اعقل معناها تدرب واخدم العلم وكن مستعدا لحمايته..
تحدث الرفاعي في فضاءات واسعة ومواضيع عديدة عراقية وسورية واردنية وحلق عاليا وبعيدا ولكنه ظل يلتقط الحبل الوطني ويدعو الى ضرورة الانقاذ والخروج من الدائرة المغلقة والميدان الضيق الى افق ارحب يعبر فيه الاردنيين بارادة قائدهم عن ارادتهم وقناعتهم وشراكتهم حتى لا يظلوا متفرجين على هدم المعبد او انهيار الاسوار المحيطة وحتى يكون لهم المبادرات دائما ..
سمير الرفاعي يشعل الضوء في وجه المديونية ! ويعلق الكثير من الغسيل على الحبال
12
المقالة السابقة