عروبة الإخباري – بدأت اليوم أعمال النسخة الرابعة عشرة لندوة تطور العلوم الفقهية تحت عنوان فقه العصر: مناهج التجديد الديني والفقهي التي تنظمها وزارة الأوقاف والشؤون الدينية، تحت رعاية الشيخ محمد بن أحمد الحارثي، مستشار الدولة وتستمر حتى 8 من شهر أبريل الجاري.
شارك في افتتاح الندوة التي تعقد بفندق جراند حياة مسقط، وزير الاوقاف والشؤون والمقدسات الاسلامية الدكتور هايل داوُد من الاردن وجمع من أصحاب المعالي وزراء الأوقاف والشؤون الإسلامية، وأصحاب السماحة مفتيي الدول العربية والإسلامية وعلماء من دول مجلس التعاون والدول العربية والإسلامية ورؤساء بعض الجامعات العربية.
وقال الشيخ الدكتور عبد الرحمن بن سليمان السالمي رئيس اللجنة المنظمة في كلمة الوزارة ان المسلمين امتلكوا عبرَ العصورِ فِقهاً للدِينِ، وفِقهاً للعيشِ. وكِلاَ الأمرينِ جَرى تكوُّنُهُ، وَجَرتْ تنميتُهُ وتطويرُهُ، استناداً للكتابِ والسُّنَّةِ، وَتجارِبِ المسلمينَ مع نصوصِهم وسلفِهم فَهماً وعَيشاً- وَمعْ إدراكاتِ جَمَاعاتِهم للمصالحِ في العِلاقاتِ فيمَا بينهُم، ومَع الآخرِ المحلّيِ والعالميِ.
واضاف رئيس اللجنة المنظمة إنَّ مَناهج الاجتهادِ والتَجديدِ وآلياتهِ، في تِلكَ الأَزمنةِ، كانتْ تتمُّ ضِمنَ المنظومةِ السالفةِ الذِكْرِ، ومِنْ دَاخلهِا، وضِمَنَ القواعدِ الثلاثِ التي استَقَرَّ العَملُ بمِ قْتَضاهَا: النَصُّ القُرآنيُ والسُنَّةُ النبويةُ، واجماع المسلمينَ وأَعرافُهم، وآلياتُ الاستنباطِ المتمثلةِ في القياسِ الفِقْهيِّ الذيْ نَمتْ البحوثُ بشأنِ جُزئياتِهِ نُمواً كبيراً. وبخلافِ الانطباعاتِ السائدةِ عَنْ تَوقُّفِ الاجتهادِ وانسدادِ بابهِ قَبلَ ثلاثةِ قرونٍ وأكثر؛ فإنَّ التطوير النظري، والمبادراتِ العَمليةِ، ظَلَّتْ جَاريةً بِحَسبِ الاحتياجاتِ، وبحسبِ المفاهيمِ المُتعارَفِ عَليها للتعامُلِ الفِقهيِ والمصَلحيِ. والمصالحُ كما هو معروفٌ ، صَارتْ مقصداً من مَقاصدِ الشرعِ، وعَملاً مِنْ أعمالِ النظرِ الفردي والجماعي.
واشار الشيخ الدكتور عبد الرحمن بن سليمان السالمي رئيس اللجنة المنظمة الى أن المشهد تغير كلُّه مُنذُ النِصفِ الثاني مِن القرنِ الرابعِ عشر الهجري فَقدْ تَصاعَدَتْ دَعواتٌ تغييريةٌ مِن نوعٍ آخرَ حيث دَعا الكثيرون إلى / فتحِ بابِ الاجتهادِ/ الذي اعتبروا أن بابه قد انسدَّ. وتناولُوا بالنقدِ آلياتِ الاجتهادِ الفقهيِ، واتخذَ النقدُ أَحدَ مسارَين: مسارِ العودةِ المباشِرةِ للكتابِ والسُّنةِ مع محاولة تخطي التقليد الفقهي ومسارِ الإصلاحِ الديني الذي يُريدُ العودةَ للمصادرِ أيضاً، لكنّهُ يَستهدِفُ التلاؤمَ مع ظروفِ العصرِ ومُتغيراتــِهِ.
وقال رئيس اللجنة المنظمة انه لمَ يعُدْ أحدٌ يتحدَّثُ عَن التقليدِ باعتبارهِ البداية والنهاية. لكنْ باعتبارهِ ضِمنَ العَملِ في الاجتهادِ والتجديدِ، هُناكَ مَنْ يريدُ فَهمَ التقليدِ وتجاوزَهُ. وهُناكَ مَن يُريدُ فَتحَ التَقليدِ ونقدَهُ والبِناءَ عليه إنَّ اتجاه فتحِ التقليدِ ونقدِهِ والانتقاءِ مِنهُ، هُوَ الذيْ قامَ بالأعمالِ الكُبرى في المجالِ الفقهيِ في القرنِ الرابعِ عَشرَ الهجريِ.
واختتم الشيخ الدكتور كلمة الوزارة بان خِطَّةَ ندوةِ “فِقهِ العَصرِ”، وباجتهادِها الإِنشائي تَنحُو ثَلاثةَ مَناحيْ، الأولُ عَرْض مَا تمَّ لهذهِ الجهةِ سواءٌ في إنتاجِ النُظُمِ أو الاجتهاداتِ الفَرديةِ. والثاني عرضُ الموضوعاتِ الخلافيةِ سَعياً للوصولِ إلى تَوافُقاتٍ حَولَها. والثالثُ طَرحُ مَسائلَ استشرافيةٍ في كُلِّ أبوابِ النَدوةِ تقريباً.
سماحة المفتي العام للسلطنة
وقال سماحة الشيخ أحمد بن حمد الخليلي المفتي العام للسلطنة في كلمة له ” إن الإلتقاء في هذه الندوة المباركة لفرصة سعيدة والتي تعنى بتطور الفقه ومن المعلوم بداهة أن المسلم فرداً ومجتمعاً وأمة هو بحاجة إلى الفقه في الدين لأنه يضطلع بأمانة الله سبحانه وتعالى ويسير على نهج الله ، فالإنسان خلق ليضطلع بأمانة ثقلت على السموات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الإنسان لذلك كان على المسلم أن يحمل هذه الأمانة بجدارة وبمعرفة وبصيرة فلا يتهور كما يتهور الآخرون.
وأضاف سماحته انه ينبغي على المسلم أن يحرص دائماً على مراعاة أوامر الله سبحانه وتعالى ونواهيه في كل ما يقدم عليه وما يحجم عنه وهو مسؤول عن العالم بأسره ومسؤول عن توجيه هذا العالم إلى الخير وتبصيره وهدايته وانتشاله من الضياع .
وبين سماحة المفتي العام للسلطنة ان الله سبحانه وتعالى جعل طبيعة البشر متطورة تنشأ معها مشكلات متعددة وهذه المشكلات هي بحاجة إلى تسليط الضوء عليها وإعطاء كل مشكلة حلولها المناسبة. وأوضح سماحته أن اللقاءات التي تتم بين الفقهاء هي المحاضن لعلاج المشكلات التي تفرزها تطورات الحياة الإنسانية ، ودعا سماحة الشيخ أحمد بن حمد الخليلي المفتي العام للسلطنة الفقهاء إلى أن تكون كلمتهم بمثابة البلسم الشافي لأجواء هذه الأمة ومعالجة مشكلاتها.
وقال فضيلة الشيخ الدكتور شوقي إبراهيم علآم مفتي جمهورية مصر العربية في كلمة له ” إن لكل عصر مستجداته ومشكلاته ولا ريب أن علماء الأمة قاموا بواجب الوقت في كل عصر فألفوا وفرعوا وأعطوا الحلول العملية للمشكلات التي تحدث للأمة موضحا أنه عند معالجة قضايا العصر يجب ألا تكون النظرة أحادية بل ينبغي أن ننظر إلى اجتهاد الآخرين. وأضاف فضيلته ” إننا أمام مشاكل عديدة في هذا العصر وإننا نؤمل على علمائنا وفقهائنا في هذه الندوة أن يخلصوا إلى نتائج من واقع بحوثهم ومن واقع افكارهم السديدة لعلاج هذه المشكلات بما يتفق وبأصول الشرع من الله سبحانه وتعالى.
ومن جانبه أوضح سماحة الشيخ آية الله أحمد مبلغي في كلمة له ” إن هذه الندوة تركز على موضوع مهم للغاية ولا شك ان دفع الفقه نحو العصر تتم محاولة تحقيقه بوضع القضايا المستجدة والعصرية على طاولة دراسات الفقه واستنباطاته وهذا الموضوع بحاجة فورية إلى تحقيق وتعميق دورٌ أكثر أداءاً وفاعلية.
ويهدف الندوة إلى إستعراض مسيرة الاجتهاد الإنشائي في العصر الحديث من خلال فقه العصر: «مناهج التجديد الديني والفقهي» كما تبحث منهج الاجتهاد المعاصر الذي يتم بموجبه وضع رؤية فقهية مستقبلية موائمة بين الماضي والحاضر، وذلك من خلال 54 بحثا تتمثل مناقشاتها في سبعة محاور.
الجلسة الاولى
وتضمنت أعمال اليوم الأول للندوة جلستين تناولت الجلسة الاولى محور/ الأصول النظرية لفقه العصر.. وجاءت الورقة الاولى بعنوان / مسألة تطبيق الشريعة / قدمها فضيلة الشيخ الأستاذ الدكتور شوقي علام وجاءت الورقة الثانية تحت عنوان / التكيف الفقهي وأهميته وآلياته / قدمها الشيخ أفلح الخليلي كما جاءت الورقة الثالثة تحت عنوان / التقليد الفقهي وإمكانيات الحراك والتجديد / قدمها الاستاذ الدكتور رضوان السيد وقدم عبدالمحمود أبو إبراهيم ورقة عمل بعنوان / مسارات الإصلاح في الفقه والأصول / وجاءت الورقة الأخيرة في المحور الأول بعنوان / نظرية الحكم الوضعي وأمكانيات التجديد والتغيير / قدمها الأستاذ الدكتور محمد كمال إمام .
الجلسة الثانية
وتضمنت الجلسة الثانية محور / النظريات الفقهية والمسار الجديد / وتناولت الجلسة تقديم ورقة عمل بعنوان / نظرية السنة النبوية : التاريخ والإشكاليات / قدمها الأستاذ الدكتور سعيد شبّار فيما قدم الأستاذ الدكتور نور الدين الخادمي ورقة عمل بعنوان / نظرية العرف في المذاهب الإسلامية وإمكانيات التجديد / وقدم الدكتور صالح بن سعيد الحوسني ورقة عمل بعنوان / نظرية العمل في المذاهب الإسلامية / كما تم تقديم ورقة عمل بعنوان / نظرية الاستصحاب في المذاهب الإسلامية وإمكانيات التجديد / قدمها الأستاذ الدكتور عبدالحي عزب رئيس جامعة الأزهر . من جانبه قدم الأستاذ الدكتور أحمد مبلغي ورقة عمل بعنوان / نظرية المصلحة في المذاهب الإسلامية بين العلة والمقصد / كما تم تقديم ورقة عمل بعنوان / نظرية الاستحسان عند الفقهاء وإمكانيات التجديد / قدمها الأستاذ الدكتور عبدالرحمن الكيلاني واختتمت أعمال الجلسة الثانية بتقديم ورقة عمل بعنوان / الفقه المعاصر: رؤية فلسفية / قدمها الأستاذ الدكتور محمد الشيخ.