عروبة الاخباري – خاص – كتب سلطان الحطاب – يعود السلطان قابوس بن سعيد .. ابن السلالة الممتدة لعقود طويلة في عمق التاريخ الى عرينه، وسط استمرار الادعية المرفوعة والالسنة اللاهجة بان يحفظ الله رمز العمانيين وعنوان وحدتهم الوطنية ..
لقد بنى السلطان قابوس عمان الحديثة على اسس راسخة لم تتزلزل في غيابه، بل انها كانت اكثر تماسكا وجلدا وصبرا وقدرة على الاداء لتصون انجازات العمانيين الذين قادهم السلطان نحو اهدافهم بعد ان اطلق في يوم النهضة قبل اربعة عقود ونصف النهضة وتعهدها الى ان اثمرت في هذه الانجازات الكبيرة التي لا تحصى ..
منذ ذلك الزمن وعد السلطان شعبه واوفى واعطى شعبه حبا هاهو يحصده اليوم وهم يستقبلوه بعد انتظار صعب..
لقد اعرب السلطان الجملة العمانية حين استبدل التخلف بالتقدم والامية بالتعليم والامراض بالصحة والظلم بالحرية والتبعية بالاستقلال والحاجة بالوفرة واليأس بالامل واصبحت عمان اليوم موضع تقدير العالم وانعقاد رجائه لدورها في المنطقة ولامتلاكها فائض عطاء ترجمته سياساتها الخارجية في ادوار من الوساطات وحل القضايا العالقة وتصفية الخلافات والسعي بين الامم والشعوب بالعدل ..
لم يكن السلطان قابوس في تاريخ عمان المعاصر منذ النهضة عام 1970 شخصية عابرة او زعيما او حتى سلطانا من بين سلاطينها بل كان رمز ذلك كله فهو باعث النهضة التي اثمرت كل هذه الانجازات المتحققة في التعليم والصحة والزراعة والازدهار بكل مكوناته ..
لقد كرس السلطان حياته الممتدة باذن الله في سبيل خدمة بلده وابناء شعبه وهو ما اصبح يدركه القاصي والداني وكل مراقب موضوعي له مصداقية ..
تعود الاطلالة السمحة الى فضاء عمان .. يعود السلطان الى كل التفاصيل العمانية التي لم يغب عنها .. الى الشارع والمدرسة والكلية .. الى بيوت العمانيين جميعهم والذين انتظروه بصبر ورجاء.. الى جبالهم ونجوعهم وبواديهم وصحرائهم وبرهم وبحرهم .. وقد حملت لهم اطلالته البشرى في استكمال رسالته ومبادلتهم الود والمحبة ..
ملايين الرسائل العمانية المكتوبة وغير المكتوبة والمقروءة والتي يلهج بها الشيوخ والاطفال والنساء والرجال .. الاغنياء والفقراء.. تتدفق الان الى عنوانها لتحمل للسلطان المباركة وللشعب كله الامنيات بدوام الصحة لمن اعطى العمانيين كل زمنه حتى وضعهم في المكانة التي يرجونها وعلى الخريطة التي يتميزون بها ..
ظل السلطان في غيابه للعلاج على كل لسان عمانية وعماني وقد كنت استمع لمن يحدثونني عنه في زيارتي الاخيرة لادرك تماما ان من احبه الله حبب اليه شعبه ومن احب شعبه واسعده لن يعذبه الله ولن يخذله في رجاء او دعاء..
سماء عمان اليوم اكثر صفاء واشراقا، وبحرها اكثر سحرا وهدوءا وجبالها اكثر شموخا وارضها اكثر اخضرارا، واهلها اكثر حبورا وسعادة ورجاء واطفالها اكثر سرورا وابتسامات ، يلوحون بصوره ويرفعون الاعلام تحية له ويهتفون بحياته التي تمثل عودة الروح لكل عمانية وعماني ..
نعم انها عودة الروح وقد لا يدرك البعض ممن لا يعرف عمان واهلها وشعبها عمق تلك الصلة التي تربط العماني بالسلطان ..
كاد البعض ممن عرفوا حكمته وعطائه ان يفتقدوا ذلك لغيابه وقد قالوا انه في الليلة الظلماء يفتقد البدر اما الامة التي احبها السلطان وخدمها بوعي وموضوعية بعيدا عن الشعارات والمهاترات فقد احست بفراغ غيابه حين كانت التحديات تزداد في الخليج وفي مجلس التعاون الخليجي وفي اليمن المجاور وحتى في العراق وسوريا وبقية الارض العربية ..
كان لغيابه لسعة مرة وقد افتقدته قيادات عالمية عديدة ظل على صلة بها حتى وهو في مرضه..
كنت علمت انه يوميا ومن غرفة المستشفى او غرفة منزله في المانيا كان يطالع عمان كل صباح ما استطاع، كان يصافح فجرها بقراءة نبضها سواء كانت راضية ام شاكية مطمئنة ام قلقة .. كانت تسال عنه وتسهر في انتظاره وتتالم لغيابه .. انها أمه التي ادخرته لزمنها الجميل ومستقبل اجيالها وكان يسال عنها ويضعها صنو حياته ورفيقة تفكيره.. كان على خط ساخن معها لم تفارقه للحظة ولم يفارقها . وها هو يعود ليلامسها وتصافحه وتستقبل طلته البهية في افقها وفضائها ..
اليوم هذا عرس عماني فالوعد بين العاشق والمعشوقة يتجدد والعهد يستمر. وطريق الوفاء مازال يعد بمزيد من الانجازات والمكاسب..
وعمان التي لم تبح بالمها وشكواها تستطيع الان ان تعبر عن حنينها للقائه ومودتها له واحتفائها بعودته وان تقول كل الذي تريد ان تقوله حتى يخبرها سلطانها بما ظل يحمل لها من اماني وامنيات..
الان يدرك العرب شعوبا وقادة اهمية ودور السلطان قابوس في بناء بلده بعد ان ذهب الزبد وبقي ما ينفع الناس في عمان التي حققت نموذجا عزّ مثيله..
رسالة السلطان الان للعمانيين .. هي رسالة الشكر الموصول بان يواصلوا رص صفوفهم والتمسك بانجازاتهم وتفويت الفرص على المتربصين والكارهين والمشككين والناقدين لغير وجه المصلحة الوطنية..
تخرج عمان الان لملاقاة السلطان على بكرة ابيها في مشهد قد لا يتكرر الا في الافلام لان رسم السلطان في كل قلب عماني وصورته في كل عين ومآثره في كل انحاء الوطن ..
بعودته سالما معافى ان شاء الله فان الالسنة ستواصل اللهج بالدعاء ان يحفظ الله السلطان قابوس وان يطيل في عمره وان يمكنه من قيادة شعبه لمساحات اوسع ومدى اطول..
لقد امن العمانيون بسلطانهم قابوس وانتظروه بصبر واحتساب لم يفزعوا من القدر ولم يياسوا من الامل ولم ينقلبوا على اعقابهم او يرتدوا عن انجازاتهم ونهجهم الذي علمهم فكانوا النموذج النادر في عالمنا العربي . فهنيئا للعمانيين بعودة سلطانهم سالما معافى وهنيئا للسلطان بهذا الشعب الوفي ..